الفيدراليه هي مصطلح غربي يٌعبر عن شكل نظام حكم لمجموعة من الأقوام أو مجموعة من الأقاليم والدول ترى في مصلحتها التوحد في دوله واحدة مع الأحتفاظ بثقافاتها وهويتها وضمان المشاركه السياسيه والاجتماعية في أدارة تلك الدولة، وقد طبق نوع شبيه بهكذا نظام في زمن الدوله الاموية والعباسيه وبصورة أقل في الدولة العثمانية، وكانت نوع متطور لنظام حكم طبق على دولة تمتد من أقاصي المغرب الى أقاصي المشرق وهي الدولة العباسيه التي جمعت تحت جناحها من الأجناس والأعراق واللغات واللهجات والمذاهب وحتى الاديان ما لم تستطع أي دولة جمعه في ذلك العصر تحت حكم أسلامي وفر حدا معقول من العدالة والمساواة بين تلك الأمم والأجناس وفي عهد عصورها الذهبية في ذلك الوقت.

أما في عصرنا الحديث فأن النظام الفيدرالي طبق في دول عديدة وأغلب الدول التي طبق فيها كانت أصلا دويلات أو أمارات أو كيانات منفصلة أو مستعمرات سابقة تابعة لدول أستعمارية، فضلت الأندماج والتكتل مع دول أو كيانات أو أمارات أخرى تماثلها دينيا أو ثقافيا أو أجتماعيأ، تجمعها مصالح مشتركة، أو خوفا من جيران أقوياء يحيطون بتلك الدويلات أو الكيانات جعلها تتكتل وتتحد مع الذي يناظرها بالمصلحة وبعض القواسم المشتركة الأخرى التي ذكرناها، ومنها على سبيل المثال كثير من المستعمرات البريطانيه السابقة كالولايات المتحدة الامريكية وكندا والهند، أضافة الى المانيا التي تطبق الفيدرالية لكنها فيدرالية تقترب كثيرا من المركزية ودول أخرى عديدة مثل الأمارت العربية المتحدة،ولا يخلوا النظام الفيدرالي من مشاكل، ففي كندا مثلا تبرز بين الحين والآخر دعوات مطالبة بأنفصال كيوبيك المقاطعة التي يتحدث سكانها الفرنسيه، علاوة على مقاطعات الهنود الحمر التي بدأت تنادي بالأنفصال وتسيير شؤونها بنفسها، ولا يختلف الحال في الهند وروسيا،لكن كل هذه المشاكل المرافقة للنظام الفيدرالي إلا أن أغلب دْوله التي طبقت هذا النظام قامت بأحترام بنوده وعقد الشراكة الموجود فيه وبنسبة كبيره.

أما بالنسبة للعراق فأن الذين يريدون تطبيق هذا النظام بالعراق من قادة الميليشيات الكرديه والذين يحاولون جاهدين تمرير مشاريعهم الشيطانيه على العراقيين بتحالفهم مع هذا الطرف أو ذاك حسب مصالحهم وكأن العراق كان تركه لهم ومن على شاكلتهم، يحاولون خلق شكل لنظام حكم لا يشبه حتى الفيدرالية المتعارف عليها، فما يطالبون به هو أكثر حتى كونفدرالية، هو أبتزاز،وسرقة، وتعدي سافر لو حدث لأي بلد آخر لأعلن الحرب عليهم،فهم خرقوا ما يًسمى ببنود وروح النظام الدستوري الفيدرالي المتعارف عليه تاريخيأ وشوهوها، والذي ينص على بعض البنود المهمة المطبقة في الدول التي أختارت الفيدرالية نظامأ لها، ومن هذه البنود التي شوهت العصابات المتحكمة في شمال العراق معانيها هي:

1_ وحدة الشعب في الدولة الفيدراليه، وهذا البند قد شوهوا معناه وعملوا على النقيض منه فهم كرسوا العرقيه والعنصريه بأبشع صورها، فهم لا يسمحون للعرب العراقيين أو التركمان العراقيين من دخول محافظات العراق الشماليه والتي يطلقون عليها زورا بأقليم كردستان، ونحن لم نسمع أبدا بأن مواطني كاليفورنيا لا يستطيعون زيارة ميشغان مثلا.
2_ وحدة علم الدولة الأتحاديه، وهم لم يحترموا هذا البند، بأصرارهم على عدم رفع العلم العراقي في محافظات شمال العراق وهذا خرق أخر لبنود وقوانين النظام الفيدرالي، فألمانيا مثلا ترفع علما واحدا وروسيا ترفع علما واحدأ والولايات المتحده ترفع علما واحدأ،أن الأصرار على عدم رفع العلم هو للتغطية على فسادهم وسرقاتهم التي ترتكب بحق مواطنينا الكرد وبحق العراقيين عامة، لذلك ضخموا قضية العلم لحرف الأنظار عن تلك الجرائم.

