في 15 ndash; 3 ndash; 2008 ndash; أنعقد المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي العمالي في كوردستان، وأصدر المؤتمرون على أثره البيان التأسيسي الذي منذ الوهلة الأولى والجملة الأولى يقذف بك دون رحمة، دون مقدمات، دون أذن من القارئ، وبصورة أعتباطية، جزافية إلى جحيم أتون ( معادلة سياسية تاريخية فكرية أيديولوجية ) يتوه فيه ( الفطاحل ) جهابزة الأدراك والتصور والمنطق والأيديولوجيات والمعادلات الصعبة، لاسيما في هذا الظرف المميت الحرج الكارثوي ليس فقط بخصوص عراقنا الحبيبة، إنما يتجاوز ذلك ( كالعاصفة، كالغول ) إلى أجتياح منطقة الشرق الأوسط برمتها، ثم لاسيما وأن الشأن ينتمي حتى النخاع ونقي العظام إلى جوهر نحن حريصون على صيانته بأسلوب موضوعي تراكمي تداركي ( ماركس، والمسألة الماركسية )، وهذا لايعد دفاعاً عن هذا الأخير بل حمايته من السطحانية والفكر البدائي ثم منح هذا الفيلسوف المميزبعض من حقوقه التاريخية في الأدراك الدقيق والأكيد لمجمل مقولاته الأساسية لاسيما ( مدى تحكم البنى التحتية في مجمل العلاقات المجتمعية، طبيعة ودرجة الصراع الطبقي، وضع الطبقة العاملة وبروزها ونموها، طبيعة الشرائح ( الكادحة ) الأخرى القريبة من نواة (وأركز هنا على منطوق النواة ) الطبقة العاملة، درجة تطور ( الدولة، البلاد ) صناعياً، مستوى وقوة وسائل الأنتاج ومدى علاقتها الفعلية بالقوة المنتجة، أدراك التناقض الرئيسي ( الشركات فوق القومية، الكارتلات، الترستات ) ووعي كيفية أحتواء التناقضات الثانوية، أدراك نوعية البنى الفوقية ومدى أستفلالينها عن البنى التحتية في المجتمع المقصود )..


وأبادر قبل كل شيء إلى تهنئة هؤلاء السادة ( الأخوة ) بتأسيس الحزب الشيوعي العمالي في كوردستان، وأعير لهم عن خالص مشاعري القلبية، لكن وأنطلاقاً من حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا جميعاً، وحرصاً على وحدة العملية السياسية وضمان صيرورة ميكانيزمها من التفكك والأنحلال، وتحسباً للتصور الماركسي لفهم ( الأدراك، الوجود، الطبيعة )، وتزامناً مع الدور التاريخي الذي بمقت التجزئة ولا يرتكن للسياسات الخاطئة ولايرتهن بالخطوات غير المدروسة، وأحتراماً لإرادة مبدأ الصراع الذي لايلغي الآخروي قسراً إنما يذهب به و معاً وفقاً ( لوحدة موضوع قانون نفي النفي ) إلى الأعلى اللولبي التصاعدي، وأعتباراً للمساحة المشتركة للنشاط الأبداعي مع القوى والمنظمات والأحزاب الشقيقة والصديقة والليبرالية، وأدراكاً أن الفكر ومجاله لايقبلان إلا أن يكونا ( على شكل لوحة تكاملية )، لامناص من أدراج بعض الملاحظات النقدية ضمن الرؤيا المشتركة، والسعي المشترك إلى مجتمع دون أستغلال دون أستبداد.


