بالرغم من استبعاد رجب طيب اردوغان لحظر حزبه العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الا أن أكثرية المراقبين للشأن التركي يعتقدون أن التورط العسكري الاخير للجيش التركي في شمال العراق والتي اتت كما يبدوا بموافقة امريكية وعراقية قد انعكست سلبا الى حد كبير على شعبيته في الداخل وعلى عملية المفاوضات التركية مع الاتحاد الأوربي.

ومما لاشك فيه فان حزب العدالة والتنمية الحاكم يمر هذه الفترة بظروف داخلية صعبة للغاية ولكن ما يثير اهتمام المراقبين الدوليين هو ان رئيس الوزراء التركي نجم طيب اوردغان يحاول جاهدا هذه الفترة ان يتحرك باتجاه قضايا اقليمية وان يوظف علاقات تركيا الخارجية والدبلوماسية مع القوى المعادية لحليفتها اميركا في الشرق الاوسط. فبالرغم من التوترالسائد الأن في العلاقات الأمريكية السورية والتي بلغت ذروتها هذه الايام بسبب أتهامات دمشق لواشنطن بانها متورطة في عملية القصف الاسرائيلي الجوي الذي استهدف موقع داخل سوريا تدعي الادارة الامريكية بانها كانت مبان لتشييد مفاعل نووي سري فقد اعلن نجم طيب اورغان عن وساطة تركية من اجل اعادة مرتفعات جولان الى سوريا.

فكيف لنا ان نفهم التحركات التركية الجديدة في المنطقةshy;؟
الكل يعرف بان الهم الاساسي لتركيا في خارطة الشرق الاوسط الجديد هو الوضع بالأساس في شمال العراق ووجود قواعد حزب العمال الكردستاني وتأثيراتها السلبية على الأمن القومي التركي. ثانيا أن أي تحرك تركي في المنطقة ولا سيما في سوريا ولبنان مرتبط بالموافقة الأميركية وهذه الموافقة غير متوفرة الأن. ولكن تستطيع تركيا بالمقابل ان تؤدي دور المسهل والناصح والواصل لأن تركيا تتمتع بعلاقات أيجابية مع كل أطراف النزاع في المنطقة.

أذن قضية السلام الأن أصبحت على أبواب دمشق فماذا يعني زيارة اوردغان الى سوريا؟

في الواقع أن تصريحات اردوغان على انه يحمل أفكارا أسرائيليه للسلام مع دمشق والذي تزامن مع تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي حول محاولة سوريا لبناء مفاعل نووي سري قد تفهم بأن اسرائيل قد أدركت أخيرا بان الخيار العسكري و محاولته لتدمير مفاعلات ذرية سورية على غرار ما حدث لمفاعلات تموز العراقية في بداية الثمانينات ليست بتلك المسألة السهلة. لقد تعلم وأستوعب السوريون دروس الماضي وليس لديهم مفاعلات مكشوفة فوق الأرض وتدميرها عن طريق أستهدافها من الجوغير مضمونه أبدا.ان هذا التوقيت كما يفسره المراقبون لزيارة اوردغان الى دمشق والتباحث معها حول مقترحات اسرائيلية للأنسحاب من مرتفعات الجولان يدل على أن أسرائيل تعطي لسورية وزنا كبيرا جدا كعامل تهدئة، فالأسرائيليون يراقبون عن كثب التحركات المهمة لدمشق على الساحة اللبنانية والعراقية، فرغم أنحدار المراكز التقليدية للقوة العربية في المنطقة لكن لازلت لدمشق تأثيرها الكبير و تمارس دورها ونفوذها الأقليمين بجدارة وأصبحت اكثر أهمية من مراكز القوة الأخرى في المنطقة في صياغة جدول الأعمال الاقليمية وهذا ما فسره المراقبون بعد انتهاء اعمال القمة العربية الاخيرة في دمشق.

في الختام أقول بالرغم ان تركيا لا تمتلك شروط القيام بدور لصالح سوريا وهذه المسألة مرهونة مثلما قلنا أولا واخيرا بالرضى والقبول الأمريكي. لكن أنقره أستطاعت أن تنتقل من الهامش لتكسب ثقلا من عمق التأثير الأقليمي يمتد الى قلب الشرق الأوسط أضافه انها تمثل فرصة مهمة لأنقره لتقوية روابطها السياسية والأقتصادية والعسكرية مع تل أبيب.

ما يجب أن نفهمه وناخذه بنظر الأعتبار برأيي في التحركات التركية الأخيرة في المنطقة هو أذا ما وافقت سوريا أو لبنان او حركة حماس او حزب الله على تركيا لتكون بديلا موازنا للثقل الأمريكي الحالي فأن أي دور لتركيا في هذه المجال أن حصل سيكون لصالح تركيا أولا وأخيرا وعلى حساب دمشق قبل أي شي أخر.

راوند رسول

[email protected]