يقول الرسول (ص): المرأة ريحانة لا كهرمانة فارأفوا بها...

العنف سلوك غير انساني تصاحبه دائماً سيطرة القوة والإكراه وخصوصاً الموجه ضد المرأة. يستعمل العنف كوسيلة لإخضاع المرأة فكرياً وجسدياً لتحقيق أغراض فردية أنانية لمصلحة الرجل، فهو يُمارس في جميع أنحاء العالم والأغلبية الكبرى من الضحايا هم من النساء والفتيات بغض النظر عن الطبقات الإجتماعية والثقافية..

فنرى في معظم الدول النامية كثيرا من العنف والإضطهاد يمارس على حقوق المرأة بطرق عديدة منها الإعتداء الجسدي والفكري والمعنوي. وبالرغم من التطورات الحضارية والتقدم الفكري الإنساني والتمدن بما يتناسب مع الفكر الحضاري البشري إلا أننا ما زلنا نرى العنف يهيمن على معظم عقول بني البشر ويطبق على الكائنات الضعيفة والوديعة كالمرأة...

فنجد القوة توظف بطريقة خاطئة ومشينة للسيطرة على الطرف الأضعف من خلال ظاهرة العنف القسري ضد المرأة وحقوقها الإنسانية..

وهنا نلاحظ أن الرجل يستعمل القوة والشدة والإكراه ويستغل تركيبته البنيوية التي خلقه الله بها ليحمي المرأة في ممارسته للعنف الأسري ضد من هم تحت كنف حمايته من زوجته وبناته فيعمل على الإيذاء المباشر وغير المباشر باليد أو باللسان!!

فينتج عن ذلك أن المرأة التي تتعرض للعنف الأسري قد تفقد إنسانيتها التي وهبها الله لها فلا تستطيع بعدها أن تؤدي دورها في الحياة الزوجية والإجتماعية بشكل صحيح لأنها تفقد بذلك ثقتها بنفسها وقدرتها الذاتية كإنسان للتعامل مع المجتمع الخارجي. وكذلك تفقد الشعور بالأمان ويحل الخوف والتصرف الخاطئ مكان التفكير الواعي والسليم..

عندها لن يعود بمقدورها تربية الأطفال بطريقة مناسبة وبشكل تربوي سليم وصحيح..

وبجانب ذلك نرى كثيرا من النساء اللواتي تستعمل ضدهن وسائل العنف الأسري تتدهور صحتهن وقوتهن حتى تصل في كثير من الأحيان إلى الإعاقة الدائمة أو إلى إضطرابات عصبية تسبب مرضا نفسيا دائما!!

عند ذلك تكره المرأة زوجها وتتجنب العلاقات معه قدر الإمكان فيولد ذلك خللاً في بناء حياتهما التي لا تقوم إلا بتعاونهما المشترك فينتج عن ذلك حالات عديدة للطلاق والتفكك الأسري فينعكس كل هذا الأمر سلباً على الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في اسرة تحكمها همجية العنف!!!

وهنا وإليك أيها القاريء العزيز قصة لفتاة اختفت الأنوار أمام ناظريها والتهمت الظلال القمر الذي ينير دربها فذبل الربيع في عينيها وضاقت بها الحياة فلم تجد وسيلة للخلاص من عذابها وحياتها التعيسة سوى طريق الإنتحار.

لينا شابة في الثانية والعشرين من عمرها تعمل ممرضة في احدى المستشفيات الكبرى في المدينة وهي من عائلة محترمة وجميع أفرادها مثقفون ومتعلمون. تعرفت إلى وسام واحبته بعد أن بهرت بجمال مظهره الخارجي وجسده الرياضي ولباقته في الحديث وهو سائق سيارة نقل خاصة للمستشفى لا يحمل شهادات تعليمية إلا الشهادة المتوسطة...

بالرغم من عدم إقتناع الأهل به تزوجته وسكنت معه في منزل مؤلف من غرفتين وكان في بادئ الأمر يمطرها بالكلام المعسول ويعاملها معاملة جيدة ولكن بعد أن ولدت طفلها أرادت أن تتفرغ لتربيته بشكل كامل فتركت عملها وبقيت في البيت وهنا بدأت المشاكل.. فالزوج أحس أن المورد المالي المتكل عليه قد تبخر فبدأ يناورها ويحاورها كي ترجع إلى عملها وعندما لم يلق إلا الرفض وإنها تريد تربية طفلها بنفسها بدأت طريقته بالمعاملة تتغير وأصبح يضربها ويشتمها على كل صغيرة وكبيرة.

كانت تتحمل ذلك العنف ولا تخبر أهلها حتى لا تنفصل عن ولدها وبعد عدة شهورلم يعد زوجها يأتي إلى البيت إلا في أواخر الليل. وكان كلما تسأله عن سبب تأخره يشتمها ويضربها ويتحجج أنه يؤمن لها مالا للمعيشة. ويعرض عليها دائما خيار الرحيل إلى بيت أهلها أو العودة إلى عملها إن لم يعجبها الأمر.. في المقابل كانت كلما ذهبت إلى بيت أهلها تشكو إليهم أمرها، تعطيها أمها المال لتصرفه على البيت وتدعوها إلى الصبر وتجبرها على العودة إلى بيت زوجها كي لا تكون فضيحة. فالزوج برأي الأم سيتغير مع الأيام..

لكنه لم يتغير وأصبحت معاملته لها تسوء أكثر فأكثر إلى أن أدى الأمر إلى الخيانة الزوجية وكانت كلما تناقشه بالأمر يضربها ضرباً مبرحا حتى يغمى عليها ويترك عليها كدمات كثيرة تضطر إلى ملازمة البيت حتى لا تُرى بهكذا حالة.. فلم تعد تستطيع أن تتحمل الأمر وأصبح عندها حالة يأس وفكرت أن تتخلص من حياتها عبر ابتلاعها كمية كبيرة من حبوب الدواء ولم تلبث أن وجدت نفسها في المستشفى تنازع بين الحياة والموت فتدارك الاطباء الأمر وأجريت لها عملية غسل للأمعاء وأعيدت إلى الحياة التي لا تريدها...

هنا بدأ دور الأهل، فعندما أحسوا أنهم سيخسرون حياة ابنتهم تداركوا الامر واقاموا عليه دعوى طلاق فاشترط عليهم أن تتنازل عن كل حقوقها وأن يدفعوا له مبلغا من المال حتى يعطيها حريتها!!!

رضخ الأهل للأمر وُطلقت الأبنة وأخذت حضانة الطفل لأنه لا يريده ولا يقدر أن ينفق عليه. فنتج عن هذا الزواج تفكك اسري ظالم من جراء عنف الرجل ضد المرأة... وطفل يربى بأم دون أب!!

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/