وصلني عبر بريدي الإلكتروني المقابله التلفزيونيه مع الدكتور السعودي أحمد الموبي على قناة ل بي سي يوم 19 حزيران 2008..
http://www.memritv.org/clip/en/1798.htm
في هذه المقابلة يصرح هذا العلامه الدكتور بأن الأب أي ولي الأمر مخول وله مطلق الحرية والصلاحية بتزويج إبنته حتى من عمر سنة واحده.. لمن يجده مناسبا وأهلا للزواج بها وبنفس المكانه الإجتماعيه.. موضحا بأنه لا شيء يمنع الأب من إبرام عقد النكاح.. مع تأجيل العلاقه الجنسيه.. إلى أن تبلغ الفتاة سنا مناسبا تستطيع به القيام بواجباتها الجنسيه مع الزوج.. وأن هذه السن تختلف بإختلاف البيئات والأعراف.. متخذا من زواج النبي بعائشه وهي في سن السادسه مع تأجيل عملية الجماع بها لسن التاسعه كمثل يقتدى به لكل المسلمون..

أولا.. ليس هناك في كتب التراث ما يؤكد على عادة تزوج الفتيات القاصرات قبل الإسلام.. وأن النبي (سلام الله عليه) ولغاية محددة لم يوضحها أي من كتّاب التراث.. طلب الزواج بعائشه quot;أن النبي ( سلام الله عليه ) أرسل خولة بنت حكيم إلى أبو بكر يخطب عائشه.. فقال لها أبو بكر : وهل تصلح له إنما هي بنت أخيه.. فرجعت فذكرت ذلك للنبي فقال لها عودي وأخبريه إنما انت أخي في الإسلام.. وإبنتك تصلح لي.. فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال : ادعي رسول الله لى، فجاء فأنكحه quot;.
والرواية تؤكد أن أبو بكر أعرب عن تردده وتفاجئه من طلب النبي الزواج من عائشة بدليل علامات الإستغراب quot;هل تصلح له quot; ثم quot;إنما هي إبنة أخيه quot;
اما الرواية الأخرى عن عمر بن الخطاب حين خطب كلثوم وأجابه علي بأنها صغيرة.. فأجابه عمر.. أنا أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد..، فقال علي أنا أبعثها عليك فإن رضيت فقد زوجتكها، فبعثها فقال لها عمر : قولي له قد رضيته، ووضع يده على ساقها فكشفها فقالت له : أتفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك [في رواية أخرى للطمت عينيك]) ثم خرجت حتى جاءت أباها وأخبرته بالخبر وقالت : بعثتني إلى شيخ سوء ! فقال : مهلاً يا بنية فإنه زوجك.
ما تؤكده الرواية أنها إلتزمت بوعد أبيها إحتراما له.. وطاعة ولكن إستغرابها يؤكد أنها لم تكن عادة مألوفه.. وقد يكون سبب زواج عمر منها لقصة جاءت مفادها أن عمر سمع النبي (سلام الله عليه) يقول كل نسب وصهر منقطع يوم القيامه إلا نسبي وصهري.. وهو ما حث عمر على طلب الزواج من أم كلثوم..
نعم كان تعدد الزوجات و ملك اليمين مباحا في الجاهليه وأباحها الإسلام.. وتزوج الصحابه من نساء بالغات.. مما يؤكد بأن عادة زواج الصغيرات لم تكن مألوفه إطلاقا في ذلك المجتمع..
ثانيا.. ما تؤكده كتب التراث أن الفتاه قبل الإسلام تمتعت بشيء من الحقوق ومن ضمن هذه الحقوق..
أنها وبعد أن تبلغ سن البلوغ وتدرك حاجتها للجنس.. كانت تتزين وتسدل شعرها وتخرج منادية للنكاح.. أي أنها كانت تملك حرية التصرف بجسدها.. أيضا ما تبينه كتب التراث قصة تماضر بن عمر الشريد السلمي التي تدعي الخنساء..
quot;تقول أحدى ترجماتها للدلالة على قوة شخصيتها ومكانتها في قومها أنها رفضت الزواج من دريد بن الصمة وهو من أشهر وأشجع فرسان العرب في ذلك الوقت. ومن الطرائف المذكورة عنها في كتب التاريخ أن رجلا جاء ليخطبها بعد أن رأها وهي تطبب جملا لها، فذهبت إلى مكان كان الرجل قد تبول فيه لترى أثر بوله في الرمل لتحكم على قدرته الجنسية. وسواء إن صح هذا أم لا فإن في روايته دليل على أن المرأة كانت المرجع الأخير فيمن تتزوج وأنه كان لها حق الرفض أو القبول.quot;
ولكن الأهم الذي تؤكده العديد من كتب التراث للعصر الجاهلي أن المرأة كان لها دور ومكانه إجتماعية مرموقة وإحترام لرغبتها.. وأكبر الأدلة على ذلك..
