مثل كل كاتب..أحب قراءة تعليقات القراء الأعزاء.. فهي المادة التي استقي منها الكثير من المعلومات.. وتبين عمق القرّاء ومشاركتهم الإيجابيه للوصول إلى حلول تفيد مجتمعاتنا ولتخفف من مرارة النقد.. وكإنسانه أتطلع إلى شيء يعيد لي الثقه والأمل. هذه الردود تقدم لي البرهان على جدوى كتاباتي.. حتى وإن كانت هذه التعليقات سلبية. لأنها تؤكد لي اننا في خندق واحد نشترك فيه في البحث عن وسيلة تخرجنا من المأساة التي نحن فيها جميعا.. وأن النقاش هو الوسيله الصحية الوحيده للوصول إلى أفضل الوسائل لمساعدة انفسنا ومساعدة مجتمعاتنا للتطور..


أكثر ما لفت نظري من خلال قراءتي للمقالتين - الأخت فاطمه أوزون.. ثم تعقيبي عليها.. أن هناك خلطا واضحا ومعيبا ما بين حقوق المرأه المستقاة من الحقوق الطبيعية لكل إنسان والتي تستند إلى حقوقها الطبيعيه في الصحه والتعليم والحياة الكريمه.. القيم المجتمعيه المفروض بها تأكيد إحترام الكرامه الإنسانيه للجميع رجلا كان ام إمراه.. وقوة القوانين المعمول بها لتأكيد إحترام هذه الحقوق.. وبين مفهوم حرية المرأه وهي خاصة وفرديه وتختلف من إمرأة لأخرى

وما اود أن ألفت النظر إليه وأؤكده أنني لست بصدد الدفاع عن حرية المرأه.. المرأة ذاتها أقدر مني على كسب او إكتساب حريتها بالطريقة التي تراها مناسبة لظروفها ومجتمعها.. ما أنادي به هو حماية كرامة كل إمرأه.. بإعطائها حقوقها الطبيعية في الحياة حفاظا عليها من التعثر او العوز والحاجه..ولحمايتها من إساءة فهم معنى الحريه..

لا نستطيع إلا أن نعترف بأن العصر الذي تعيشه مجتمعتنا.. وخاصة المرأه العربيه.. عصر يختلف كل الإختلاف عن العصور السابقه.. وأن مناداة البعض بالعودة إلى تطبيق ما دأب عليه السلف الصالح الذي وإلى حد كبير لم يختلف في زمننا.. والذي أثبتت ظروف الواقع بأن العمل بهذه القوانين والتشريعات لا يصلح كليا لبناء مجتمع العداله والإنصاف.. لأن المراة في هذا التطبيق.. مرة أخرى تهدر كرامتها الإنسانيه..
جوابي اليوم موجه إلى السيده الفاضله شرقيه.. التي كتبت:

إمرأه شرقيه..
الى الاخت فاطمة واحلام انا امرأة شرقية لا اعلم ولا ادري ما هي الحرية التي تردنها من المرأة هل تردنها ذكرا في ثوب امرأة ترفع الاثقال وتلبس ملابس الرجال وتتشبه بالرجال حتى نقول انها اخذت حقها من كل شيء لكل انسان طاقة، فطاقة المرأة غير عن طاقة الرجل هذا اولا. أما ثانيا : هل تقصدين بالحرية ان تتعرى المراة وتخرج من بيتها من الصباح حتى المساء وهذا ما يحدث هذه الايام والتي زادت فيها نسبة الانحلال المجتمعي بدليل انه كثُر اطفال اللقطاء الذي يرمون على باب مسجد او في القمامة ثالثا تتكلمين عن المرأة الغربية والى ما وصلت اليه لا ارى اي اختلاف فهي تتعرى وتخرج من الصباح حتى المساء. هل اصبح الحجاب شماعة تعلق عليها كل غث وقبيح ومن اراد ان يتحدث عنه الناس ويلفت الانظار اليه (أنه ما زال موجود) يتحدث عن الاسلام والحجاب مسكينة انت يا فاطمة وشقيقتك احلام. واخيرا أرى انكن معقدات وليس الحجاب او الرجل هو المسؤول عن هذا الشيء لاننا كلنا لدينا اخوة وازواج واباء ولم نشعر بما تشعرن. كفى قرفا لقد اصبتموني بالغثيان
سيدتي الفاضله..


