في هذا الزمان العربي الواحد، والمكان الواحد، والجهة الواحدة، والكتاب الواحد، والديكتاتور الواحد الأوحد، تدخل إيلاف كبيرةً، كثيرةً، ذكرى ميلادها السابع الكثير، لتُدخل ثقافة الضاد، وتدخلنا معها، زماناً أكثر، وكتاباً أكثر، وحواراً أكثر، ومعلومةً أكثر، لأجل إنسانٍ أكثر، بعربيةٍ أكثر.

مع جرأة إيلاف العميّرية، يمكن الحديث، عربياً، إلى حدٍّ كبير نسبياً، عن تحرير التفكير من غيتوهات ثقافة التكفير، وبالتالي عن تحرير الصحافة العربية، من مرحلة quot;التدجين والترويضquot; ورقياً، إلى مرحلة quot;الإنفتاحquot; على الذات وعلى الآخر، إنترنتياً.
مع إيلاف المعمّرة عميرياً(والتي ولدت يوم 21 أيار/ مايو 2001)، في هذا الفضاء الإنترنتي الكثير، يمكن الحديث عن دخولٍ جميلٍ كثيرٍ، لا يقارن مع quot;الدخولات العربية السابقةquot;، صحفياً، في الرأي والرأي الآخر، فضلاً عن دخولٍ جميلٍ وأكثر، في هذا الزمن الرقمي المفتوح، على إنسانٍ كثيرٍ، وعقلٍ كثيرٍ، ودينٍ كثيرٍ، وسماءٍ كثيرة، وثقافةٍ كثيرة...إلخ.

لا شك، جنباً إلى جنب، مع ناشر ورئيس تحرير إيلاف وquot;عقلها الأولquot; عثمان العميّر، أن للعزيز quot;الشاعر المتمرد الباقيquot; إلى ما بعد الياء(تيمناً بإحدى سرياليات شاعرquot;حياة ما بعد الياء/ منشورات فراديس، 1995quot;)، والخبير في شئون quot;عرب ما قبله وما بعدهquot;، السريالي عبد القادر الجنابي، بصمات روحه الطلقة الطليقة والواضحة على طلاقة صحافة إيلاف، التي انفتحت على حريتين معاً: حرية الأنا+حرية الآخر.

من قبل، كان quot;كِتاب ما قبل إيلافquot;، في بعضه الأغلب والأكثر، على مستوى الصحافة الورقية بخاصة، عربياً، كِتاباً من quot;كنّ إلى فيكونquot;، أو quot;كتاباً مجبوراًquot;، إلى حدٍّ كبيرٍ ومبالغٍ فيه، ومأموراً بquot;كن ليكونquot;، فضلاً عن عيشه الأكيد من الألف إلى الياء، تحت رحمة أكثر من مقصٍ يفصّل المواد على مزاج quot;إله القصات الجاهزة تحت الطلبquot;، وأكثر من رقيبٍ متخصص في شئون quot;إخصاءquot; النصوص، وترقية اللصوص، وأكثر من مشرفٍ عاملٍ في مجال quot;تدبيجquot; الأخبار، وquot;تبجيلquot; الأخيار، وquot;تنميقquot; الأسرار، وquot;تهذيبquot; التكرار.
من قبل، كان لا بدّ لquot;الكتاب القاعدةquot;، أو quot;المقال أو الرأي أو القلم القاعدةquot;(مع استثناءاتٍ نادرة جداً) أن يحدث في الصحافة، عربياً، من الألف إلى الياء، حدوثاً روتينياً مفصلاً، كما أراد له المفصّل القائم على شئون هذه الجريدة، أو تلك المطبوعة، أو هاته المؤسسة الإعلامية، تفصيلاً عربياً مبيناً.
من قبل(على خلاف إيلاف تماماً، التي تنشر النص قبل كاتبه، وتعبر إلى هذا الأخير من خلال نصه)، كان على الكاتب أن يتعب على صناعة المديح وquot;الرقص والنخّquot; لناشرٍ، أو صاحب مطبوعةٍ، أو سكرتيرٍ أو ربما quot;حاجبٍquot; لها، أكثر من تعبه على مكتوبه، حتى يجد طريقه الصعب جداً، إلى النشر بعد رحلةٍ طويلةٍ وشاقة.
من قبل، كانت علاقات quot;الكتّاب التحتquot; مع quot;كتّاب الفوقquot;(الفوق الناشر+الفوق المحرر+الفوق المصحح+الفوق السكرتير+الفوق المموّل)، أهم(أو هكذا كانت تجب أن تكون) بكثير من علاقة النصوص بالنصوص، والحروف بالحروف، والأفكار بالأفكار، والمعلومة بالمعلومة.

هكذا، حكمونا من قبل، quot;كتابنا ومحررونا الفوقيونquot; المدللون، المدعومون من quot;ملوك الطوائفquot; وممالكهم، في quot;جمهورياتهمquot; المطبوعة ورقياً، دون أن يسعوا أو يؤسسوا لا لquot;سلطةٍ رابعةquot; أو quot;خامسةٍquot; ولا هم يحزنون.


هكذا، خرج quot;الآباء الورقيونquot; على quot;شرف الحرف والمعلومةquot; وأخواتهما، وأخرجونا زوراً وبهتاناً منها، وعلمّونا حياة مابين الألف والياء، المسجونة، المطعونة، المقهورة، المسكوتة عنها، المفعولة بها، المكبوتة الأكيدة، عربياً، إلى أن يشاء الحاكم ومزاجه الديكتاتور، الممتد من المحيط إلى الخليج.


