حكومة المالكي قد حققت إنجازات كبيرة في صيانة أمن العراق وشعبه في وجه الإرهاب المجرم، سواء جرائم جيش المهدي أو القاعدة. إنها خطوات محمودة تستحق كل ترحيب ودعم.


الخطر الإرهابي لا يزال قائما رغم انحساره، وبدل رجال إرهابيين برزت للميدان ظاهرة إرهابيات يفجرن أنفسهن في الأسواق، ومحلات التجمعات الكثيفة، غير أنه مع كل هذا فما تحقق من الأمن كان خطوة كبرى للأمام.


إذ نقول هذا، فلابد من الإشارة أيضا للأوضاع المتردية العامة للمواطنين داخل الوطن، من ملايين الأيتام، والأرامل، والعاطلين، ومن انقطاع الكهرباء، وندرة المياه، ومن الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها رجال الإعلام، ومن استهتار رجال حرس بعض النواب الإسلاميين، ومن مآسي الجرحى والمعوقين من أفراد قواتنا المسلحة، الذين يتشكون سوء أحوالهم المعيشية، حتى أن منهم من يفضل الخدمة وهو مصاب بشظايا، أو برجل مقطوعة، ليظل يحصل على أصل مرتبه كاملا. إن صيانة الأمن تعتمد على قواتنا المسلحة، المدعومة من القوات الأمريكية، مما يتطلب عناية خاصة بأفراد قواتنا، وخصوصا عند إصاباتهم بجروح خطيرة.


إن ما نعالجه هنا مشكلة أخرى، وهامة، عن أداء الأجهزة الحكومية، وضياع المعايير الصحيحة، وانتشار المحسوبية والوساطة، وغيرها من ظواهر معروفة.


الحالة التي نعالجها هنا هي قضية مثقف عراقي عين خطأ في الوفد العراقي في اليونسكو أيام مجلس الحكم بوظيفة مستشار ثقافي، وتبين لاحقا أنه لا توجد في الوفد وظيفة كالتي عين لها، ولا ميزانية مخصصة لها، علما بأن الممثلية العراقية لدى اليونسكو تابعة إداريا، وماليا، لوزارة التربية. لقد كان التعيين نتيجة سوء فهم أيام رئاسة الأستاذ جلال طالباني للمجلس، حيث قدم له وزيران صديقان ملفا لتعيين الشخص المذكور،وهو صديقهما، فوقع على طلب لم يقدمه الوزير المعني، ودون اطلاع على خلفيات الأمر، وحقائق الأمور، وكان على وزير التربية عهد ذاك أن يشرح لرئيس المجلس واقع الأمور ليمكن تدارك الأمر، وسحب التعيين.


راحت الأيام، وجاءت، واضطرت وزارة التربية منذ حوالي عامين لإعفاء هذا الشخص من وظيفة غير موجودة أصلا، ولكنه رفض تنفيذ الأمر، ودخل في خصام مع سفير العراقي باليونسكو، حتى جاءه تبليغ وزاري آخر..


هذه بضع معلومات ضروري إيرادها لننتقل لتطور القضية في الوقت الحاضر، حيث حصل المذكور على قرار من رئيس الوزراء بتعيينه مستشارا في وفد اليونسكو، وهي وظيفة وهمية غير موجودة في ملاك الوفد، ولا مخصصات مالية لها، وقد علمنا أن كلا من وزير التربية، وسفير العراق في اليونسكو، قد فوجئا بهذا الأمر الغريب.


إننا نتوجه للسيد رئيس الوزراء بهذه المعلومات المعروفة جيدا، متسائلين كيف صدر قراره؟ وعلى أية حيثيات؟ ولماذا دون علم واستشارة الوزير المختص؟؟ هل لأن المذكور قريب لمسئول ما...


إن على السيد رئيس الوزراء تدارك الأمر قبل أن يتحول لفضيحة كبيرة، كما لابد للمثقفين العراقيين المطلعين والمعنيين أن يقولوا كلمتهم في الأمر.

مراد مصطفى