1-المكانة الإجتماعية والإستقلال المالي الذي أعطى الثقة للسيده خديجه لطلب الزواج من محمد ( سلام الله عليه ) برغم الفارق الكبير في السن ( حوالي 20 سنه ).. والذي لم يتزوج بأخرى في حياتها.. بينما تزوج ب26 إمرأه بعد وفاتها لدرجة أن عائشة إعترضت عند بلوغها سن الرشد في مقولتها المشهورة quot;إن الله يسارع لك في هواكquot;
2-الأمثله التي وردت في الشعر العربي الجاهلي من أشهرها معلقة عمرو بن كلثوم التي تلمح في معظم أبياتها إلى مجالس النسوه وتأثيرهن الكبير على الحياة الإجتماعية..
3-من أكبر الأدلة على إحترام المرأه مهما كانت.. أن العرب قبل الإسلام كانوا يحترموا حقوق حتى العاهرات.. ومن أبرز الأمثلة على ذلك أن والدة عمرو بن العاص كانت عاهرة.. وأنها في ليلة واحدة عاشرت أربعه من أشراف قريش يقال أنهم العاص وأبو سفيان وأبو لهب وأمية بن خلف أن كل من هؤلاء الرجال ادعى عمرو لنفسه ولكنها نسبته إلى العاص لأنه كان أثراهم. فيما بعد استعمل معاوية إبن أبي سفيان هذه الحادثة ليجذب عمرو بن العاص لصفه بدعوى أنه أخوه من والده الحقيقي أبو سفيان.. وهو دليل واضح بأنه لم يكن هناك لقب إبن حرام ولا إبن زنا..
كل ما سبق يؤكد عكس وجهة النظر المبالغ فيها عن جهل المجتمع في تلك الحقبه.. حيث يجد الباحث الموضوعي أنه كان هناك تعدد وإختلاف في العادات بإختلاف الطبقات الإجتماعيه.. فبينما إحترم الأغنياء ذوو المكانه الإجتماعيه حق العاهرة.. ونسبوا أولادهم منها إليهم.. نجد أنه وفي طبقة الفقراء والمعدمين وأدوا بناتهم للتخلص من العبْ المادي لهن.. والباحث في التاريخ الإسلامي لا يجد فكرة واضحة عن مدى إنتشار هذه العادة التي قد تكون من الندرة بحيث أنها لم تذكر في الشعر الجاهلي والمصادر التاريخيه الأخرى.. ولكن ومن الأهمية أن نتذكّر بأن انتشار الفقر بين بدو القبائل قد أدى إلى هضم حقوق الأفراد وهو ما يحدث في أي مجتمع يعيش على على حافة الكفاف..
نعم هناك أدله على تدني وضع المرأه في الجاهلية.. وعلى وأدها.. وهي في معظمها عادات يهودية إقتدى بها العرب ولكن هناك أدلة اخرى موازيه تؤكد إحترام ومكانة المرأه في تلك المجتمعات.. ولكن الباحث الموضوعي لوضع المرأه.. يجد بأن الإسلام وإن منع البعض من هذه العادات كما في وأد البنات إلا أن هذا المنع لم يرقى إلى مرتبة التحريم القطعي..
لأنه مقابل منعها أقر وحلل رجم الزانية..
إن أي من الحقوق القليله التي منحها للمرأة ليست إلا امتدادا وإقرارا للحقوق التي حازتها نساء ما قبل الإسلام.. بل إنه وفي الأغلبيه جمدها وقننها بحيث أوقف عملية التطور الطبيعي لكل القوانين تبعا لإختلاف العصر والزمان..
ما لفت نظري في هذا المقال إضافة إلى سحق المرأه.. هو تأكيد الدكتور العلاّمه على أهمية كفاءة النسب... وهو ما ذكرني بمقالة الأستاذ جمال البنا تحت عنوان quot; ياقضاة السعوديه بأي شرع تحكمون.. بتاريخ 5 فبراير 2007.. حين قضت محكمه سعودية بعد مداولات في المحكمه بفسخ عقد الزواج وتفريق رجل عن زوجته وام طفليه لعدم كفاءة النسب... والتي فضلت الزوجه وبعد الحكم البقاء في السجن على الخروج منه حتى لا يزوجها إخوتها من شخص آخر..
سيدي القارىء..
في وقت تضج فيه بريطانيا بتصريح بسيط بأنه لا مانع من الاخذ ببعض قوانين الشريعه الإسلامية محددة ذلك في عملية التحكيم فقط لتلافي طول العملية القضائيه بينما تؤكد على الأخذ بالقانون البريطاني فقط.. وفي وقت تسعى فيه الدول الإسلامية والسعودية بالتحديد لتحسين صورة الإسلام والمسلمين.. وتقترح فيه حوار الأديان.. تأتي مثل هذه التصريحات لتحبط الجميع وتخجلنا كبشر أمام المجتمع الدولي..
ترى هل من حقنا كبشر أن نطالب بحوار عقلاني لتحسين وضع المرأه ومعاملتها كبشر وإنسانه؟؟

فاطمه اوزون