هكذا أخفى quot;ورقيوناquot; عنّا quot;حياة مابعد الياءquot;، وحجبونا وحجبوا عنّا quot;كتاب ما بعد الياءquot;، وأفتوا في quot;ثقافة ما بعد الياءquot;، وأقصوا quot;حروف ما بعد الياءquot;، وأنكروا علينا quot;دين وإنسان وإله ما بعد الياءquot;، حتى طلع علينا القادم لتوه من quot;توبته الورقيةquot;، الناشر والصحفي الكثير(ويقولون ما هو) عثمان العميّر، بصحبة اليائي الجميل الشاعر إلى ما بعد الياء عبدالقادر الجنابي، إلى جانب آخرين كثيرين(أخص بالذكر شاعر quot;الأختام الهجريةquot;، الهارب من ميلاده المنكسر، منذ أن مات العراق في quot;نبوءةٍ عاطلةٍquot;، الصديق عبد الرحمن الماجدي) ليدخلوا(ويدخلونا معهم)، هكذا واسعاً، إلى quot;حياة إيلاف ما بعد الياءquot;، وصراحة صحافة ما بعد الياء.


هكذا حجب quot;المنظرون القومجيونquot; الكبار، الممتدون، والمستمرون، من المحيط إلى الخليج، عنا(نحن quot;الغرباء المندسّونquot; في لسان الضاد، أو quot;الطارئون عليهquot;، من الألف إلى الياء)، وجوه ما بعد الياء، وأيادي ما بعد الياء، ودين مابعد الياء، وكِتاب مابعد الياء، وثقافة ما بعد الياء، وأهل مابعد الياء، وعرب وأمريكا ما بعد الياء، إلى أن حدثت إيلاف، فحملتنا على يدين من ياءٍ كثير، ذاهبتين إلى حياةٍ أكثر.

هكذا أصّر (ولا يزال حبل الإصرار على الجرّار) مثقفو، ومحررو، ومحللو، وسياسيو، وحكام ما قبل الياء، على أن quot;أمة إقرأquot; هي quot;خير أمةٍ أخرجت للناسquot;، في ذات الوقت الذي كانوا يعلموننا كيف quot;نرمي إسرائيل إلى البحرquot; وquot;نعدمها على الخريطةquot;، لأنها تعاكس إرادة الله(إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير/ الحجرات:13)، ولأنها quot;نموذج للدولة العنصرية التي تؤله اليهود، بإعتبارهم شعباً مختاراً لله أو الرب المختارquot;، على حد إيمانهم، حتى جاءت إيلاف لتكشف لقارئها عورات quot;أمة إقرأquot; التي لا تقرأ، وحكوماتها وحكامها الذين لا يقرأون، فضلاً عن عوارت quot;فقهاء ظلامهاquot;، وquot;شيوخ فتاويهاquot;، وquot;تجار ومقاولي دينهاquot;، الماضين في قراءة quot;الدين الماضيquot;، وquot;الله الماضيquot;، والعادات الماضيةquot;، والخارجين على كل آتٍ جديد، وكل قراءةٍ آتيةٍ جديدة.

هكذا أغلق الورقيون quot;جمهورياتهم الورقيةquot; على أنفسهم، وأوصدوا أبوابها في وجوهنا نحن المغضوبين عليهم، وهكذا أصرّ الإيلافيون الرقميون الخارجون على ثقافة الورق، والداخلون في ثقافة النت من أرحب أبوابها، على ضرورة انفتاحهم على أنفسهم وعلينا، لندخل معاً، زماناً ومكاناً مفتوحين، وثقافة مفتوحةً، وديناً مفتوحاً، وإلهاً مفتوحاً، على إنسانٍ مفتوحٍ كثير.

بالطبع، كل هذا لا يعني، أنّ quot;إيلاف ما بعد الياءquot;، هي في تمام كمالها ومعصوميتها.
إيلاف، حدثت، وأحدثت معها حريةً كثيرةً، ولكنها ليست الحرية كلها على أية حال.
لإيلاف ما بعد الياء أيضاً سقفها وياؤها الذي تنتهي إليه.
هي تكيل النظام العربي(من المحيط إلى الخليج) مثلاً، بأكثر من مكيال، وتتناول مشاكله بأكثر من سقفٍ، وترتكب كتاباتٍ وتقارير وتحليلاتٍ صحفيةٍ، عن شئون quot;أولياء أمورهquot;(رؤساءً، وملوكاً، وأمراء)، بأكثر من لسانٍ، ينتهي إلى أكثر من ياء.
هي(أحياناً) هناك(في دمشق، أو بيروت، أو الدوحة، أو بغداد، أو هولير) واضحة جداً، حاسمة جداً، طليقة جداً، ليبرالية جداً، أما هنا(في الرياض أو مكة وأخواتهما)، فهي بعض واضحة(أو غير مباشرة)، وبعض حاسمة(أو ديبلوماسية)، وبعض طليقة( أو متلعثمة)، وبعض ليبرالية(أو محافظة).
هي، كسبت كتاباً كثيرين، ولكنها في المقابل أضاعت أو ربما ضيّعت كتاباً آخرين، كانوا على يديها.

ولكن مع كل هذا وذاك، تبقى إيلاف كثيرةً، عزيزةً، مفتوحةً على رأيٍّ كثير ومعلومةٍ كثيرةٍ، ونساءٍ جميلاتٍ كثيرات.

تحية كثيرة لإيلاف ما بعد الياء، في الذكرى السابعة لمولدها.
تحية كثيرة إلى الإيلافيين جميعاً، من الألف إلى الياء، قراءً وكتاباً ومحررين ومسؤولين.

تصبحون على حريةٍ كثيرة وإيلاف أكثر


[email protected]