لا أعتقد أن أي منا أقصد فاطمه أو أحلام تقصد التشبه بالرجال ولبس ملابسهم لأخذ حقوقها..
الهدف هو مساواتها الحقيقيه مع الرجل.. الحياة اليوم ترتكز على القدرات الماديه لكل إنسان.. إضافة إلى عوامل نفسيه من ثقة وإعتداد إما أن تكسبها المرأة من العمل.. أو من المجتمع حولها.. والمحظوظة تلك التي تجمع بين الإثنتين...
وبالتالي فحين تحرم المرأه من القدره على الإستقلال المادي سواء بالعمل أم بحقوقها الماديه الأخرى مثل حقها في نصف الملكيه أو حقها المساوي في الميراث.. فمعنى هذا إهدار لكرامتها الإنسانيه في حالات الحاجة والعوز..فمثلا حين تكتفي إمرأة بملاليم القروش كمؤخر للصداق بعد أن أفنت شبابها في خدمة ورعاية زوج وبيت وأطفال.. فكيف ستعيش بعد ذلك.. كيف تستطيع إمرأه لم تحصل على تعليم ولا مهنه لأنها حرمت منه تاهيلا لها لأن تكون طيعة في يد الرجل أن تقوت نفسها..كيف تستطيع إمرأه حتى المؤهله اكبر تأهيل العودة إلى العمل بعد إنقطاع لمدة سنوات.. يلفظها فيها زوجها للتزوج بإمرأة أخرى.. كما هي قصة السيده فاطمه..
بدون أن نرسخ للعمل كقيمه إن لم يكن واجب على الجنسين.. ونساوي بينهما في الحق والفرصه والتعليم.. ستبقى المرأه مهدورة الكرامه..
أما أن تتعرى المرأه.... فهذا امر خاص بها.. لأن هذا التصرف يكشف مدى إحترامها لنفسها ولجسدها.. وهي حرة إذا كانت تريد أن تتصرف كعاهرة أم كإنسانه تحترم جسدها.. أما أن الحجاب او النقاب يؤدي إلى إحترامها فهذا أيضا عار من الصحه لأن هناك الكثير ممن يلبسنه..للتخفي وللتصرف بحرية أكبر..

أما زيادة نسبة الإنحلال في المجتمع الشرقي لأن المرأه تخرج من بيتها من الصباح حتى المساء.. فهذا أيضا معيار غير مناسب إطلاقا للحكم على تحلل المجتمع.. فانحلال المجتمعات الشرقيه حاليا.. مقياسه في زيادة نسبة الفقر التي تضطر البشر لأن يتحايلوا ويكذبوا ويسرقوا للعيش.. والفقر سيد التبريرات حتى للدعارة.. مقياسه الفساد المستشري في أوصال المسؤولين في أجهزة الدوله.. معيار الإنحلال من عدمه هو التقدم الصناعي او الزراعي او التكنولوجي في بلد ما والذي يضمن إستمرار التنميه المستدامه.. ووجود وظيفه لكل فرد قادر في المجتمع....
أما كثرة أطفال اللقطاء الذين يرمون على باب مسجد أو في القمامه.. كما كتبت..
فلا يمكن أن يؤخذ كمعيار على إنحلال المجتمع.. بل عن مدى الكبت وإنعدام الضمير المجتمعي لحفظ حقوق هؤلاء الأطفال الذين هم ثمرة علاقه تمت في الخفاء وفي ظروف أو ملابسات لا نستطيع تقييمها بدون معرفتها... و تنصّل الرجل من مسؤوليته وواجبه الأخلاقي رغم انه المذنب الحقيقي يؤكد عدم عدالة القوانين التي تحميه... ولكن يبقى حق هؤلاء الأطفال في الحياة مساويا لحق إبني و إبنك و أي طفل في العالم في الكرامه وفي الحياة.. أما تسمية هؤلاء الطفال فهي معيار لتحضر المجتمع ولضميرة في التعامل مع أطفال بلا ذنب..

سيدتي الشرقيه وعزيزي القارىء.. تحضر الأمم يقاس بتحضر قوانينها وتماشيها مع حقوق الإنسان رجلا كان ام إمرأه.. وفي العصر الحالي حت اندونيسيا أكثر الدول إسلاميا.. تعمل على تحديث عقلية مؤسساتها التعليميه والدينيه.. بحيث تعمل على تماشيها مع الأخلاق والضمير قبل أي شيء... وإعتبار أي طفل مولود من هذا النوع مواطن مستقل عن ابيه وأمه له حقوق المواطنة كامله بحيث لا تعاقب الفتاة إجتماعيا في حال خداعها وحملها من دون عقد زواج موثق.. ا، لها جميع حقوق المواطنه مع طفلها او طفلتها.. وتعني بالمواطنه هنا نظام ضمان إجتماعي يكفل لها ولطفلها الحياة الكريمه بدون عوز مادي..


أحلام أكرم

باحثه وناشطه في حقوق الإنسان