في الوقت الذي أخط فيه هذه الأسطر، يتعالج في المستشفيات الفرنسية خمسة وزراء في الحكومة الجزائرية الحالية و أربعة رؤساء حكومة سابقون ولواء متقاعد في الجيش الجزائري.

هذه الظاهرة الغريبة تطرح علامات استفهام كبيرة وعلى أكثر من صعيد، وتجعل المواطن يتساءل في حيرة عن مصير هذا الوطن في ظل حكم هؤلاء؟

أولا: الظاهرة تبعث إلى المواطنين البسطاء برسالة مفادها، أن المستشفيات المحلية لا تصلح إلا أن تكون مقبرة للموتى فلا تثقوا فيها، فإن أردتم الاستفادة من الكفاءات العالية والرعاية القصوى في مجال التطبيب فعليكم أن تشدوا الرحال خارج الوطن.

ثانيا: إن مصطلح السيادة الوطنية الذي كثيرا ما يتردد على ألسنة المسؤولين ماهو إلا ذر للرماد في العيون، فهو لا يتعدى أن يكون سلعة تُساق للأغبياء. خصوصا عندما يتعلق الأمر بمستعمر قديم مايزال يرفض الاعتذار عن جرائمه وهذا ما جعل الرئيس الراحل هواري بومدين يعزف حتى عن زيارة أراضيه.

يعرف القاصي والداني بأن التقارير الطبية عن المسؤولين الكبار كنزٌ معلوماتي ثمين، ونحن في زمن الركض وراء المعرفة في حرب غير تقليدية تترصد المعلومات بأي طريقة، فلا يمكن لهذه التقارير أن تظل حبيسة أدراج المستشفى، بل ستستفيد منها جهات أخرى، فنوعية المرض، وتحاليل الدم والحمض النووي، وكيفية استجابة المريض. كلها معلومات مطلوبة بحسب أهمية ومركز المريض في سُلّم وظيفته السياسية.

ثالثا: في الدول التي تحترم مواطنيها يُعيَّن المسؤول على أساس الكفاءة واللياقة. فاللياقة البدنية من ضرورات العمل السياسي الذي يتطلب حركة ونشاطا، بغرض الاستجابة لضغوطات العمل التي يفرضها الواقع السياسي. وإذا كان المسؤول شاحبا، مترهلا، منهَك القوى، بطيء الحركة، فليس هناك من معنى للاحتفاظ به والصرف عليه من خزائن الشعب.

رابعا: لماذا يحبّ المسؤولون الجزائريون فرنسا ويعشقونها؟ مع العلم بأن أحسن المستشفيات الأوروبية ليست في باريس وإنما في فيينا، لكن ما عساني أقول، إذا كان رب البيت للدف ضاربا فشيمة أهل البيت: الستريبتيز.

سليمان بوصوفه