بعض الاعلاميين العرب يكيلون بلا رحمة او تردد الاتهامات والاوصاف السيئة الى quot; السيد الرئيس quot; روبرت موغابي رئيس زيمبابوي الافريقية الشقيقة جدا. وكل ذنب الرجل انه جدد ولايته الرئاسية للمرة السادسة فقط لااكثر. وكأن هولاء المنتقدين هم أبناء حواري ومقاهي وتقاليد السياسة والديمقراطية في جنيف وباريس وكوبنهاكن ولندن وباريس وروما، لذلك تشكل عندهم هذه الحالة الاستثناء نوع من quot; الحكة الجلدية quot; او على الاقل احد انواع الحساسية الصيفية في الانف والاذن والحنجرة التي بدأت تداهم بعضنا. شخصيا لااعرف ماهو العلاج من هذه الحساسية ولااسبابها، لكني اكيد اعرف ماهو الرد على الاقل من زاوية وطننا العربي الذي يحتار اكبر العلماء وأدهى العباقرة واكبر المفكرين والمخططين الستراتجيين اين مكانه المناسب وفي اية خانة بين جماعة جنيف او جماعة السيد موغابي. معهما او بعدهما او خلفهما!؟

منتقدي السيد موغابي يعيبون عليه فقط انه جدد ولايته الرئاسية للمرة السادسة، وحقيقة الامر وشخصيا ارى في ذلك ايجابية كبيرة وسط قارة سوداء تجاورها بلاد عربية لاتقل سوادآ عنها في هذه الامور السياسية. وجوهر الايجابية هنا ان السيد موغابي لم ياخذ الحكم بالطول والعرض على بياض، بل ان الرجل يتعامل مع الموضوع بطريقة القضم كل خمسة سنوات.


ومجرد تحديد فترة الولاية الرئاسية الجديدة بحد ذاته أمل كبير ويعطي بصيص ولو صغير من التفاؤل لاهالي زيمبابوي لما بعد الخمسة سنوات. بينما في عالمنا العربي quot; جدآ quot; فان الولاية الرئاسية عندنا لها بداية مع بيان رقم واحد وليس لها نهاية مع البيان رقم مليون. وهذا هو سر تألق السيد الرئيس موغابي مقارنة بالسيادة والرئاسة في معظم بلادنا العربية جدا. لذلك ممكن تفهم واستيعاب مثلا ان كاتب او صحفي اوربي يتناول وينتقد موضوع موغابي مع تجديد الولاية، لكن ان يتناوله الكتاب والصحفيين العرب فستكون نكته quot; شرق أوسطيه quot; بامتياز وايضا سيكون هذا سر فشلها الذريع مسبقا.

واذا كان البعض ينتقد الاتحاد الافريقي لانه استقبل بين صفوفه في مؤتمره الاخير موغابي. فان سؤال بسيط يقارع الواقع ويطرح نفسه، كم رئيس عربي منتخب يجلس في اجتماعات الجامعة العربية!؟ ( باستثناء ثلاثة فقط ). وايضا سؤال اخر مازال يقارع الواقع المرير، هل الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى مثلا منتخب!؟ ومن الذي انتخبه وبكم ولاية رئاسية quot;موغابية quot;!؟ اعتقد ان مقطع الجامعة العربية من ارهاب وكباب الفنان عادل امام يستوفي الرد على موضوع الجامعة العربية وايضا يؤجج للمقارعة دوربا اخرى، ليس هنا مجال الخوض فيها.

