اللجوء إلى العنف الدامي صفة بارزة في مسيرة نظام الجمهورية الإيرانية ابتدأ بها قادته منذ الوهلة الأولى لتوليهم السلطة والى يومهم هذا.
لقد مثل هذا المنهج عصب سلوك نظام الآيات في مواجهة معارضيه وإحكام قبضته على سلطة البلاد، كما انه شكل احد ابرز أدواته لتصدير مفاهيمه العقائدية المتطرفة وتحقيق أهدافه السياسية التي أراد الوصول إليها عبر مشروع quot; تصدير الثورة quot; الذي ما يزال العمل به قائما تحت مسميات أخرى.


عنف النظام الدامي بدأ بتعليق المشانق وميادين الإعدامات الجماعية لأركان نظام الشاه الذي أطاحت به الشعوب الإيرانية للتخلص من جوره. و كان هذا العنف يلاقي بعض التأييد الجماهيري لأنه كان يجري تحت مبررات ظاهرها أنها تأتي في إطار القصاص العادل من الظلمة والعناصر التي تلطخت أيديها بدماء المعارضين لنظام الشاه. إلا ان هذا العنف الممنهج والمرسومة أهدافه سلفا، سرعا ما تحول إلى الأداة الرئيسية في تعامل نظام الآيات مع معارضيه الداخليين وخصومه الخارجيين. فكانت سياسة قمع الانتفاضات الشعبية في أقاليم الشعوب والقوميات الغير فارسية ( مجزرة الأربعاء الأسود في المحمرة العربية ومجزرة مهاباد الكردية و مجزرة مسجد المكي في زاهدان البلوشية ) ومجازر تبييض السجون وحفلات الإعدامات الجماعية في الميادين العامة lsquo;جميعها جرت وما تزال تجري تحت عناوين quot; حماية الثورة ومحاربة المفسدين بالأرض quot; وصون وحدة الأمة والبلاد الإيرانية.


أما إشعال الحروب العسكرية مع دول الجوار و خلق الفتن الدامية في العديد من البلدان العربية والإسلامية فأنها كانت تجري وما تزال قائمة تحت يافطة محاربة الاستكبار وتصدير الثورة. هذه الثورة التي أتت على أبنائها لتتحول فيما بعد إلى نظام يقوده مجموعة من الملالي شعارهم في إدارة الدولة quot; اذبح تربح quot;.


ولعل في الجملة التي قالها رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي اكبر رفسنجاني في احد خطبي صلاة الجمعة بجامعة طهران منتصف ثمانينيات في سياق تعليقه على عملية اختطاف عددا من الرهائن الأجانب على يد حزب الله في لبنان lsquo; ابلغ تعبيرا عن مدى دموية هذا النظام حيث قال معلقا وقتها quot; إذا أردت ان تجعل العالم يرقص على كف يدك فما عليك إلا ان تقوم بعملية اختطاف رهائن quot; وهذا ما يفسر أسباب كثرت عمليات اختطاف الراهن والطائرات المدنية والتفجيرات التي كانت تجري في الأماكن العامة آنذاك على يد منظمات لبنانية وعراقية تعمل بإشراف ودعم مباشر من نظام طهران الذي كان يبرر تلك الجرائم بأنها تجري في سياق مواجهة المستضعفين للمستكبرين.


فبالأمس وقع انفجار دامي في مركز ثقافي تابع للحرس الثوري الإيراني بمدينة شيراز مركز محافظة فارس lsquo; وقد أدى هذا الانفجار إلى مقتل وإصابة أكثر من مائتي شخص. وقد حدث هذا الانفجار الكبير عقب ثلاثة أيام من تنفيذ نظام الآيات جريمة إعدام جائرة بحق اثنين من علماء أهل السنة البلوش اتهموا بانتمائهم إلى حركة المقاومة الشعبية الإيرانية ( جند الله ) lsquo; وقد جرت محاكمة هؤلاء العلماء خلف أبواب مغلقة ومن دون السماح لهما بتوكيل محامين لدفاع عنهم أو حتى حضور ذويهم للاطلاع على حيثيات القضية ومعرفة رد هؤلاء العلماء على التهم الموجهة إليهم.


وكان شهر مارس الماضي شهد ثلاثة عمليات إطلاق نار على حافلة لقوافل من قوات التعبئة quot; الباسيج quot; كانت تقوم بزيارة مناطق في الأحواز كانت مسرحا للمعارك العسكرية مع العراق وقد قام النظام الإيراني ببناء أضرحة فيها وتحويلها إلى مزارات مقدسة يحج إليها ملايين الإيرانيين سنويا وخصوصا في مناسبة عيد النوروز الفارسي. وقد أسفرت هذه الهجمات التي نفذها مقاومون عرب عن مقتل وجرح أكثر من عشرين عنصرا من الباسيج حسب ما أعلنته وسائل الإعلام الإيرانية. و جاءت هذه الهجمات ردا على إعدام السلطات الإيرانية لأحد الشباب العرب الاحوازيين وهو quot; الشهيد زامل الباوي quot; الذي كان قد اعتقل قبل عامين مع أربعة من أشقائه بتهمة المشاركة بالانتفاضة الشعبية التي جرت في نيسان عام 2005م في الإقليم احتجاجا على سياسة التمييز العنصري والتهجير ألقسري الذي يمارسه نظام الآيات ضد العرب والذي كشفت عنه الوثيقة التي حملت توقيع الملا محمد علي ابطحي مدير مكتب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.


إذن إذا كان منطق العنف هو الوسيلة التي اختاره نظام طهران وعمل على تشجيعها وتنميتها لمواجهة معارضيه في الداخل و خصومه في الخارج lsquo; فما الضير في ان يقوم المتضررون من ظلم وتعديات هذا النظام باستخدام نفس الأداة و الأسلوب أيضاء لردعه ووقف ظلمه وتجبره طالما انه كان ومازال يعتقد ان العنف اقصر الوسائل لتحقيق الأهدافlsquo; أليس هذا هو منطق العدل؟
فالحكمة تقولlsquo; من يزرع الشر يحصد في عواقبه ندامةً.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي