بعد عقود من التعتيم والتجاهل، اتِّبعه السلطات السوريَّة بحقِّ أكرادها، بدأ الملف الكردي السوري يأخذ حيّزاً من التغطية والمتابعة والتداول، ضمن السياقات السياسيَّة والحقوقيَّة والإعلاميَّة. وبنتيجة ازدياد منسوب الاحتقان والغبن الذي يحسُّ به أكراد سورية، وعدم إيلاء السلطات أيَّ اهتمام بمعاناتهم ونداءاتهم السلميَّة لإنهاء هذه المعانات، يوشك هذا الملفّ، أن يأخذ مناحي متفجِّرة، لا يحمدُ عقباها، أقلُّها شأناً، هو إتلاف عرى النسيج الاجتماعي الوطني السوري. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، عن فعل السلطات وردِّ الفعل الكردي، الذي أخذ شكل الانتفاضة الشعبيَّة العفويَّة، هو ما جرى في المدن الكرديَّة شمال سورية، وصولاً لحلب ودمشق في ربيع 2004، والأحداث الداميَّة التي رافقتها، وراح ضحيتها أكثر من 30 كردي برصاص قوى الأمن. وكاد نفس المشهد أن يتكرر، ليلة 20/3/2008، حين أطلق رجال الأمن السوري الرصاص الحيّ على جمهرة من الشباب الكرد، وهم يدبكون حول نيران وشموع عيد النوروز في مدينة القامشلي، ما أدَّى إلى فقدان ثلاثة لحياتهم وجرح خمسة، واعتقال آخرين.

يعيد الكثير من المؤرِّخين والباحثين الأركولوجيين الوجود الكردي في سورية إلى المملكة الهوريَّة _ الميتانيَّة (3000 _ 1500 ق.م)، والتي كانت عاصمتها مدينة رأس العين quot;واشوكانيquot;، شمال شرق سورية. ويعتبرون السوباريين والهوريين _ الميتانيين من ثم الميديين، بأنهم أجداد الأكراد الحاليين. ورفد الأكراد الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة بعلماء في الفقه والفلسفة والعلوم والطب والتأريخ، كـquot;ابن خلكان، ابن سينا، الفارابي، الفراهيدي، والرازي، وزرياب، أبو مسلم الخرساني...، وصولا لصلاح الدين الأيوبي، الذي تعزز الوجود الكردي في بلاد الشام في زمنه، لأن معظم قادة جنده كانوا من الأكراد. وصولاً للحقبة العثمانيَّة، التي تمتَّع فيه الأكراد بشيء الامتيازات، وصلت للإمارة المستقلة، أنعكس إيجاباً على منح بعض البكوات والبشوات بعض الإقطاعات في دمشق وريفها وحوران.

ومع فترة الانتداب الفرنسي، كان للأكراد السوريين ملاحم وطنيَّة كبيرة، بدأت بتصدِّي قائد الجيش السوري يوسف العظمة، الكردي الأصل، للقوات الفرنسيَّة، واستشهاده على بطاح ميسلون 25/7/1920، مروراً بثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، الذي رفض عرض سلطة الانتداب الفرنسي منح الأكراد دويلة، شرط أن يتوقف عن المقاومة. فضلاً عن انتفاضة بياندور، وقصف الطائرات الفرنسيَّة لمدينة عامودا على الحدود التركيَّة _ السوريَّة، ودور أكراد دمشق في حركة مجاهدي غوطة دمشق، الذي كان الكردي أحمد بارافي أحد قادتها. وبعد جلاء الفرنسيين، كان للقيادات الوطنية من أصول كرديَّة دور هام في الحياة السياسيَّة، وتبوَّء مناصب هامَّة كـquot;أديب الشيشكلي، حزني الزعيم، فوزي سلو...quot;. ومع حقبة الجهوريَّة المتحدة بين سورية ومصر سنة 1958، من ثم حقبة الانفصال 1961، فوصول حزب البعث للسلطة في 8/3/1963، تدهورت الحال الكرديَّة السوريَّة بشكل خطير.

