أصعب من أعلان صيغة تفاهم في ظروف كالتي يمر فيها العراق الممزق برصاص الحروب الطائفية والحروب الاتية من دول الجوار منذ 5 سنوات.المباحثات التركية مع الحكومة العراقية ومع نيجيرفان البرزاني رئيس حكومة اقليم كردستان والتي رافقتها جهود حثيثة من الرئيس العراقي جلال الطالباني ونائبه الهاشمي قد فتحت مرحلة جديدة من العلاقات السياسية لأيجاد صيغة تفاهم مع الجارة المسلمة تركيا.

حماية هذه الصيغة وتأمين أستمرارها لأطول فترة ممكنة أو بما يكفي لتمكين الأطراف المعنيين من الوصول الى تفاهم حقيقي حول صيغة أمتن وأعمق للمستقبل أي حول ضمانات سلام العراق وسلامة المواطنين.

فصيغة التفاهم العراقي الكردي التركي في مثل ظروف العراق ليست مجرد فاصل بين حربين قائمين بل هي معركة فعلية ضد قوى مؤثرة وقادرة وذات مصلحة حيوية بأستمرار الحرب والاجتياحات التركية وتغييب حلم السلام والسلامة عند المواطن العراقي سواء العربي أو الكردي. وواجب الحريصين على بقاء العراق أرضا لوطن واحد وموحد لكل أبنائه هو تأمين الحماية المطلوبة لهذه الصيغة والأستعداد الكامل لمجابهة المتضررين منها والذين سيعملون لتخريبها ونسف الأسس السياسية التي قامت عليها أو محاولة قيام بضجيج مفتعل في الصحافة العربية المضادة حول مواقف قادة الكرد في العراق وهذا ما لمسناه من كتابات سيريني وحمو وهم كتاب كرد اصوليون.

بكل صراحة ووضوح أن حزب العمال الكردستاني طرف متضرر من التفاهم العراقي التركي ولذا هو سيتحرك بكل أمكانياته على التأثير لنسفها أو لمنع أستقرارها كمناخ ملائم لحوار جدي يستهدف الوصول الى توافق عراقي كردي حول القضايا الأمنية مع تركيا.

وهكذا فان حزب العمال الكردستاني في تركيا سيحاول ممارسة سياسة أمر الواقع في أقليم كردستان بالعراق من أجل فرض نفسه كطرف على طاولة حوار بين قادة الكرد في العراق والأتراك و في ظل حديث عن زيارة مرتقبة لوفد تركي الى أقليم كردستان وعبر الاقرار بما يسميه مدافعي حزب العمال الكردستاني امثال سيريني وحمو المصالح القومية المشروعة للشعب الكردي.وهي مصالح تتجاوز أمن الحدود العراقية التركية لتصير مشكلة خطيرة للأمن الوطني العراقي وللأمن الوطني التركي. وباختصار للأمن القومي الكردستاني.

فمثلما ذكرنا فان هذا التفاهم العراقي الكردي التركي تمثل خطرا على كثير من القوى والجبهات غير الرسمية التي صنعتها الحروب ولانقصد فقط هنا حزب العمال الكردستاني بعينه فهناك على سبيل المثال جبهة مجاهدي خلق و التيارات الاسلامية المحظورة وبعض المنظمات السياسية الاخرى غير العراقية التي لاتعيش الا بالحرب.

لقد حاول مدافعي حزب العمال الكردستاني سيريني وحمو وغيرهم وهم كتاب كرد في المهجر يعانون من أزمة الهوية الضائعة والأنتماء الوطني شطب دور الكرد في العراق وعلى رأسهم فخامة الرئيس العراقي جلال الطالباني وثقلها الوطني لأن الجلوس مع تركيا الجارة المسلمة من أجل ايجاد صيغة للتفاهم الأقليمي بنظرهم جريمة قومية لاتغتفر.

بل أكثر أن هذه المحاولات تستهدف تحويل أقليم كردستان الى عبء والتأثير على موقعه وهم يتصورون أنهم يستطيعوا أن يسيئوا الى التراث النضالي لحركة التحررالكردية في العراق الذي لاغنى ولا بديل عنه في التوازن الوطني.

لا أحد يجهل منا المشكلات اليومية المستمرة للمواطن العربي والكردستاني على حد سواء في العراق وهي ليست بخافية على احد ونتخوف من تفاقمها ولكن الحديث عن الدم الفاسد وافتعالات سيريني وغيرهم من الكتاب وأفتعالهم لمشكلات محلية داخل مناطق باقليم كردستان فهي مقصودة بغرض أدامة الأستنفارالقومي والمناطقي الخ، ليست بريئة هي الأخرى ولاهي من فعل المصادفات بل هي من فعل فاعل وهي أفتعالات مقصودة لأضعاف موقع الكرد في العراق الوطنيون حتى النخاع.

أن حرب المتضررين من البي كي كي والجماعات الأسلامية المحظورة التي بدات عشية زيارة الرئيس العراقي الى أنقره لا بد أن تتواصل بحرب قادمة بعد التصريحات الأيجابية لرئيس الوزارء التركي اوردغان والتي أعادت ضخ الدم في شرايين الهدف السياسي لزيارة الرئيس العراقي جلال الطالباني.

والذين خسروا بالحرب مع تركيا ومع امريكا العديد من المواقع التي حاولوا عبر الوصول اليها والتمركز فيها اضفاء طابع الهيمنة على أراضي عراقية صور لهم الوهم بانهم بأساليب اخرى مثل الضغط السياسي والأعلامي والأبتزاز الامني يستطيعون أن يستعيدوا تلك المواقع.

من هنا المناداة بضرورة اليقظة والتنبه لحماية تجربة أقليم كردستان وحماية التفاهم العراقي الكردي التركي وبالتالي حماية الموقع الوطني باعتباره هو المستهدف برصاص المخربين والغوغائيين من قوى الشر والظلام ومن ابناء الحروب الاقليمية المهددين بالتحول الى أيتام أذا ما توقفت.

راوند رسول
[email protected]