وفرت لنا تقنية quot; أوتلوك أكسبريس quot; و quot; ياهو quot; و quot; هوتميل quot; وغيرها إمكانيات رائعة للخلاص من شر quot; الجنك ميل quot; أو بريد النفايات. فبضغطة زر واحدة نتخلص من شر مئات الرسائل التي لامعنى لها والتي لاتعنينا أصلا ً. لكن ثمة مشكلة حقيقية وهي أن هنالك العديد من الرسائل الألكترونية الهامة يذهب أيضا ً إلى صندوق رسائل سقط المتاع هذه. فكثيرا ً ما محونا رسالة تتضمن إقرارا ً بتسلـُّم قيمة فاتورة، أو أخرى تحتوي على عنوان أو موعد هام، أو ثالثة تشتمل على معلومات لاتتوفر في مكان آخر.


هي، كما يبدو، ضريبة تكنولوجية، ندفعها مرغمين، كما ندفع ضريبة الحرية والديموقراطية تعذيبا وقتلا، أو تهجيرا ونفيا، أو قواعد أجنبية على أرضنا إلى ماشاء العم سام.


وليس كل رسائل مكب ّ النفايات ثقيلا ومتجهما. فهناك الطريف والظريف أيضا ً. فكم من سيدة ٍ تلقــّت عرضا ً لـلتطويل بضعة سنتيمترات، نتيجة لأن الشركة المنتجة ظنتها رجلا ً ! ففي دنيا العولمة والتعدد العرقي والثقافي لايتاح للإنسان بسهولة معرفة جنس الآخر من خلال اسمه. وكم من عرض يتم إرساله إلى اللندني لدعوته إلى التسوق quot; غدا ً quot; بمناسبة اليوم الأول لافتتاح سوبر ماركت في أسوان بأقصى جنوب مصر مثلا ً. وكم من رسالة تدعو المتلقي إلى مشاركة مرسليها من المليونيرين المزيفين استثمار الهواء والفقاعات. وكم من زميل تقرأ مقالاته في ألف موقع وموقع ثم يفاجئك برسالة مباغتة تتضمن ملحقا بجميع مقالاته خشية من أن تكون قراءة إحداها قد فاتتك!


ومهما كانت طبيعة رسائل quot; الجنك ميل quot; التي نتلقاها، لكنها لاتصل في آثارها التدميرية إلى الإيميل الذي تلقته مؤخرا ً سيدة أوروبية.
وملخص القصة أن السيدة التي كانت عائدة إلى بيتها للتوّ من مراسم دفن زوجها، توجهت إلى جهاز الحاسوب لقراءة رسائل وبرقيات التعزية التي يحتمل أن تكون قد تلقتها بهذه المناسبة الأليمة، وماإن وقعت عيناها على أول رسالة، حتى وقعت على الأرض مغشيا ً عليها بسبب إصابتها بنوبة قلبية. ولما سمع ابنها في الغرفة الأخرى صوت ارتطام جسدها بالأرض هرع إليها ونقلها إلى المستشفى وتم إنقاذ حياتها لحسن الحظ. بعد منتصف الليل عاد الولد إلى البيت، وهناك هاله مارأى على شاشة حاسوب الأم التي كانت ماتزال مضاءة. كان الإيميل الذي أصاب والدته في مقتل على الشكل التالي:
إلى : زوجتي العزيزة.
الموضوع : لقد وصلت.
أعلم تماما ً أنني فاجأتك بهذه الرسالة. ففي الواقع أن لديهم هنا جهاز كمبيوتر يمكن لكل من يأتي إلى هذا المكان استخدامه في توجيه الرسائل الالكترونية إلى أهله وذويه. لقد وصلت الآن بالضبط وأتممت كل إجراءات الوصول. أشكرك لقيامك بتوديعي. وفي الحقيقة أنني لم أكن أودّ أن أكون هنا وتبقي هناك. لذلك فقد حجزت لك أيضا ً هنا. وكل شيء ممهـًّد لمجيئك. سأكون في انتظارك غدا ً، متمنيا ً أن تكون رحلتك إلى هنا خالية من المخاطر كرحلتي. حذار ِ من ارتداء ملابسك السوداء، فالجو هنا حار جدا. إنها جهنم، أليس كذلك!


هل جاء هذا الإيميل من الجحيم فعلا ً؟
كلا بالطبع، وإلا كان مكب ّ النفايات في بريدنا الألكتروني مليئا ً الآن بإيميلات من هتلر وموسوليني وفرانكو وستالين و quot; أبو الليثين quot; وغيرهم!
أصل الحكاية أن سائحا ً أوروبيا ً وصل ذات يوم ملتهب إلى غرفته في الفندق بإحدى الدول الإستوائية. ولما رأى أن غرفته مجهزة بحاسوب، قرر أن يبعث برسالة ألكترونية إلى زوجته، وكتب بالفعل الرسالة التي مرت آنفا ً، لكنه أخطأ في العنوان، وسبحان من لايخطئ!

علاء الزيدي

[email protected]