لا توجد إحصائيَّات دقيقة لأعداد الكرد في سورية، فبعض الإحصائيَّات شبه الرسميَّة تشير لوجود مليون كردي، وبعض التقديرات الأخرى تشير لمليونين. والجهات الكرديَّة السوريَّة تؤكِّد وجود ما يناهز 3 ملايين، يعني ما يقارب 15% من سكان سورية. لكن، ما هو مفروغ منه، إن الأكراد هم ثاني قوميَّة في البلاد بعد العرب. وتتوزَّع الكتلة البشريَّة الكرديَّة على ثلاثة مناطق:
الجزيرة، شمال شرق سورية. وتضمُّ مدن: quot;ديرك/المالكيَّة، كركه لكه/معبده، تربه سبيه/قحطانيَّة، القامشلي/قامشلو، عامودا، الدرباسية، سريه كانيه/رأس العين، تل تمرquot;. ومركز المحافظة، هو الحسكة، ويتواجد الأكراد في أحياءها: الناصرة، تل حجر، العزيزيَّة، الصالحيَّة، بكثافة. الكثافة السكانيَّة في المحافظة هي 48 نسمة/كم. وفق إحصاء أجراه الفرنسيون عام 1936 لسكان الحسكة، كانت النتيجة كالتالي: 89 إلف كردي، 43 ألف عربي، 36 ألف مسيحي،2001 يهود. يعني إن نسبتهم فاقت 53% وقتئذ.
حلب: ويتوزَّع الأكراد بكثافة في مركز المدينة، في أحيا: الشيخ مقصود، الأشرفيَّة، بستان باشا. كما يتواجدون في ريف حلب، كمناطق: عفرين، راجو، كوباني/عين العرب. ويقدِّر البعض، عدد الأكراد الموجودين في حلب وريفها، بما يتجاوز المليون.
دمشق: يمتد وجودهم هنا إلى الحقبة الأيوبيَّة. وتتركَّز الكتل الرئيسة في أحياء: ركن الدين، الذي يسمَّى حيّ الأكراد. وحي زورافا/وادي المشاريع، وحي مزَّة الجبل. فضلاً عن توزُّعهم في ريف دمشق، كمناطق: الكسوة، عشّ الورور، النشابيَّة، خربة الورد، شبعا. ويتواجد الأكراد في محافظات أخرى كالرقة، واللاذقيَّة ودرعا وحماه.

ملامح التركيبة القبليَّة بادية على المجتمع الكردي في محافظة الجزيرة، وفي منطقة كوباني، إلا أن الأكراد في حلب ودمشق، يغلب عليهم نظام العائلة، نتيجة ابتعادهم عن الريف، واحتكاكهم بحياة المدينة. وفي كلتا الحالين، المجتمع الكردي عموماً، منفتح نوعاً ما، وغير متزمَّت دينيَّاً. وغالبية أكراد سورية هم من المسلمون السنَّة. مع وجود نسبة من الأكراد الإيزيديين في محافظة الجزيرة وعفرين. إلى جانب نسبة ضئيلة من الأكراد الشيعة والعلويين في عفرين والساحل السوري. ويتكلَّم أكراد سورية اللغة الكرديَّة، اللهجة الكرمانجيَّة. ورغم شحِّ الأمطار، وانعدام المشاريع التنمويَّة في مناطقهم التي تشكِّل عماد الاقتصاد السوري (نفط، غاز، حبوب، قطن، زيتون، خضروات...)، لا زال غالبية الأكراد يزاولون الزارعة وتربية الحيوانات. في حين، إن الكثير ممن نزحوا من محافظة الجزيرة مؤخرَّاً، تحت ضغط سوء المعيشة، واتجهوا لدمشق أو حلب، يعملون في القطاعات الخدميَّة الخاصة، ونوادل في الفنادق والمقاهي والمطاعم، أو مزاولة بعض المهن والحرف اليدويَّة، أو باعة يفترشون الأرصفة، وبلغت الفاقة ببعضهم، لأن يعملوا ماسحي أحذية، حتى يكفَّوا عن أنفسهم وعيالهم ضنك العيش. وتتمتَّع المرأة بمكانة جيَّدة في المجتمع الكردي السوري، فهي الفلاحة والعاملة والطالبة والطبيبة والمحامية والمهندسة والكاتبة والصحفيَّة والشاعرة والفنانة والناشطة والمعتقلة السياسيَّة، والمناضلة والمقاتلة، والمئات منهنَّ فقدن حياتهنَّ في جبال كردستان في الصراع الكردي _ التركي. ورغم الطابع العشائري للمجتمع الكردي، إلا ان جرائم الشرف، صارت شبه معدومة في المجتمع الكردي السوري، قياساً بكردستان العراق. وفي السنوات الأخيرة، تراجعت نسبة الأميَّة بين الأكراد، إلى جانب زيادة كبيرة من أصحاب الإجازات الجماعية بين قطاع الشباب، وزيادة خطيرة في معدلات الباطلة بينهم.

