يواصل الزميل داود البصري نشر سلسلة حلقات تتحدث عن خلفيات نشوب الحرب العراقية الايرانية، وتزعم هذه السلسلة انها تعتمد على وثائق حقيقية تحتوي على معلومات دقيقة مصدرها أعلى المستويات في العراق ابتداءاً من المجرم صدام حسين ونزولاً الى القيادة التي عملت معه.

والسؤال الذي يجب ان نسأله ونحن نقرأ هذه الوثائق المزعومة هو : من هي الجهة المستفيدة من نشر هذه الوثائق؟

وبسرعة سنعرف الجواب وهو ان ايران هي الطرف الوحيد المستفيد من نشر هكذا وثائق تروج الى موضوع مبادرة العراق بشن الحرب على ايران بالاشتراك مع أمريكا، وان ايران حمل وديع ودولة مسكينة تم الأعتداء عليها!

واذا ربطنا قضية سعي ايران للحصول على تعويضات الحرب من العراق والمقدرة بمبلغ 100 مليار دولار، وان ايران تبذل جهودا حثيثة للتطبيع وتلميع صورتها داخل العراق.. سنجد ان ظهور هذه الوثائق ليس بريئاً.

اما بخصوص الزميل داود البصري.. فمواقفه المعادية ضد ايران معروفة لنا.. ولكن هذه ميزة قد تكون ليس في صالحه، فأيران اذا أرادت الترويج لدعاية معينة تستثمرها لصالحها لايمكن ان تنشرها بواسطة كاتب معروف بعلاقته الطيبة مع ايران، وانما تنشرها عن طريق كاتب معروف بعدائه لها كي تعطي للموضوع مصداقية اكثر.

وربما يكون الزميل البصري قد وقع ضحية خداع من قبل أطراف مجنده من قبل المخابرات الايرانية زودته بهذه الوثائق المزورة، ونحن هنا لانشكك بالزميل البصري وانما نتكلم من باب التحليل فقط.

لقد بدأت ايران الحرب بخطوات عدوانية معروفة للجميع، فبعد سقوط نظام الشاه خرجت في مدينة النجف التي تعتبر معقل لشيعة العراق تظاهرة مؤيدة للخميني قام بها عناصر مرتبطة بأيران، وكانت خطوة استفزازية للسلطة وخطيرة اراد الشيعة منها ارسال رسالة الى نظام صدام من ان الثورة الشيعية قادمة ضد نظامك، وكانت هذه الحركة في منتهى الغباء السياسي اذ كان في وقتها نظام صدام في ذروة قوته العسكرية والامنية.

وكذلك أرسل الخميني رسالة صريحة الى المرجع محمد باقر الصدر يدعوه للبقاء في النجف وقيادة الثورة، ثم أتصلت الاذاعة الايرانية التي تبث من ايران بالصدر على الهواء وهي تهاجم النظام وتدعوه والعراقيين جميعا للثورة.


وقامت ايران بالتحرش بقطعات الجيش العراقي وقصف المدن العراقية قبيل الحرب، وقد تقدم في حينها العراق بعدة شكاوى الى مجلس الأمن الدولي ضد الاعتداءات الايرانية تلك.

لست أدافع عن نظام صدام فهو معروف بأجرامه ووحشيته، وانا كنت ومازلت معارضا له، ولكن الحرب مع ايران لم تكن خيار العراق، وانما ايران هي من أجبرت العراق على حماية نفسه من التهديدات والتدخل الايراني في شؤونه، وما نشاهده حالياً من تدخل ودعم لمجرمي القاعدة والميليشيات من قبل ايران يؤكد ان قرار الحرب كان صائبا وضروريا للدفاع عن العراق رغم كلفته الباهضة جدا التي تسبب بها أصرار الخميني على رفض وقف الحرب بعد انسحاب الجيش العراقي الى الحدود الدولية عام 1982، ولكن رفض الخميني أدى الى استمرارها لغاية 1988.

خلاصة الكلام.. ان هذه الوثائق مزورة ومفبركة بقصد تحميل العراق مسؤولية الحرب وتبرئة نظام ملالي ايران من مسؤوليتها، لتحقيق دعاية سياسية وخلق اجواء تمهد لمطالبة ايران بتعويضات الحرب.

خضير طاهر

[email protected]