بدأفي 27/5/2008مؤتمر للحوار الإسلامي المسيحي في بورسعيد بمصر تحت عنوان quot;خبرات حوارية ورؤى مستقبليةquot;. المؤتمر يستمر ثلاثة أيام بين مجموعة من رجال الدين المسلمين والمسيحيين. يعتبر المؤتمر أحد أنشطة الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية التي تقيم مثل هذه المؤتمرات من حين إلى آخر، من أجل التقاء الرؤى بين رجال الدين في مصر. منذ عدة أيام مضت أقيم مؤتمر عالمي في الدوحة بقطر للحوار بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي أيضاً. ويقام في مكة المكرمة الأسبوع القادم المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.

وكثير من المؤتمرات والمقابلات والمحاورات التي تمت الفترة الماضية والمزمع عقدها الشهور القادمة للتحاور ودراسة وجهات النظر وتقاربها بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي. وإن كان العالم العربي والشرق أوسطي مازال يغلي من صراع أتباع الديانات رغم مقابلات المحبة ومناضد الأكل والشراب الفخم وكلمات المودة وقبلات المحبة بين الجميع والابتسامات العريضة وتبادل كل كلمات التقدير والاحترام. رغم هذا لا يزال ما يراه ويشعر به رجل الشارع من صراع خفي أو معلن أحياناً وخطابات عنف ديني متبادل وإهانات وتمييز واضطهاد للأقليات الدينية، ولا يزال البعض من رجال الدين ـ كل الأديان ـ يرفع شعار: إننا نمتلك دين الحق ولا سواه نبتغي شريعة للآخرين. ومازال بعض المسئولين الحكوميين يرفعون شعار: مَن لا يتبع ديني فهو عدوي وعدو إلهي.

المؤتمرات والمحاورات والمقابلات التي تتم بين رجال الدين لكي تؤتي ثمارها المرجوة من التقاء وتوافق وتقدم ورقي شعوب المنطقة المنكوبة يجب أن يراعى ـ من وجهة نظري الشخصية ـ السادة المسئولين عن القرارات المصيرية الأمور التالية:

middot; ما معنى الحوار بين أتباع الديانات ومازالت لا توجد حرية في بناء دور العبادة، فالمسيحيون في العديد من البلدان الإسلامية يعانون أشد العذاب من التصريح لهم ببناء دار للعبادة ليقولوا فيها لا إله إلا الله؟ وبعض البلدان لا تزال ترفض بشدة السماح ببناء دور عبادة لغير أتباع دين الأغلبية حتى لو كان دور العبادة هذه لمذهب آخر من مذاهب نفس دين الأغلبية.


middot; الحوار يأتي بفائدة لرقي المجتمعات حين تختفي ظاهرة التمييز بين المواطنين بناء على عقيدة الإنسان. حين تكون العقيدة الدينية داخل قلب كل إنسان في علاقة فردية بين الإنسان وإلهه.


middot; الحوار والحوار الجاد الحقيقي لن يأتي بأي جدوى على المجتمع الإنساني إن لم تكن هناك حرية كاملة وأمان حقيقي للشخص الذي يريد أن يترك دينه ويتخذ أي عقيدة أخرى تخالف عقيدة المجموع بدون قيود ولا ضغوط أو إرهاب فكري ومطاردات واعتقال من رجال الأمن حراس الدين وفتاوى القتل أو إهدار الدم والحرمان من الإرث وغيرها من تشريعات وقوانين إتباع دين الآباء والأجداد منذ الميلاد وحتى الممات، فالإنسان ـ في المجتمعات الراقية ـ يجب أن يجد حرية شخصية حقيقية في الارتداد بكامل إرادته عن دينه ودين آبائه وأجداده دونما إعلام يزايد على مَن يسعى جاهداً ليقتص منه لينال الجنة الخالدة لأنه خلص الدين من مارق أو عميل أو خائن وغيرها من المسميات السيئة الجاهزة الإعداد لمن يريد أن يحيا مستقلاً عن الجماعة.


middot; الحوار الجاد لا يُفرض من جماعة تتمسك بكونها صاحبة دين الدولة الرسمي والآخر ضيف أضعف، تُمنح له حقوق المواطنة كأنها هبات تُعطى وتُحجب وقتما شاء صاحب الدار. إن لم يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات فلا جدوى للحوار.


middot; الحوار لكي يكون أساس للجوار الصالح والمثمر للمجتمعات يجب أن يسعى نحو تشريع اجتماعي وسن قوانين اجتماعية مبنية على كون الفرد له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات أياً ما تكون ديانته أو عقيدته. ولا تبنى القوانين الاجتماعية على فكر ديني، لكن تبنى على مواطنة مشتركة بين كل فرد يعيش في المجتمع الواحد.


middot; ولكي يأتي الحوار بجدواه المطلوبة يلزمه إعلام صالح يبث روح قبول المتدين لأخيه الأخر في الإنسانية دونما تعالي أو إيمان بامتلاك الحق الكامل، لكن حرية العقيدة والعبادة لكل إنسان. والإعلام هو البوق الذي يبني المجتمع بعد الحوار أو هو أداة الهدم الذي يقلل من شأن عقيدة الآخر. المسئولين عن الإعلام إما أن يعطوا الفرصة الكاملة لكل ذي عقيدة ليعبر عن وجهة نظره في محبة وتوافق، أو يكون الحوار مجرد جلسات أكل وشرب وأخبار تغييب للشعوب وأداة من أدوات زيادة الصراع نحو مزيد من الهدم والتخريب والتخلف.

مطلوب من الحوار بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي مراعاة الإنسان كونه إنسان. وحق كل إنسان في أن يكون إنسان له عقيدة شخصية وعلاقة فردية بينه وبين إلهه مع احترامه للآخرين المتعبدين غيره.

مع أجمل تحية وأمل في محاورات قادمة تدخل حقول الألغام لتطهرها من أجل تقدم ورقي مجتمعاتنا.


أيمن رمزي نخلة
[email protected]