جاء في جريدة إيلاف يوم الخميس 20 مارس تحت عنوان تعليق رسوم للنبي محمد على جدران مدينة تشيكية..
بأن مجموعه تطلق على نفسها أصدقاء حرية الكلمه قامت بتعليق رسم مسيء مرة أخرى للنبي محمد برغم إعتراض وزارة الخارجيه التشيكيه..
وأن قناة الجزيرة قامت ببث مقاطع من رساله لأسامه بن لادن يؤكد أن ما جاء يقع في إطار الحمله الصليبيه الجديده التي يطلقها بابا الفاتيكان والتي له باعا طويلا فيها.. ثم يحذر الدول الأوروبيه كلها حين يقول..
quot;quot;عندما بالغتم في الكفر والتجرد من اداب الخلاف واخلاق القتال ووصلتم الى الحد الذي تنشرون هذه الرسوم المسيئةquot;. quot;اذا كانت حرية اقوالكم لا ضابط لها فلتتسع صدوركم لحرية افعالنا.. quot;quot;


أولا ما أود التأكيد عليه مرة أخرى هو أن حرية التعبير مضمونه ومكفوله في القوانين الغربيه وإستندت عبر سنين طويله إلى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.. وأنني ذكرت في مقالة سابقه.. وخلال حضوري لمحاضرة تحت عنوان هل يصلح الإسلام للبريطانيين والتي نشرت في إيلاف في 1 ديسمبر 2007.. حول هل يضحي البريطانيون بحرية التعبير ويحظروا نشاطات المجموعات الإسلاميه المحرضه والمتطرفه مثل حزب التحرير بأن الإجماع بعد النقاش كان حول عدم التضحية بحرية التعبير مهما كانت الأسباب.. وأن أولئك المحرضون سيفيقون عاجلآ أو آجلا إما بقوانين حكومية جديده قد تحرمهم من المكوث في هذه الدول الغربيه.. وإما بتوجيه وإصلاح من رجال الدين على خطورة العنف الذي يدعون إليه.. وتنافي هذا العنف مع الديانه الإسلاميه.. ثم حرصا على مستقبلهم في الدول التي إحتضنتهم.والتي كفلت لهم حرية العقيدة بالكامل.. بينما العديد من الدول العربيه والإسلامية لا زالت لا تعترف بهذه الحريه.. أي ان البريطانيون آثروا إستمرار تلك المنظمات المحرّضة.. ولم يضحوا بحرية التعبير... وإن كانوا رموا ببعض المحرضين أمثال البكري.. خارج البلاد.. والذي حاول ترجّيهم على العوده فيما بعد..
ولا أظن أن أية جهة رسميه أو شعبيه ستستطيع الحد أو إيقاف هذا الحق تحت أية مبررات.. وهو ما يؤكده عجز وزارة الخارجيه التشيكيه عن وقف هذه الرسوم..خاصة وأن هذه الوزارات قامت على مؤسسات ضمنت للشعب حرية الترشيح والإنتخاب في عملية ديمقراطية واضحه وشفافه لم تصل إليها العديد من الدول العربيه والإسلاميه..


من هنا سأبدأ حديثي مع القارىء العزيز..
هناك أمران قد يجدهما بالغي الصعوبه في التقّبل..ولكن أعتقد أن من واجبي ومن منطلق إحساسي بالمسئوليه فإن علي توضيحهما.. لأن كلاهما يؤكد عدم إحساس العالم العربي والإسلامي بالمسؤوليه..
الأول.. أن ردة فعل الشارع الإسلامي على نشر الرسوم في المرة الأولى وإن جاءت كرد فعل لعمل سيء.. حملت الكثير من طابع العنف.. إتمست بالتهديد والوعيد للغرب بحيث مرة أخرى أساءت للمسلمين.. وكشفت عن عدم قدرتهم على الإحتمال أو التحكم بمشاعرهم وغضبهم مما أخاف العديدون في الغرب منهم.. ومن إستهتارهم بالحياة حين أسفرت عن وفاة أكثر من 100 شخص العديد منهم في بلدانهم الأصليه.. وإن كان الغرب لم يرى مثل هذه المظاهرات ضد ما يحصل في العراق بين السنه والشيعه..


إضافة إلى زيادة الوضع المحرج للمسلمين في الغرب.. والذين حوصروا مابين المطرقه والسندانه. فهم يحاولوا بكل جهدهم النئي بأنفسهم عن أعمال العنف.. ولا يريدون التخلي عن مكتسبات مادية ومعنويه حققوها في الغرب والعودة إلى مواطنهم الأصليه كمواطنون من درجات متدنيه.. خاصة بعد أن إعتادوا حرية القول.. وحماية القوانين.. والمساواة أمامها...


