هذا العنوان الناري المتناقض ليس من عندنا، البتة، كلا، وحاشا لله، بل أتى في سياق نقد عنيف قام به الناشط الإخواني الأستاذ علي الأحمد ضد جماعة الإخوان المسلمين السوريين، وقد كان همه وديدنه وشغله الشاغل، سابقاً، هو شيطنة وأبلسة البعث والنظام السوري ورميه بكل فرية ورزية. وها هو الاعتراف سيد الأدلة من خلال سلسلة المقالات والاعترافات التي تعكس ممارسات الإخوان وتظهر حقيقتهم العارية، والتي غمر بها صديقنا اللدود الأستاذ الأحمد، بريدنا الإليكتروني، وتصدرت مدونته على الشبكة العنكبوتية: http://alialahmad.blogspot.com
ومن يتذكر منافحات السيد الأحمد، واعتداده بإخوانيته، ودفاعه عن فكر الإخوان وممارساتهم وتبريرها، يستغرب هذا الموقف الجديد منه ويؤكد المقولة المعروفة بـquot;أن كل عاطفة تحمل نقيضهاquot;، فشدة الحب والهيام، مثلاً، وكما يخبرنا النفسيون، تحمل في طياتها نفس القدر من الحقد والكراهية والبغضاء، وهذا ما يؤكده لنا اليوم السيد الأحمد في علاقته مع الجماعة الدينية السورية التي لا أدري كيف هام بها في سالف الزمان. ولن نوغل كثيراً في فضح وتشريح ممارسات تلك الجماعة وتاريخها، وسنترك ذلك للشهادة- الفضيحة- لكي تتكلم عن نفسها بلا مواربة أو أقنعة وتجميل. تلك الشهادة التي تكتسب قوتها وشرعيتها وخبطتها الإعلامية المدوية لأنها شهادة من quot;أهلهاquot;، وتعني فيما تعنيه تعني أنه من المبكر جداً على تلك المافيات الأصولية والقومجية المرعبة أن تطرح نفسها كـquot; مخلصquot; للسوريين من quot;شقاواتquot; النظام، وهي في النهاية، وعلى عكس خطابها الوردي الزاهي الكذاب، ليست ملائكة طاهرة منزلة من السماء. ولها، برموزها، من العيوب والمثالب ما لا يؤهلها لقيادة أي عمل وطني، وعليها أن تبز الآخرين أولاً، قيمياً وسلوكياً وتنظيمياً وسياسياً، وتبرهن على ذلك قولاً لا فعلاً، قبل أن تفكر مجرد التفكير بتغييره، أو محاولة طرح نفسها كبديل عنهم.
فمما قاله السيد الأحمد عن براءة الدين من هذه الجماعة السياسية، وأستغفر الله دائماً لهم على كل حال ومن كفر مسلماً فقد كفر، وتحت عنوان quot;والدين منهم براءquot;، وسنترك كلمات المقال كما وردت ودون تدخل في النحو والتشكيل والإملاء: quot;والدين منهم براء....عبارة كثيرا ما سمعناها تتردد من ابواق الإعلام البعثي يصفون به ما كانوا يسمونه عصابة الإخوان المسلمين، كنا نقرف من تلك العباره ونهزا ونحتقر مردديها من مذيعين وغيرهم ونعتبرهم بوق الطاغوت البعثي.............الا ان جاء اليوم المحتوم وتكشفت تلك العصابه، على حقيقتها، انكشفت لنا بعد وقت طويل لاننا بسطاء بقلوب طيبه مساكين بينما عرفها غيرنا منذ الايام الاولى وانصرفوا في بقاع الارض يجمعون الدرهم والدينار بينما بقينا الاوفياء الصادقين على العهد، الى اليوم الذي جاء وقت مكافئتنا وجزائنا فكان صفعة على وجوهنا البريئه، وصدودا ونكرانا من تلك العصابه التى ظللنا نحسن الظن فيها لجهلنا وغبائنا وطيبة قلوبناquot;.
