طموحها وحبها لمشوار العلم والثقافة غلبا على عاطفتها ورغبتها بالزواج لتلحق بأخواتها وزميلاتها ممن سبقنها وركبن قطارالعنوسة!!

وبعد أن كانت تتألق روعة وجمالا وأنوثة أصبحت كلمة quot;عانسquot; تطاردها أينما ذهبت، ليطرق أبوابها الكبر ويأخذ معه نضارة وجهها وجمالها..

هي واحدة من كثيرات من فتياتنا العربيات اللواتي اخترن تحصيل العلم بهدف استلام مراكز عالية في المجتمع على حساب حياتهن الخاصة واصبحن يضعن لائحة مطولة لعريس على المقاس..

فولد هذا لديهن عقدة ذاتية تتمثل في شخصية الشريك الذي يريدون اختياره زوجاً لهن نتيجة الإنفتاح الذاتي الذي يجعلهن يعتقدن أن ذلك الشخص لا يملك المواصفات التي يطمحن إليه من صورة حالمة رسمنها في مخيلتهن للمظهر الخارجي والشخصية والمركز الثقافي والإجتماعي والتحصيل العلمي الذي يناسب تفكيرهن ومركزهن في المجتمع، فيرفضن كل رجل يتقدم إليهن بهدف الزواج في محاولة إيجاد عريس مفصل على قياس احلامهن التي هي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع!!

وهذا النوع من الفتيات المثقفات يظهر عدم إهتمامه بالزواج حتى لو فاتهن القطار وبانت ملامح الكبر عليهن، ففي إعتقادهن أن ما يملكنه من إكتفاء ذاتي يستغنين به عن الرجل والحياة الزوجية، حتى ولو كانت بنظرهمتلك الحياة حاجة طبيعية تشعر بها المرأة أنها تتكامل مع شريك حياتها، فانه لا يعني نهاية العالم بالنسبة لهن إن لم يجدن الشريك المناسب بل يتجهن بأنظارهن نحو التفاني في وظائفهن والأعمال الثقافية والنشاطات الإجتماعية، وينفتحن على مجالات الحياة وآفاقها الواسعة ليبرزن شخصيتهن ويثبتن للمجتمع إنسانيتهن المهمة ذات القيمة التي يشعر المجتمع حيالها أنه بحاجة لهن أكثر مما يحتجن الشريك الذي كن سيخترنه زوجاً لهن، ولسانهن دائماً يخاطبك قائلاً: لم نجد الشريك المناسب!

لكن وفي جانب آخر نجد أن هناك فتيات يتمنين الزواج ويطمحن لإختيار الشريك المناسب، لكنهن يقعن ضحية ضغط المجتمع على أفكار الأهل القديمة المبالغ في أمرها من الشروط التعجيزية وضخامة المهر الذي لا يتحمل نفقته أي عريس يتقدم لطلب الزواج من إبنتهم، أو من خلال كونه لا ينسجم مع المستوى الإجتماعي والإقتصادي النسبي للأهل، أو حتى اختلاف الإنتماء المذهبي الذي لطالما وقف حاجزاً بين الشاب والفتاة.

كل تلك الأمور التي يتدخل فيها الأهل وتأثير ضغط المجتمع عليهم يقف عثرة في طريق أي زواج لبناتهم، فيجبرونهن على رفض أي عريس كان لا تنطبق مواصفاته على مزاجهم ومزاج مجتمعهم لينتهي الأمر بتلك الفتيات إلى حالة العنوسة، ليبقين أمام وجوههم حالة معقدة يعشن حياة غير طبيعية ويتحسرن على حياتهن وشبابهن ويحسدن اخواتهن وصديقاتهن اللواتي دخلن القفص الزوجي وأصبحن ربات بيوت وأمهات وحظين بالشريك المناسب لهن..

فنجد أنه على الرغم من النجاح الذي تحققه الفتاة في عملها أوعلمها فهي تشعر بالوحدة وتعاني الغربة والفراغ النفسي مع إنكارها لذلك لكنه يظهر على ملامحها الحرمان العاطفي والدفء الاسري فهي تستعين بدفء اسري مؤقت يهدد بالزوال مع وفاة الأهل وزواج الإخوة والأخوات لتعيش وحدة قاتلة وتدخل في حالة القلق والإكتئاب وقد تحمل خوفاً مستمراً من مستقبلها بعد أن يتقدم بها العمر، فتفقد الأمان لإنصراف إخوانها وأخواتها عنها وإنشغالهم بحياتهم وشركائهم وأولادهم وأعمالهم فتسعى للقبول بأي شخص يتقدم لها لكن مع فوات الأوان، لأن الرجل الشرقي بطبيعة تفكيره يسعى دائماً إلى الفتاة الأصغر والأجمل، فتندم على ما فاتها وتتحسر لبقية حياتها على الفرص الضائعة التي أهدرتها..

ومن هنا نرى أنه لا حل لتلك الظاهرة إلا بتعزيز ثقافة الزواج كمؤسسة مشتركة وتعميق هذه الثقافة وتنميتها في أفكار الأهل ليحارب المجتمع حالة العنوسة كظاهرة إجتماعية، حتى تتجاوز الفتيات عقدهن الذاتية التي تتمثل في صورة الخيال لزوج المستقبل، والمفاهيم غير الإنسانية المخزونة في عقل المجتمع من تقاليد وأعراف بالية تقف حاجزاً في طريق زواج فتياتنا..

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/