في موقعها على النت، وضعت قناة الجزيرة، عنوانا حول أحداث الأمس في بيروت الجريحة، يقول العنوان حرفيا(الجيش اللبناني يحقق بالأحداث وحزب الله ينتقد الحكومة) هذا العنوان يعبر في وجه صارخ من وجوهه عن أزمة لبنان في العرب، وكأن الحكومة هي من نزلت إلى الشارع، وهي من أطلقت النار على البشر، وهي من أشعلت إطارات السيارات في الشوارع، وهي من تحاول أن تجر لبنان إلى حرب أهلية، بانتظار ما ستسفر عنها مفاوضات الحكومة اللبنانية بشأن الملف النووي اللبناني، والحكومة اللبنانية هي من تحاول الهروب من تبعات المحكمة الدولية، وهي من يجب أن تسلم سلاحها لدولة حزب الله وقناة الجزيرة، كما قال مرة أحد الخبراء الإعلاميين مازحا في مؤتمر، ردا على سؤالي: حول الإعلام والعنف، فقال لي: إذا لم يعد هنالك حروب وعنف وفوضى في العراق وأفغانستان وفلسطين..الخ


فماذا ستفعل عندها قناتي الجزيرة والسي إن إن الأمريكية؟ إن السذج من أمثالنا، لا يحتاج إلى كثير عناء ليستنتج: أن العنوان يشير إلى الطرف الشرعي والوحيد في معادلة الجزيرة اللبنانية، وهو هنا حزب الله وملحقاته، فهو ينتقد الحكومة ويحملها مسؤولية إنزال مسلحيها إلى الشارع، ولم يشر خبر الجزيرة إلى موقف حركة أمل التي قالت على لسان أحد مسئوليها، السيد علي خليل، أنها كانت ضد نزول الناس إلى الشارع، وأخذت نفس موقف الحكومة الذي يدعو إلى النظام، والتحقيق في ملابسات القضية، ثم الجميع يعرف، أن الحكومة اللبنانية لا تواجد لها في تلك المنطقة الإيرانية! مع العلم أن تلك المنطقة الإيرانية، لا يوجد فيها مشكلة كهرباء، وهؤلاء الناس نزلوا إلى الشارع على خلفية هذه المشكلة! حيث لا تجرؤ الحكومة اللبنانية على التقنين في الكهرباء في تلك المنطقة، وإلا سيكون هذا التقنين خادما للمشروع الإسرائيلي، وضد المقاومة اللبنانية، ومع حصار غزة. لهذا أيضا على الحكومة اللبنانية تسليم سلاحها إلى حزب الله، لا يجب أن يكون هنالك سلاحا غير شرعي في لبنان، باستثناء سلاح الحزب الموجه ضد العدو الإسرائيلي، وهذه الشرعية الوحيدة التي تعطيها قناة الجزيرة في لبنان، بالقرب من مكتب الممثلية الإسرائيلية في الدوحة. أية حكومة هذه لا تستطيع الدخول إلى أحياء عاصمتها؟

ولا تستطيع أن تطبق نفس الإجراءات على كل أحياء هذه العاصمة، فالجيش يستطيع الدخول إلى كل المناطق ماعدا المحميات الإيرانية المتوزعة هنا وهناك، لهذا قبل أيام صرح أحد المسئولين الإيرانيين، بأنهم لا يستقبلون السيد فؤاد السنيورة، ولا دبلوماسيا حتى! كما أنه لا يحق للحكومة اللبنانية، حتى عندما كانت الحكومة حليفة لحزب الله، أن تتدخل في المفاوضات الإيرانية الإسرائيلية بشأن تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل! فما نفع هذه الحكومة، لتسلم سلاحها إلى حزب الله، وليأتي الجنرال عون، إلى الرئاسة بعمامة سوداء مخملية، ويصبح فقيها.

إن ما يجري في بيروت، خصوصا بعد أن عقدت فصائل الشقاق الفلسطيني مؤتمرها في دمشق، وأعلنت أنها تريد فلسطين من النهر إلى البحر، والحصار الدموي الإسرائيلي لغزة، ليس من أجل القضاء على حركة حماس أو وقف إطلاق الصواريخ الخلبية، كما تدعي إسرائيل في إعلامها، بل من أجل إعطاء فسحة جديدة للفوضى في المنطقة، علها تستطيع إيجاد وضع دولي أفضل بالنسبة لإسرائيل وإيران وسورية، من أجل إدارة إقليمية للفوضى. لأن أمور العرب وأبناء عمومتهم مترابطة كلها، لهذا يخطر في البال سؤال: ماذا يفعل الآن خالد مشعل في المملكة العربية السعودية؟

غسان المفلح