كركوك هذه المدينة العراقية الوادعه بجمالها وتسامحها بتاريخها المجيد وحاضرها الحزين هذه المدينة التي أصبحت محاصره تعاني نيران المحتلين وحقد الميليشيات الدفين، تبرز هذه المدينة وبقوة وتتصدر الأحداث الساخنة ولا تكاد تخلوا نشرات الأخبار من ذكرها وتكتسب شهرة متزايدة لتصبح بحق قضية من أهم قضايا العراق الساخنة، وتنذر بحدوث كارثة، اذا لم يتم نزع الفتيل الذي سوف يشعلها ويشعل معها من يحاولون خطفها.

حل عليها قبل يومين زائر ثقيل جاءها محملا بالتحريض ورسائل الدمار،وفي لحظة وصوله قامت مليشيات معروفة تعيث بالمدنيه فسادأ وأجراما بقطع رؤوس أربعة من العراقيين التركمان الشرفاء سقطوا مذبوحين بسكاكين هذه الميليشيات المجرمة،التي تحاول ارهاب باقي مكوناتها للفرار منها، حتى يتمكنوا من أجراء أستفتاءهم المزعوم وتطبيق ما يسمى بالمادة 140 من الدستور السئ الصيت، وهذه المادة ماتت وأنتهت لكنهم يحاولون بث روح الحياة فيها من جديد في أنتهاك سافر لدستور بريمر، والذي صاغوا فقراته لتلاءم ما يضمرون للعراق من شر،فهؤلاء لم يعادوا النظام السابق كما كانوا يروجون وأنما كانوا يعادون العراق كل العراق أرضا وشعبا وحضارة، يعادون نسيج العراق الاجتماعي والثقافي ومتربصين بثرواته.

ان زيارة الطلباني علاوة على كونها تحريضا وتشجيعا للأرهاب ومضاعفته خلال الست شهور القادمة ضد باقي المكونات العراقية الاصيلة في المدينة ومحاولة أيضأ لخلق نوع من الشروخ بين العرب والتركمان والأكراد الشرفاء والأشوريين الذين يرفضون المساس بالمدينة بتفضيل بعض على بعض عن طريق أعطاءهم بعض المزايا الانية لخلق حالة من الأرباك بين صفوف هذا الفريق المعارض لاي مساس بوضع المدينة،والجانب الاخر من زيارته هو الحد من نفوذ غريمه مسعود قائد الميليشيا الأخرى والتي بدأت تزيد من نفوذها داخل المدينة وتجزل العطاء لمستوطنيها، وبمجرد أحساس السيد الطلباني بأن الامور بدأت تفلت وان المدينة أصبحت قضية عراقيه تهم كل العراقيين من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب وقضية أقليمية أيضا،طار صوابه ونزل بنفسه الى الساحة شاهرأ سيفه مهددا ومتوعدأ الناس في تلك المدينة وفي نفس الوقت تقم مليليشياته بتكثيف الارهاب وأرعاب السكان وأجبارهم على الخروج منها،لقد نسي موقعه كرئيس دولة هذا الموقع الذي يفرض عليه أن لا يخرج من وقاره وأن يحافظ على أتزانه، لكن مشكلة هذا الرجل وسواه أنه لا يستطيع أن ينسى ولو للحظة بأنه لا يزال رئيس حزب ولديه ميليشيا وهذا المنصب يروق له أكثر من منصب رئيس العراق الذي يكبله ويفرض عليه مسؤوليات ليست في أجندته.

وللحفاظ على كركوك المدينه التأريخيه الآشوريه والبابلية التي تبادلتا السيادة عليها ذات النكهة العراقية الحقيقية ولكونها عراق مصغر بكل معنى الكلمة ولقطع الطريق على كل الطامعين فيها والمتربصين بها وبنارها الأزلية، نقترح بأن تكون كركوك عاصمة العراق السياسية وتكون بغداد العاصمة الادارية وهذه الخطوة سوف تعزز ربط هذه المحافظة بالمركز وبمحافظات العراق أجمع وسوف تكون خطوة جباره لتعريف دول العالم أجمع بأن هذه المدينة هي العاصمة السياسيه للدولة العراقيه وسيتم أستقبال الضيوف وقادة الدول فيها وفتح السفارات، وهذا لا ينتقص من بغداد العظيمة وأهميتها،وتبقى بغداد هي العاصمة الإداريه للعراق وتبقى أهميتها التأريخيه والمعنويه قائمة

أن هؤلاء الذين تسلطوا على رقاب العراقيين لا يريدون حل منطقي وعادل لمدينة كركوك وغيرها، وأذا كان هناك اي تهجير وظلم وقع على مكون اساس وأصيل من مكونات الشعب العراقي وهو الشعب الكردي، فالحل بسيط وخالي من أي عقد وهو بأعادة كل المهجرين الأكراد الذين هجروا من كركوك وتعويضهم تعويضا مجزيا على حسب الضرر الذي تعرضوا لهم،واذا أصروا على أجراء أستفتاءات فيجب أن يستفتى كل أبناء العراق وبأشراف دولي محايد،، لكن أن يتم المتاجرة بهذه المعاناة وتحميل المسؤولية لأناس ليس لهم اي ذنب سوى أنهم سكنوا مدينة عراقيه وأصبحوا جزءأ من نسيجها الإجتماعي وتكوينها الثقافي، ونقلوا كل أعمالهم اليها، وتولد لهم جيلا ثالثأ فيها وفجأة يأتي اليهم من يقول لهم عليكم بمغادرة المدينة،هذا هو الفساد والظلم بعينه، وكأننا نرى صورة الكيان الصهيوني ومستوطنيه في فلسطين تتكرر وتتجسد بأبشع صورها في كركوك العراقيه، من هنا نتقاطع معهم ونرفض مطاليبهم ونرفع صوتنا بوجههم وبوجه كل الفاسدين سراق قوت هذا الشعب الجريح، وللعراقي كامل الحق في السكن والتنقل في كل مدن العراق ومحافظاته وليس هناك اي خصوصيه لأي مدينه عراقيه بوجه ابناء العراق، هذا العراق الذي نريده ونطمح اليه عراق لكل العراقيين خالي من أي حدود أو فواصل بين ابناءه.

واذا تعذرت كل الحلول الوطنيه والسياسيه فليس للعراقيين الا عقد بعض المعاهدات مع جيران العراق لمواجهة خطر هذه الحالة على الجميع والتهيؤ للدفاع عن كركوك وغيرها، فأذا فرط العراقيون وتهاونوا في مسألة كركوك والصمود بوجه كل المحاولات الرامية الى سلبها من حضن العراق وكبح جماح الانفصاليون العنصريون وقبر أطماعهم في مهدها، فسوف يفرطون بالبصره وغيرها غدا،ولنجعل كركوك نموذجا لقبر كل المحاولات الراميه الى تفتيت العراق وليكون حلمهم بها كعشم أبليس بالجنه بهمة العراقيين ووحدتهم وتفانيهم في الدفاع عن كل ذره من ذرات هذا الوطن الغالي.


حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]