3_ وحدة المؤسسات العسكريه والتي يجب أن تكون بيد السلطة الاتحادية فقط، وهذا البند قد تم خرقه بتسليحهم للميليشياات وخلق مؤسسة ميليشياويه شبه عسكرية يحاولون أضفاء الشرعية عليها عن طريق المطالبة بتسليحها من قبل ما تسمى بحكومة المركز الضعيفة، ولكنها أي هذه الميليشيات لا تتبع لأوامر المركز،فكيف تًسلح بأموال المركز ولا تتبع لما يسمى بالحكومة الإتحادية؟أن هذا هو لي الذراع والإبتزاز بابشع صوره.
4_ وحدة القوانين والقضاء والتي يجب أن تكون بيد سلطة المركز،وحتى ولو وجد قضاء في الاقاليم لكنه يجب أن يماثل الى حد كبير قوانين القضاء في السلطة الاتحادية ( حسب قوانين الفيدرالية الحقيقية والشراكة الصحيحة)، وهذا البند لم يسلم من التشويه والخرق، لأنهم أوجدوا قضاء يتستر على فسادهم وفساد حاشيتهم ولا تتم محاسبة من يلبس الزي الذي يميز عشيرة قائد أحد هاتين الميليشيتين عن بقية الأزياء في شمالنا الحبيب أن قام بجرم ما،فاصبح القضاء أداة طيعة في أيديهم.


5_أما التمثيل الخارجي للدولة وسفاراتها وقنصلياتها، وأبرام المعاهدات والأتفاقات فيجب أن تكون بأيدي السلطة الإتحادية (حسب بنود النظام الفيدرالي )، وهذا البند أيضا قد تم التجاوز عليه ورميه في سلة المهملات، حيث أن قادة الميليشيات يعقدون الصفقات المشبوهة ويحيكون الدسائس والمؤمرات وقد أختطفوا سفارات ما تسمى بالدولة الإتحادية ووظفوها لمصالحهم الشخصيه الضيقة، وقاموا منها بأصدار الجوازات والاوراق الثبوتيه لكثير من أكراد سوريا وأيران وتركيا.

وفي المقابل بدؤا يترويج وتسويق لمصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان، ظاهرها براق خادع وباطنها شر محدق بالعراق والعراقيين منها ما يسمى بمصطلح (تنمية الأقاليم) الذي سوقته هذه العصابات الخارجه عن القانون المتحكمة في شمال الوطن وتلاقفته بعض الجهات المشبوهة في جنوب العراق والتي تسير على خطى العصابات الكردية وهؤلاء يطرحون أنفسهم كممثلين لأبناء الجنوب الاصلاء وما هم في الحقيقة إلا مجرد دخلاء لا يمتون للجنوب وأهله بأي صلة،التقت مصالحهم الدنيئة مع مصالح قادة الميليشيات الكردية لتفتيت العراق والإنتقام من أهله وسرقة ثرواته،يحاولون أضفاء صبغة دينية على خطابهم للتأثير على عواطف الناس البسطاء وتصوير كل ما يقومون به أو يقولوه من سرقات وسحت حرام ومتاجره بقوت الملايين وأستعبادهم، أو أدعاءاتهم ومطالباتهم المستمره بفيدرالية جنوبيه (مرفوضه من أكثر من 90% من أبناء الجنوب)، والتي من خلالها يحاولون التسيد وفرض أنفسهم ملوكا وأمراء، بأنها أشياء مقدسه واجبة التنفيذ، وهم ينشطون الان في توطين أعداد كبيره من الإيرانيين لتغيير التركيبة الديمغرافية لجنوب العراق كما تفعل الميليشيات الكردية في كركوك ومناطق واسعة من شمال العراق في جلب أكراد من الدول المحيطة وتوطينهم لتمرير مخططاتهم المشبوهة.

لم يبقى أمام العراقيين الشرفاء إلا التكاتف والتأزر، والتهيؤ لأنتفاضة عارمة لأقتلاع جذور الفساد والمفسدين ولفض الدخلاء الذين تسلطوا على رقاب هذا الشعب الأبي بحراب الأجنبي، ومحاسبتهم وتقديمهم للعدالة العراقيه الحقيقية والتي هي قادمة لا محال، ولا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة،فلم تعد تجدي اللغة الهادئة الدبلوماسية والأشارات الغير مباشره على تشخيص مواضع الفساد والمفسدين، لأن الأمور وصلت الى مستويات لم يعدي التغاضي عنها ممكنا فالشعب أصبح مثخناً بالجراح يئن تحت وطأة المحتلين وعملاءهم.


حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]