في حقبة الانتداب الفرنسي على سورية، نشطت بعض الفعاليات الثقافيَّة، وتم إصدار مجلتي quot;هاوارquot; وquot;روناهيquot;، من ثم تمَّ إغلاقهما بضغط تركي. ومع مجيء حزب البعث للسلطة، بدأ حظر اللغة والثقافة الكرديَّة، تحت طائلة المحاسبة والاعتقال. ما أدَّى لبقاء الصحافة الكرديَّة السورية تراوح مكانها، ليومنا هذا، ولم تخرج من كونها نشرة حزبيَّة بدائيَّة لا ترقى للحرفيَّة. وقد ساهمت الثورة المعلوماتيَّة في تغذية وتنمية الثقافة والصحافة الكرديَّة، وبدأت المواقع الإلكترونيَّة الكرديَّة تنتشر بغزارة، 99% منها، حجبتها مؤسسة الاتصالات السوريَّة.

نشط أكراد سورية منذ الربع الأول من القرن المنصرم في الحقل السياسي، تحت مظلَّة الحزب الشيوعي السوري الذي أسَّسه وقاده خالد بكداش، الكردي الأصل. وفي حقبة الأربعينات وحتى منتصف الخمسينات، أسسوا مجموعة من النوادي الثقافيَّة والسياسيَّة، التي حلَّت نفسها، وانضمَّت لأول تنظيم سياسي كردي سوري هو quot;الحزب الديموقراطي الكردستاني السوريquot; في 14/6/1958. ولأن غالبية مؤسسي هذا الحزب كانوا من النخب السياسيَّة والثقافيَّة الكرديَّة، التي شاركت في الانتفاضات الكرديَّة على الدولة العثمانيَّة، ثم الجمهوريَّة التركيَّة، فقد حمل هذا الحزب الناشئ شعار quot;تحرير وتوحيد كردستانquot;. لكن، سرعان ما تخلَّى عن شعاره، وحوَّل اسمه إلى quot;الحزب الديموقراطي الكردي في سوريةquot;، وتعرَّض للانشقاق بين تيار يميني وآخر يساري، في 5/8/1965. وبدأ مسلسل الانشقاقات والتفريخات السياسيَّة تتوالى، ليصل الرقم حاليَّاً إلى 12 حزب، تتوزَّع على ثلاثة كتل سياسيَّة، هي: التحالف الوطني الديموقراطي الكردي في سورية، ويضم 4 أحزاب. الجبهة الوطنيَّة الديموقراطيَّة الكرديَّة في سورية، وتضم 3 أحزاب. ولجنة التنسيق الكرديَّة، وتضم 3 أحزاب. وهنالك حزبان آخران خارج هذه الكتل، هما: الحزب الديموقراطي الكردي السوري، وحزب الاتحاد الديموقراطي. لا توجد أحزاب إسلاميَّة في الحركة الكرديَّة، وكل هذه الأحزاب، قوميَّة، علمانيَّة، تضاءل الحيز اليساري فيها بشكل كبير، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. ومثلما هنالك تواصل وانسجام بين الأحزاب القوميَّة العربيَّة، بنسختيها الناصريَّة والبعثيَّة. كذلك ينطبق الأمر على