وعن انكشاف حقيقة quot;بعضquot; من قادة الجماعة الذين يجلدون ظهورنا تقريعاً وتفزيعاً بالديمقراطية والليبرالية والمبادئ الإخوانية: quot;جاء اخيرا اليوم الذي انكشف فيه موظف شركة الكهرباء الوضيع نمرا في وجوهنا البريئه، وصاحب اليد المشلولة المقطوعه ذئبا وثعلبا ماكرا يغطي على موظف الكهرباء الحقير ليكونا مع بعضهما من صرنا نعرفه ( والدين منهم براء ) صدق البعثيون ولو كذبوا، و صلنا نحن الاغبياء الى اليوم الذي عرفنا فيه اولئك الاوغاد على حقيقتهم ماكرين اوباشا يحفرون باظافرهم الخبيثه للبسطاء والضعفاء والمغشوشين، انكشفوا كما لم يكن الانكشاف وكما لم نكن نتخيله في حياتناquot;.
وعن زيف وتناقض وتلون السلوك الإخواني يستطرد السيد الأحمد قائلاً: quot;من كان يظن ان اولئك الانقياء انما هم كذابون غشاشون، وان البعثيين صادقين في تحليلهم لهم ؟ من كان يخطر بباله ان هؤلاء الانقياء الذين يقومون الليل الا قليلا انما هم quot;..............المسعورةquot; (حذفت هذه العبارة من قبل كاتب المقال قصداً نظراً لشدتها وقسوتها)quot; عندما تعرفهم على حقيقتهم ؟ من كان يتخيل ان اولئك العباد انما يمثلون علينا تمثيلا وقد صدقناهمquot;.
ويسهب في وصف أعضاء تلك الجماعة بكلمات نابية ولا تليق، وأستغفر الله لهم على كل حال، ونترفع عن ذكرها في هذا المقام الرفيع، غير أن شحنة الغضب والألم البادية بين ظهور الكلام، وتنـّم عن قدر عال من الظلم والغدر والإجحاف ربما تعرض له الرجل، ولا تترك، بنفس الوقت، مجالاً لأحد إلا أن يتساءل فعلاً عن المدى الذي ستذهب إليه هذه الجماعات السلفية فيما لو قيض الله سبحانه وتعالى لها وحاشا لله الحكيم العليم، وquot;مكنهاquot; من رقاب ومصائر أحد ( لا يستبعد حينها أن تقيم عليه الحد وتمارس ضده هواية حز الرقاب المعروفة ضد الهراطقة والمرتدين حسب الخطاب الإخواني). ويطرح عندها السيد الأحمد نفسه بعد أن كشف له المستور والمخفي والمخبوء كمناهض عنيد، (يعني، وبكل تواضع، مثلنا بالضبط)، لهذه الجماعة مهدداً ومتوعداً إياه بسوء المصير، ومتصدياً لها بكل ما أوتي من قوة وسلاح: quot;.......وسنواجه باذن الله الظلم الجديد بنفس القوة والشموخ والعنفوان، لن نضعف ولن نخضع وسناخذ حقنا من افواه الصقور الجارحه، لاننا لا نكذب ولا نغش ولا نتلون ونقول الحق ولو كان ثمنه غاليا، اما موظف الكهرباء الحقير وصاحب اليد المشلوله اشل الله لسانه فلهما يوم لن يطول باذن الله........... لن نتهاون امام عصابة الاوغاد الحقراء الذين طعنونا في الظهر ونكلوا بنا، ولكننا على قدر الحمل باذن الله ولنا معهم يوم للحسابquot;.
من المؤسف، والمحزن جداً أن تنزلق العلاقات السياسية والتنظيمية والشخصية فينا بين بعض ممن يطرحون أنفسهم كداء وترياق لمشاكل وهموم الناس إلى هذه القيعان العميقة. وألا يتمكن البعض من إدارة شؤونهم وأمورهم وشؤون أعضاء تنظيماتهم إلا على هذه الشاكلة من العسف والغدر والتنكيل والقهر. طرق مستبدة لا تنم البتة عن أي نضوج سياسي وتنظيمي وبعد نظر فكري وممارسة ديمقراطية وإنسانية، وهذه، إجمالاً، هي سمة معظم المافيات السورية المعارضة ومن لف لفها من منتفعاتها القومجية والأصولية التي تتنطع اليوم لقيادة سورية، وباتت فضائحها وممارساتها تزكم الأنوف، وتخجل النفوس.

نضال نعيسة