اما اذا كان السيد الرئيس موغابي قد دمر البلاد من خلال تدمير مزارع الذرة والقمح والقطن وقصب السكر، فان مثل هكذا نتيجة طبيعية لحكم ديكتاتوري مقيت وفي ذلك quot; لا بدعة ولاتأويل كما يقول موظفي الدين quot; والدليل ان الديكتاتوريات العربية فرخت لنا اكثر من ثمانين مليون أمي عربي لايقرأ ولايكتب، وملايين الاطفال العرب اصبحت مدارسهم هي مواقف السيارات والشوارع والاشارات الضوئية يستجدون ثمن رغيف الخبز بدلا عن استجداء سبل العلم والتعلم. وايضا اصبحت معظم اراضينا الزراعية هي اكثر قرف وحزن من ارض افريقيا وزيمبابوي على وجه الخصوص. فبلد عربي واحد وصغير يستورد فقط من الدنمارك البلد الاوربي الصغير quot; جبن وزبده quot; بمليار ونصف سنويا. فهل هناك موغابية اكثر من ذلك. واذا كان هذا البلد العربي قادر على الاستيراد فان غيره من بلادنا العربية تأكل الضيم والقهر والذل وتنام جياع على وجوهها لغد يوم لاتعرف لا شكله ولا لونه. واذا كان ذنب موغابي انه هجر الالوف من ابناء بلده الى جنوب افريقيا، فماذا يفعل quot; سواح العرب quot; العشرين مليون مواطن عربي في بلاد اوربا، هل هي سياحة مستدمية او رحلات استكشاف بعد ترك العز والترف والأمان والديمقراطية خلف ظهورهم في البلاد العربية!!. واذا كان السيد الرئيس موغابي قتل البعض من ابناء بلاده فان مقارنة بسيطة quot; بالسيد الرئيس /الصنم الساقط quot; في بلدي العراق سنجد وبكل بساطة ان موغابي بكل سلوكه الديكتاتوري هذا يعتبر رسالة سلام ومحبة مقابل 424 مقبرة جماعية مكتشفة في الجنوب والشمال العراقي لحد الان، حصادها مجموعة عظام وجماجم لايعلم الالله كيف لفظت انفاسها الاخيرة او رمقها الاخير.

فلنكن واقعيين موغابي افريقيا لاشيء مقارنة مع quot; موغبيات quot; العرب من اصحاب الرتب العالية والمسروقة والبيان رقم واحد ومن عساكر الحكم وابطال السرقات تلك التي تسمى انقلابات ابطال السيطرة على الاذاعة والتلفزيون والسيطرة الابدية على الحكم. بل اني اجزم نحن العرب الشيء الوحيد الذي صدرناه للعالم الافريقي هي طريقة الانقلابات وسرقة امال الشعوب وقتل طموحاتها الانسانية. فليساهم كتاب وصحفيين العرب ببناء فكر واعي ومتطور لصناعة جيل عربي قادر على البناء الصحيح والتغير الصحيح. واذا كانت هذه المهمة اكبر من حجمهم وامكانياتهم الحقيقية فهنا يكون فعلا quot; السكوت من ذهب quot;. بقي توضيح انا مطالب به الى القاريء الكريم قصدت قي بداية اسطري هذه باستثناء quot; ثلاث حكومات عربية منتخبة quot; الاولى الحكومة اللبنانية والثانية الحكومة العراقية وبغض النظر عن السلبيات الكثيرة التي تحيط بالاثنين. اما تسمية الحكومة الثالثة فاسترك تحديدها للقاريء الكريم ان يختارها كلآ حسب أهوائه، وايضا هي خط انسحاب لي شخصيآ في حالة محاصرتي ومحاسبتي على هذه المقالة على وجه التحديد في احد الايام باحدى المطارات العربية العتيده من قبل اخوانا الاعزاء quot; ابطال رجال الامن العربي quot; فاني للامانة ساقول لاول شرطي او رجل أمن عربي يحقق معي، انا قصدت بهذا الاستثناء هو زعيم الامة البطل المقدام بطل العصر رئيس دولتك ذلك الزعيم العظيم!!. رغم معرفتي ويقيني ان كل مواطن عربي مبتلي بمثل هولاء quot; الزعماء quot; يتمنى ويصرخ بداخله ان موغابي زيمبابوي أخف وأهون بكثير من بعض الموغبيات التي في بلادنا، بل اني اجزم انه قد يتوجه الى الخالق بدعاء يارب امنحنا واحد موغابي. وشر البلية مايضحك.

محمد الوادي
[email protected]