الأحزاب الكرديَّة السوريَّة. فأن المزاج السياسي في سورية ميَّال للحزبين الرئيسين في كردستان العراق، باستثناء حزب الاتحاد الديموقراطي، الأوجلاني التوجُّه، إذ يميل لكردستان تركيا. إن مطالب الأحزاب الكرديَّة وخطابها السياسي، لا تتعدَّى السقف الوطني السوري، وهي نفس مطالب المعارضة العربيَّة السوريَّة، مضافاً إليها تضمين الحقوق السياسيَّة والثقافيَّة للشعب الكردي في الدستور السوري، وإلغاء كافة المشاريع العنصريَّة المطبَّقة بحقِّ الشعب الكردي، وتعويض المتضررين من هذه المشاريع. وغالبيَّة الأحزاب الكرديَّة السوريَّة وقَّعت على إعلان دمشق للتغيير الديموقراطي، والأحزاب التي لم توقَّع عليه، هي في حالة تواصل مستمرَّة وكافة فصائل المعارضة العربيَّة السوريَّة، رغم أن هذه الأخيرة لا زالت تبدي توجُّسها من إصرار الأحزاب الكرديَّة على الهويَّة القوميَّة، وتطالبها بأن يكون خطابها مركَّزاً على المنحى الديموقراطي، لأن القضيَّة الكرديَّة هي جزء من قضيَّة الديموقراطيَّةفي سورية، وضرورة عدم ترجيح الجزء على الكل، برأي الأحزاب العربيَّة. وبعض قوى المعارضة السوريَّة، كثيراً ما تقاطعت والسلطة السوريَّة في اتهام الأكراد باللاوطنيَّة والاستقواء بالخارج، لمجرَّد أن الحركة الكرديَّة السوريَّة، لم تدين الاحتلال الأمريكي في العراق. الأحزاب الكرديَّة السوريَّة، هي التي كانت المُبادِرة في التواصل مع الأوساط العربية. وقد ساند أكراد سورية القضايا العربيَّة، وسقط عشرات الشهداء منهم دفاعاً عن القضيَّة الفلسطينيَّة، منهم خالد آكر، الذي نزل بطائرة شراعيَّة مفخخة على معسكر للجيش الإسرائيلي. وكان لأكراد سورية مساهمة كبيرة في الحراك السياسي المدني السوري، وفي المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان. لكنهم اتجهوا لتشكيل منظماتهم الخاصة بهم، بعد أن لاحظوا أن المنظمات العربيَّة بدأت تخضع لمزاج قوى المعارضة العربيَّة، وتتعرَّض للانشقاقات. وحالياً هنالك منظمات حقوقيَّة كردية عديدة، أبرزها: اللجنة الكرديَّة لحقوق الإنسان في سورية. المنظمة الكرديَّة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية (DAD). منظمة حقوق الإنسان في سورية (ماف). اتحاد الحقوقيين الكرد في سورية (YMKS). لجنة quot;MADquot; السورية للدفاع عن حقوق الإنسان.