الثاني.. دور الإعلام السلبي في محاولة محاصرة الصراع أو حتى الإبتعاد عن زيادة شعلته..بل يبدو أن كل القنوات العربيه والإسلاميه تحاول إستقطاب المشاهدين على حساب عاملي الخطورة والخوف من جراء بث هذه الردود لبن لادن والظاوهري.. للأسف يبدو أن قناة الجزيرة أصبحت مهمتها الأساسيه الخلط بين حرية التعبير العربي.. وبين زيادة غليان الشارع العربي والإسلامي ضد الغرب أي صب الزيت على النار.... وذلك بإعطاء المنبر مرة تلو المرة لمحرضين.. أو أشخاص عديمي الإحساس بمسئولية الكلمة.. ولا يهمهم سوى إشعال فتيل الحرب في صراع عقيم جدا سنكون كلنا مهزومون إن إستمر سواء بين السنة والشيعة.. أو بين الشرق والغرب. أو بين أي من معتنقي الديانات كلها.. سواء أتى التحريض من بن لادن.. أو من المتعصبين الجدد في اميركا. أو طالبي تعجيل يوم القيامه.. أو من المستوطن الجديد على حساب بؤس الفلسطيني أو بؤس أي شخص آخر..


لقد وصل الوضع العالمي من كل المتطرفين إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها.. وأن مواجهة هؤلاء المتطرفون تقع على عاتق الجميع.. إن مقابلة الخطأ بخطأ مماثل لن يحل المشكله..بل بالعكس فربما غض النظر عن مثل هذه التصرفات الصبيانيه وإهمال مثل هذه الحوادث قد يغّير الوضع والصوره ويهدىء من غليان الغيرة على الدين.. ويوقف التحدي بين الطرفين..


أعتقد أنه من الأفيد في مثل هذه الحاله وبرغم جرح المتلقي لمثل هذه الإساءه البالغه.. العودة إلى مبدأ من أهم مبادىء كل الديانات.. القدره على التسامح.. العفو عند المقدره لأن التسامح الذي هو قاسم مشترك بين الأديان يجب أن يكون له الأولويه في هذا المقام. نظرا لما يترتب على رد الفعل من الدخول في حلقة مفرغه لا فكاك منها من العنف الذي سيصل الجميع..


أي إقفال الباب على دعوة بن لادن..حين يقول..
quot;quot; هذه الرسوم المسيئه هي مصيبه أعظم وأخطر من قصف قرى مسلمين وقتل نساء وأطفال.. quot;quot;
مؤشرا على إمكانية حصول إعتداء كبير في الإتحاد الأوروبي.. مما ينفي عن الدين الإسلامي أي إحساس بالمسؤوليه الدوليه.. حين يبث تهديدا مباشرا لكل أوروبا مضحيا بأبنائه وأبناء الجميع.. مقابلا الإساءه بإساءة أكبر وأخطر.. مضحيا بالمبادىء الإنسانيه المشتركه في دعوة مفتوحه لصراع أديان.. وحروب من أجل الأديان.. وهي اخطر ما يواجه البشريه في القرن الواحد والعشرون.. مضحيا أيضا بملايين المسلمين الذين وجدوا وطنا وملاذا آمنا في دول الإتحاد الأوروبي..


لقد تعوّد الغرب على هذه الحرية التي لم يسلم منها حتى المسيح الذي يدين به معظم الغربيين.. سواء بالكلمه ام بالصورة ام بالسب.. ولم بهتم المسلمون حين جاءت العديد من الرسوم عن المسيح برغم أنه معترف به في الإسلام.. لم يهتم الشارع العربي والإسلامي بالرد ولو مرة واحده على بن لادن.. ليقول له نحن ضد إرهابك.. وهو يسيء الينا وإلى الدين..


نعم علينا جميعا التصدى لكل متطرف.. سواء كان مسلما ام مسيحيا أم يهوديا..كائنا من كان.. أنا كإنسانه لن أعطيه إطلاقا أية فرصة ليهدد فيها مستقبل إبني او إبن جاري او صديقي.. وأنا واثقه بأن روح النبي وكل الأنبياء تؤازرني في ذلك منعا لجريمة إنسانية ستفني الجميع..

أحلام أكرم

باحثه وناشطه في حقوق الإنسان