الملاحظة الأولى: يقول البيان ( الذي هو ترجمة مشوهة عن النسخة الكردية ) مباشرة. نعلن عبر هذا البيان عن تأسيس الحزب الشيوعي العمالي في كردستان وبدأ نشاطه. أن الحزب الشيوعي العمالي في كردستان هو وسيلة بيد الطبقة العاملة من أجل الخلاص من الأستغلال الرأسمالي وتحقيق الحرية والمساواة. ( أنتهى الأقتباس ). هنا، لامندوحة من القول إذا كان الحزب الشيوعي العمالي هو وسيلة بيد الطبقة العاملة، فهذا ينم عن أن هذه الأخيرة قد أكتمل تكوينها من الزاوية البنبوية ومن زاوية الشروط التاريخية وأن الرفاق قد قاموا بدراسات تحليلية بنيوية أقتصادية بهذا الخصوص، فأرجو أن يتفضلوا بتقديم هذه الدراسات لنتمكن من أدراك المسألة وبالتالي تقويمها. ثم ليس من المنطق التاريخي القول أن الحزب الشيوعي العمالي هو وسيلة بيد الطبقة العاملة، إذ إضافة على أن ثمة نوع من الأقصاء لشرائح المجتمع الكادحة التي هي الأخرى تكابد الأستغلال والجور والأستبداد الطبقي، هنالك إشكالية لدى الطبقة العاملة تبرز في العلاقة ما بين وعيها ( وعيها الخاص ووعي الضرورة ) والمهام التاريخية الملقاة على عاتقها. ثم يستطرد البيان أن الحزب الشيوعي العمالي في كردستان حزب ماركسي يعتبر تنظيم الثورة الأجتماعية للطبقة العاملة من أجل اسقاط النظام الرأسمالي وإيجاد مجتمع آخر، مبني على أساس حرية الأنسان والمساواة الأقتصادية والأجتماعية وتطور القدرات الخلاقة المادية والمعنوية للبشر، هدفاً بنيوياً وفورياً. ( انتهى الأقتباس ). أن مسألة الثورة الأجتماعية هي بالضرورة مفهوم إيجابي ولكن حصرها في شريحة أجتماعية معينة أو طبقة أجتماعية معينة هو تظلم وأنتقاص من أبعادها التاريخية الموضوعية لاسيما إذا تعلق الأمر ب ( أسقاط النظام الرأسمالي ). ثم إذا كانت الثورة ( أجتماعية ) حسب تشحيصهم بالذات، فلماذا لم يكترثوا بمدلول ودالة ( الأجتماعي ) وخاصة في مجتمع شرق أوسطي. وكذلك لا يقال ( إيجاد مجتمع آخر ) إنما هو في الحقيقية الوضعية ( تكوين مجتمع مغاير ). وكذلك هو لاينبني ( حسب ماركس، أنجلس، بوليتزر، غرامشي، لوكاتش، ماركيوز ) على أساس حرية الأنسان والمساواة الأقتصادية والأجتماعية... الخ. إنما هو ينبني على علاقات جديدة في القضايا التناقضية ( مسألة حرية الأنسان وبقية المعضلات الأجتماعية، المسألة الأقتصادية، والإدارة، والفكر، وقضية قيمة العمل والحاجة ). ثم لن أجادل في مسألة لماذا أستخدمت ( بضم الهمزة ) المدلولات العامة في هذه الفقرة، مثل ( أسقاط النظام الرأسمالي ) و ( البشر )، لكني أنوه أن تغليب الطابع العام على الخاص هو هروب إلى الأمام على الصعيد النضالي، ولاسيما وأن البيان يردف أن هذا الحزب هو حزب أممي يعد النضال من أجل تقوية التضامن الأممي للطبقة العاملة إحدى الخصائص الأساسية للحزب. ( أنتهى الأقتباس ) فهل توجد طبقة عاملة واحدة إزاء مفهوم ( النظام الرأسمالي ) كتصدير الثورة العالمية ( تروتسكي )!!، أم أن التضال الخاص له الأولوية شريطة ألا يلغي التضامن الأممي!!.


بقي أن نشير إلى فقرة أخيرة مهمة وهي أن الحزب الشيوعي العمالي في كردستان يعتبر النضال من أجل كسب السلطة السياسية سواء لأجل تحقيق برنامج عالم أفضل أو من أجل تحوله إلى وسيلة لممارسة السلطة من قبل الطبقة العاملة والجماهير إحدى الركائز الأساسية لتحركه وسلوكه السياسي وممارسته اليومية. ( أنتهى الأقتباس ). يبدو من الواضح الأكيد إن الحزب المعني يسعى ~ في مطلق الأحوال ~ إلى كسب السلطة السياسية توخياً لإحدى الغايتين اللتين تمت الإشارة إليهما أو الأثنتين معاً، بيد أن للأمر منظور آخر وهو أن المفارقة القاتلة ما بين التنظيمات اليسارية، الأشتراكية، الماركسية، الشيوعية، العمالية، والتنظيمات البرجوازية الليبرالية تكمن في الآتي وهي أن هذه الأخيرة تسعى إلى كسب السلطة السياسية من خلال قوة الرأسمال وبمساعدة عوامل أخرى، في حين أن التنظيمات الأولى لاتسعى إلى كسب السلطة السياسية إلا بعد، وهذا هو الشرط الجامع المانع، أن تكتمل المعادلة التالية ( الوعي، التعبئة، الظرف التاريخي ). أي بمعنى أن كسب السلطة السياسية من قبل التنظيمات الأولى هي عملية ( سياسية، أجتماعية، إدراكية ) مرتبطة بصورة جدلية بالبعد التاريخي..

هيبت بافي حلبجة