يُذكر اسم quot;محمد طلب هلالquot; في أدبيات الأحزاب الكرديَّة السوريَّة بكثرة. وهذا الرجل، كان مسؤولاً للمخابرات السياسيَّة في محافظة الحسكة مطلع الستينات. وقدَّم مذكَّرة لقيادته سنة 1962، هي عابرة عن دراسة سياسيَّة، اقتصاديَّة، اجتماعيَّة، قوميَّة عن منطقة الجزيرة. وطالب فيها بتطبيق سلسة من الإجراءات والمشاريع في المنطقة، للحدّ من الخطر الكردي على الأمَّة العربيَّة، وجاء في مذكرته: quot; ضرورة اجتثاث الخطر الكردي والإسراع في اقتلاعه من الجذور... وتشتيتهم، وضرب بعضهم ببعض، وتجويعهم، وسد باب العمل والتوظيف أمامهم، وتجهيلهم وحرمان مناطقهم من الجامعات والمعاهد الحكوميَّة، واعتبارها منطقة عسكريَّة، وتغيير ديموغرافيتها، وسحب الجنسيَّة من سكانها الأكراد، ونزع الأرض منهم وتحريض العرب ضدهم، وإسكان العرب بينهم، ومنع كل من لا يتكلَّم العربيَّة من ممارسة حقِّه في الانتخاب والترشيح...quot;. وبعد تقديمه لهذه الدراسة، تقلَّد هذا الضابط مناصب عُليا في الدولة، فأصبح محافظاً، ثم وزيراً، ونائب لمجلس الوزراء، فسفير. بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93، في 23/8/1962، تمَّ إجراء إحصاء استثنائي في محافظة الحسكة يوم 5/10/1962، تمَّ بموجبه، تجريد 120 ألف كردي من الجنسيَّة السوريَّة. وفي 24/6/1974، اجتمعت القيادة القطريَّة لحزب البعث الحاكم في دمشق، وأصدرت القرار رقم 521، القاضي بتطبيق مشروع quot;الحزام العربيquot; في محافظة الحسكة. والمرحلة الأولى من هذا المشروع، قضت بإنشاء 41 قرية نموذجية، (على شاكلة المجمَّعات الاستيطانيَّة الإسرائيليَّة)، بمحاذاة الحدود التركيَّة، بطول 275 كم، وعمق يتراوح بين 10 و15 كم. وتمَّ توطين آلاف العائلات العربيَّة المستقدمة من محافظتي الرقَّة وريف حلب فيها، بعد مصادرة الأراضي من الأكراد ومنحهم إيَّاها. فضلاً عن مساعي تغيير أسماء القرى والنواحي في المنطقة، من الكرديَّة إلى العربيَّة. وعليه، دخل مشروع محمد طلب هلال حيّز التنفيذ الحرفي، ولا زال معمولاً به للآن.

وقد تكون مأساة المجردين من الجنسيَّة، هي أبرز معالم القضيَّة الكرديَّة في سورية، نظراً لما تشكِّله من بعد إنساني متفاقم. فرغم الوعود المتكررة التي أطلقتها السلطات السوريَّة، على كافة المستويات، بدءاً برئيس الجمهوريَّة، وانتهاء بمسؤولين آخرين، بقرب طيّ ملفّ المجرَّدين من الجنسيَّة، وإعادتها لهم بالتدريج، لكن، لم تلقَّ حتى الآن، أيَّة خطوة في هذا الاتجاه. وقد وصل عدد المجرَّدين من الجنسيَّة لما يناهز 300 ألف كردي، محرمون من حقوقهم المدنيَّة في التملُّك والسفر والترشيح والانتخاب وخدمة العلم والتوظيف في دوائر الدولة، ويسجَّلون في القيود المدنيَّة كـquot;أجانبquot;، دون ذكر أنهم أكراد. وقد نتج من هذه الشريحة، فئة أخرى، تعاني من حالٍ أسوأ من حال quot;الأجانبquot;، وهم quot;مكتومي القيدquot;. وذلك لأن زواج كردي مجرَّد من الجنسيَّة من أمرأة كرديَّة أو عربية تحمل الجنسيَّة السورية، غير معترف به أمام المحاكم، ولا يسجَّل في القيود المدنيَّة. لذا، يبقى الأولاد مكتومي القيد، لا يمتلكون أيَّة وثيقة رسمية، تثبت وجودهم على قيد الحياة في وطنهم السوري. وبعض التقديرات الكرديَّة تشير أن عدد مكتومي القيد من الأكراد، بلغ حوالي 70 ألف كردي، من أصل 300 ألف مجرَّدين من الجنسيَّة. على ضوء ما سلف، ومع استمرار تجاهل السلطات السورية لنداءات أكرادها، الداعية لمنحهم حقوقهم الثقافيَّة والسياسيَّة في إطار الوطن السوري، ومع عدم إيفاء السلطات لوعودها حيال المجرَّدين من الجنسيَّة، تبقى حال الأكراد في تفاقم مضطرد، يزيد من التهاب الملف الكردي، تحت الرماد.

هوشنك أوسي