في ظل تصاعد التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات والتهديدات بين البلدين والتي توحي بنذر حرب عسكرية ،أو على اقل تقدير توجيه ضربة أمريكية لمؤسسات ومراكز عسكرية ومنشآت نووية إيرانية، في ظل هذه الأجواء الملبدة ظاهريا ، أعلن منسق شئون العراق بوزارة الخارجية الأمريكية ديفيد ساترفيلد الثلاثاء الماضي، أن الولايات المتحدة مستعدة لمزيد من المحادثات مع إيران فيما يخص الأوضاع الأمنية في العراق،. وأكد ساترفيلد: quot; أن هذه القناة لم نغلقها ولن نغلقها quot;. مؤكدا quot; أننا نعلم بأن مثل هذه المحادثات تبدو ناجحة وبناءة قبل أن يتم التخطيط لها quot;.


هذا التصريح رأى فيه بعض المراقبون انه بمثابة المياه التي صبت على الكلام الساخن الذي حمله بيان القمة الأميركية ndash; الأوروبية في سلوفينيا يوم الثلاثاء الفائت والذي حمل لطهران تهديدا بتشديد العقوبات ضدها إذا ما استمرت برفضها التخلي عن برنامجها النووي. حيث درجت الإدارة الأمريكية على انتهاج مثل هذه السياسية في تصريحاتها الإعلامية تجاه إيران، فهي تعمل، حسب رأي هؤلاء المراقبين، بسياسة مسك العصا من الوسط. فكل ما أدلى مسؤول أمريكي بتصريح شديد اللهجة تجاه إيران قابله مسؤول آخر بتصريح معاكس فيه نوعا من ترطيب الأجواء والغزل السياسي الواضح.


البعض يفسر هذه السياسة بأنها أسلوب من أساليب الخداع الأمريكي ، والبعض الآخر يفسرها على أنها تهدف إلى الإبقاء على خيط العلاقات الإيرانية - الأمريكية السرية القائمة منذ سنوات والتي لا يريد الطرفان قطعها رغم ما هو حاصل بينهما ظاهريا من عداء.
وللتدليل على وجود هذه العلاقات السرية فقد كشف تقرير نشرته مجلة quot; امريكن كرانيكل quot; في عددها الصادر قبل أسبوعين عن وجود ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين يتخذون من مدينة بوسطن مركز ولاية ماساتشوسيتس الأمريكية مقرا لهم. و قد شبه التقرير المذكور مقر إقامة هؤلاء الدبلوماسيين بالسفارة التي تقوم على رعاية مصالح إيران الإستراتيجية في أمريكا. مؤكدا أن هؤلاء الدبلوماسيون يعملون تحت غطاء محققين وباحثين في جامعة هارفارد في بوسطن وفي غيرها من المؤسسات العلمية الأمريكية الأخرى. إلا ان مهمتهم الحقيقية ترتبط بالعلاقات السرية القائمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.


وقد نشر التقرير أسماء الدبلوماسيين الإيرانيين الثلاثة وهم كل من :quot; عباس مالكي نائب وزير الخارجية الإيرانية في عهد رئاسة هاشمي رفسنجاني ، جعفر ملاحتي الدبلوماسي السابق في البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة و فرهاد عطائي دبلوماسي سابق في الخارجية الإيرانية. وكان عباس مالكي ، الذي يرأس مجموعة الدبلوماسيين الإيرانيين ويعمل حاليا في جامعة هارفارد، قد شغل ما بين عام 2003-1990منصب نائب وزير الخارجية ومستشارا سياسيا لدى مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي بالإضافة إلى شغل منصب مدير العلاقات الدولية في مجلس خبراء القيادة أو ما يعرف بمجلس الخبرگان. وكان عباس مالكي كثيرا ما أكد في محاضراته ومقالاته التي نشرت في طهران على ضرورة انتهاج الدبلوماسية الناعمة لمواجهة الضغوط الأمريكية على إيران بشأن ملفها النووي.
و أوضحت مجلة quot; امریكن كرانیکل quot; ، ان مجموعة الدبلوماسيين الثلاثة تسعى إلى تحويل اللوبي الإيراني في أمريكا إلى لوبي واسع وقوي ، ويتضح جليا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على الدوام تسعى في إيجاد قناة ارتباط مباشر مع نظام طهران وان السفارة التي تنشط حاليا في بوسطن قد تساعد على تحقيق هدف واشنطن.


وتختم مجلة quot; امریكن كرانیکلquot; تقريرها بالقول : quot; ان مجموعة الدبلوماسيين الإيرانيين في بوسطن استطاعت ان تعطل جميع ردود الأفعال الأمريكية ضد مساعي رجال الدين الرامية إلى فرض هيمنتهم على الشرق الأوسط quot;.


و على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على نشر هذا التقرير إلا ان كل من النظام الإيراني والإدارة الأمريكية لم يدليا بأي تعليق حوله. و كانت الصحافة الإيرانية الموالية لما يسمى بالتيار الإصلاحي قد قامت بترجمة ونشر التقرير على نطاق واسع وذلك في محاولة منها على ما يبدوا للثأر من التيار المحافظ الذي كثيرا ما اتهم الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي والتيار الموالي له بالسعي لفتح علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما يعتبره المحافظون خروجا على مبادئ الثورة الخمينية!.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي