ملاحظات مقدمة للمؤتمر الثاني للقوى السياسية العراقية بغداد 18-19 أذار2008

عقدت تحت عنوان المصالحة الوطنية العشرات من المؤتمرات المناطقية بما فيها خارج العراق كما عقد على الصعيد الوطني المؤتمر الأول للمصالحة الوطنية، واليوم يعقد المؤتمر الثاني،ولحد اليوم لم تتم المصالحة الوطنية وهذا ما يدفع المرء للتسائل لماذا لم يتحقق هذا.
في البدء أود أن الموقف بين مختلف ألاطراف العراقية ليس موضوع زعل ومصالحة بل هو مواقف سياسية فكرية أجتماعية ثقافية متباينة مختلفة أدت الى الصراع السياسي والغير السياسي القائم في الوقت الحاضر، أذا فأن أستعمال تعبير المصالحة لا ينطبق على واقع الحال بل الحوار من أجل العراق هو المطلوب.


من الملاحظ أن هناك أتجاهان أساسيان للقوى السياسية العراقية( أحزاب ومنظمات سياسية) الطرف الأول من هو مساهم في العمل السياسي مباشرة ( المجلس الرئاسي، الرؤساءأعضاء مجلس الوزراء، أعضاء المجلس الوطني) والطرف الأخر من هو رافض للعملية السياسية
الجارية في الوقت الحاضر.


الطرف الذي داخل العملية السياسية من خلال مجمل البيانات السياسية الصادرةعن المنظمات السياسية البارزة في العملية السياسية وكذلك الاتفاقيات الموقعة بينها، والمواقف داخل المجلس الوطني تتسم كمجموع بعدم وجود ثقة بين هذه المجموعات، والأمر ليس قضية شخصية بل الموضوع أعمق من ذلك بكثير وأشمل وينعكس بشكل واضح على معظم مشاريع القوانين المطروحة أمام المجلس الوطني، والقضية الجوهرية هي على أية أسس يراد بناء الدولة العراقية الجديدة هل هي دولة المواطنة والحقوق والواجبات المتساوية لجميع العراقيين أم دولة المكونات وحصص هذه المكونات.


هذه هي العقدة الاساسية في مجمل الوضع وهذه التي لم تتطرق لها الأوراق المقدمة للمؤتمر بالرغم أن لجنته التحضيرية تظم أسماء لامعة اليوم في العملية السياسية كما، أن الذي يجري ألان في العراق هي محاولة البعض بناء دولة المكونات والمحاصصة وهذا أثبت فشله حتى اليوم وسوف يفشل في المستقبل الا أذ نجح البعض الذي يريد تقسيم العراق الى كونفدراليات، وعندئذ سوف يبدأ الصراع بين هذه الكونفدراليات،. لقد شعرت بهذا الخطأ السيدة كونداليزا رايس عندما صرحت أن الخطأ الكبير الذي وقعنا به هوقاعدة أسس بناء الدولة العراقية الجديدة. معظم القوى المساهمة في العملية السياسية والداخلة في العملية السياسية يتكلم ضد المحاصصة ولكن في التطبيق تظهر المحاصصة مرة أخرى، كان أوضحها هي الاتفاقية التي وقعها المجلس الاسلامي الاعلى والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الدعوة والحزب الاسلامي العراقي والتي تنص أحدى فقراتهاعلى حصص المكونات في الدولة على أن تؤخذ الكفاءات بنظرالاعتبار،. انه أعتداء صارخ على أبسط مقومات الديمقراطية وهي المساواة والحرية، وعلى الدستور العراقي بالرغم من كل علل هذا الدستور.


أيها ألآعزاء المحاصصة لا تبني وطن.
في موضوع الحوار ؛ أعتقد بضرورة تشكيل هيئة عليا للحوار من شخصيات سياسية مستقلة عراقية غير مرتبطة بالحكومة، كأن تكون مرتبطة برئاسة الجمهورية مباشرة أو حتى بجامعة الدول العربية ومن خلال أستقلاليتها يمكن أن تكون المحاور المحايد في المناقشات الحوارية المطلوبة، وطننا اليوم يعيش أزمة خانقة،وقد تصبح أسوء في المستقبل أذا لم يتم تدارك ألامر.


على هيئة الحوار الوطني أن تضع القضايا العقدية الخلافية موضع الحوار الهادئ البناء بعيدا عن ألاعلام، وتلتقي مع كافة المنظمات المساهمة في العملية السياسية وتتعرف أي عراق نريد، وأية دولة والدستور الحاي لا يوضح ذلك.
الدستور العراقي الحالي مزيج من مواقف، قد يرضي الجميع شكليا والغلبة في تفسير بنوده لمن يملك القوة ولكنه يخلق الفوضى السياسة وهذا أمر من المفروض أن لايحصل في أي دستور أنه حمال أوجه، تجد في طياته المركزية والامركزية، الفدرالية والكونفدرالية،وألامر ينطبق على قضايا عقدية أخرى،في الاجتماع نوالاقتصاد، والنفط ألخ أستغرق كتابة الدستور ألاميركي سبعة سنوات ودساتير دول أخرى العديد من السنواتولكن الدستور العراقي أستغرقت كتابته بضعة أشهر أن لم تكن أسابيع.


أن مؤتمركم هذا والمؤتمرات التي سبقته مفيدة جدا من الناحية الاعلامية ولكني أشك أنها تستطيع أن تسير في قضية (المصالحة) الكثير، أن مثل هذه المؤتمرات تصلح لأن تكون النتيجة النهائية لعملية الحوار، والاتفاق ومن ثم المؤتمر الذي يتوج كل الجهود.
مع تقديري لجهود السيد الوزير، جهود مؤتمركم والتي سبقته ولكن في أعتقادي أن أحتمالات النجاح غير متوفرة للوصول الى( المصالحة) المرجوة لأنه لا يمكن أن تبني الدولة الجديدة على أسس خاطئة وتتمنى لها النجاح.
.
أما بالنسبة للقوى خارج العملية السياسية، فأعتقد أن مبدأ الحوار مع كل من يقبل بالحوار البناء هو القاعدة في التعامل،ومن دون شروط مسبقة فحيث تبدأ ألأ لأ ت ينتهي مبدأ الحوار، هناك من يرفض الحوار مثل تنظيم القاعدة ألأرهابي وغيرهم،ولكنهم مجموعة مرفوضة بالأساس طارئة على المجتمع العراقي، أما بانسبة للأطراف ألأخرى التي لها مأخذ جدية على ما يجري ألأن في العراق ومستعدة للحوار فيجب أن يرحب بالحوار معها من دون شروط مسبقة، وأذا ما وصل الحوار الى طريق مسدود عندئذ يمكن كشف كل الحقائق للمواطن، كي يعرف من يريد حقا مصلحة الوطن ومن يريد تحقيق أجندته الخاصة به الحوار لايبدأ بالمؤتمرات وهذا الخطأ الذي وقعت به هيئة الحوار وأنما تكون المؤتمرات تتويجا لنجاح الحوار، أما أذا لم نكن صادقين مع أنفسنا ومع المواطن، عندئذ نقوم بعقد المؤتمرات ألآعلامية، ونوصلها الى الأعلام الدولي، ونقنع بها ذوي الشأن من خارج الحدود ومن داخلها أننا نقوم بالحوار.أدعو مؤتمركم التوصية بتشكيل اللجنة المستقلة للحوار وأتمنا لكم عملا مثمرا وليس نجاحا أعلاميا فقط.

الدكتور فاروق رضاعة