ليس من مصلحة الكرد ربط قضيتهم باجندة حزب العمال الكردستاني التركي وخصوصا الكرد في كركوك. فهذا الحزب له قضية تتعلق بالداخل التركي، وليس امتداداته في العراق الا مشكلة للكرد قبل العراقيين الاخرين. كما ليس من مصلحة كرد كركوك بالذات ربط مطالبهم السياسية بأزمات حزب العمال مع الحكومة التركية، فهذا خلط للاوراق تريده انقرة ودول الاقليم، ولا يحقق الهدف العراقي والهدف الكردي ايضا في جعل العراق بمنأى عن التدخلات الاقليمية.


ولمن لا يعلم او لا يتذكر أو يتجاهل حقائق التاريخ القريب فان حزب العمال الكردستاني لم يخدم كرد السليمانية واربيل في شيء، بل كانت قضيته وسياساته واخطاء قادته عبئا ثقيلا على كرد اقليم كردستان يوم كان الكرد يعانون من حصار سياسي ظالم فرضه صدام حسين بمباركة من محيط إقليمي عز عليه قبول عامل جديد في السياسة الشرق الأوسطية، وهو العامل الكردي في كردستان العراق الذي وصفه عبدالله اوجلان من سجنه في أميرالي ذات مرة بـأنه (خنجر مسموم في الخاصرة العربية!?


كان PKK في أوج قوته عبئا كبيرا بسياساته الاستفزازية على تجربة اقليم كردستان وظل عبئا بعثراته في زمن ضعفه وهوانه. لذا فان التقييم الحقيقي لـ(المظاهرة الكركوكلية) التي نظمتها مجموعة من الشباب لتأييد حزب اوجلان، فإن تلك التظاهرة لا تعدو سوى ( مراهقة سياسية ) إن جاز التعبير، أوهي محاولة طفولية لخلط الاوراق بين قضايا عدة محلية واقليمية، فهي لا تفيد الكرد في شيء، ولن تنقذ حزب العمال من أزمته الراهنة، مثلما لم تمنع المظاهرات الصاخبة في امريكا و اوربا من كبح جماح الدول العظمى في شن حروبها الخارجية.


وفي الجانب الاخر من الصورة فليس من مصلحة التركمان في كركوك وصف حزب العمال الكردستاني بتعابير السياسة الرسمية التركية التي تسمي كل من يطالب بابسط الحقوق من الكرد والاخرين بالارهاب، فما الذي يجنيه المواطن التركماني من وصف الاعلام التركماني للمنظمة الكردية في تركيا باوصاف الارهاب والعنف؟ وما علاقة السياسة التركمانية في كركوك بالمشكلة الكردية في تركيا والتي عمرها اطول من عمر السياسة في كركوك منذ سقوط النظام البعثي.


لماذا هذا التحدي لمشاعر المواطنين الكرد الذين يستفزهم شتم حزب العمال لمجرد انهم من الكرد و ليس تأييدا لسياساته؟
ان الكرد والتركمان في كركوك مطالبون بالحوار المباشر حول قضايا الهم المشترك، حوار يتعلق بالشأن الكركوكلي والتعاطي بايجابية مع مطاليب بعضهم البعض. وبدلا من (المغازلة) في قضايا اقليمية، وبدلا من الخروج في مظاهرة لتأييد اوجلان ووصم المتظاهرين وPKK بالارهاب، فان الاولى بالطرفين ان يتحدثوا مباشرة في مستقبل كركوك وحاضره، في اعمار المدينة وتآلف قلوب اهلها بالحب و التعايش السلمي وقبول الاخر.
فالانشغال الكردي التركماني بالهم الاقليمي ليس أرتقاءا بالسياسات المحلية بل هو هروب من الواقع المر الذي يتطلب مواجهته بشجاعة.

ستران عبدالله