في إيران ثمة ما يطلق عليها المدن المقدسة والسبب في التسمية يعود إلى ضم هذه المدن قبور ومزارات شيعيةlsquo; بعضها حقيقية وبعضها الآخر وهمية أنتجتها مخيلة دهاقنة الحركتين الشعوبية والصفوية.هاتين الحركتين اللتين توافقتا على دمج العنصرية بالطائفية للخروج بتوليفة سياسية يقام على أساسها كيان قومي ( إيران ) متكأ على أثره الكسروي الزردشتي ولكن بغطاء جديد عنوانه التشيع لأهل البيت عليهم السلام.


ولدعم هذه النظرية وترسيخها في أذهان المسلمين والمحبين الحقيقيين لآل البيت في إيران فقد شرع الشعوبيون و الصفويون في اللجوء إلى بناء ما أطلقوا عليها quot; المراقد والمزارات والبقع المتبركة quot; و التي أشارت آخر إحصائية صادرة عن منظمة quot; الأوقاف والشؤون الخيرية الإيرانية quot; أن عددها بلغ ستة الآف بقعة تم تسجيل ألف وسبعة وخمسون بقعة منها في سجل الآثار الوطنية. ( ومن الملاحظة إن إقليم بلوشستان ذات الأغلبية السنية في شرق إيران المنطقة الوحيدة التي لم يسجل فيها إي قبر أو بقعة مباركة تنسب لآل البيت !) وعلى هذا الأساس أخذت بعض المدن الإيرانية صفة القدسية لضمها جزءا من هذه القبور والبقاع.


ومن المفارقة أن هذه المدن التي تصنف على أنها مقدسة lsquo; تشهد اليوم ظاهرة فساد اجتماعي وجرائم أخلاقية وجنائية من قبيل القتلlsquo; السرقة lsquo; الاغتصاب والإدمان،،، lsquo;بصورة لم يسبق لها مثيلlsquo; ومن هذه المدن quot; قم quot; تحديدا والتي كانت قد اشتهرت بأدوارها البارزة في الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد طوال القرن الماضي. وهذه المدينة تعد اليوم العاصمة الدينية لإيران lsquo; نظرا لوجد مركز الحوزة العلمية و مقر إقامة كبار المرجعيات الشيعة فيهاlsquo; و لكنها تحولت في ظل جمهورية الملالي إلى مدينة فساد بامتياز بعد أن كانت من أشهر المدن المحافظة.


فبحسب ما جاء في التقرير الذي أعده احد الأطباء العاملين في المدينة ويدعى الدكتور quot; سينا quot; ونشرته العديد من المواقع الإعلامية lsquo; فانه و على الرغم من إجراءات الفصل المطبقة بين الرجال والنساء lsquo; إلا أن مدينة قم ماتزال تشهد كل يوم تسجيل رقما قياسيا جديدا في معدل جرائم الفساد الأخلاقي. علما ان إجراءات الفصل بين الجنسين تطبق في جميع المؤسسات التعليمية والإدارية و الصحية و مراكز التسوق ووسائل النقل والمطاعم والحدائق وباجات التلفون العمومية وغيرها من المرافق العامة الأخرى. ولكن ما هو ملفت للنظر أن جميع المراكز التي خصصت للنساء بقيت مفتوحة على الملالي من رجال السلطة فهؤلاء مستثنون من تطبيق إجراءات الفصل وهم الوحيدون الذين يحق لهم الاختلاط مع النساء في تلك المرافق والمؤسسات.


فالملالي وحدهم الذين يدخلون مراكز التعليم المخصصة للفتيات على الرغم انه لا يحق للرجال في قم التدريس في المراكز التعليمية المخصصة للإناث. وهكذا بالنسبة للمراكز الصحية والمستشفيات والمنتزهات المخصصة للنساء نجد أن الملالي يتجولون فيها من دون أي إحراج وكأنهم محللون على جميع النساء اللواتي يدخلن هذه الأماكن.ورغم كل إجراءات الفصل تبقى مدينة قم تسجل أعلى نسبة في الجرائم والمفاسد الاجتماعية على مستوى إيران كلها.. فأعلى نسبة للانتحار بين الإناث ( عن طريق السم ) في إيران سجلت في مدينة قم وذلك بسبب الكآبة النفسية التي تعاني منها نساء وفتيات المدينة نتيجة الأجواء القمعية والأساليب التمييزية التي تمارسها عليهن سلطة الملالي عبر الإجراءات التي تطبقها ما تسمى بقوات quot; الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرquot; التي تجوب بدورياتها الشوارع ومراكز التسوق والمطاعم وغيرها من المرافق العامة وتقوم بإيقاف واستجواب المرتادين على تلك الأماكن والتي كثيرا ما تقوم باعتقالات في صفوف الرجال والنساء ويتم إصدار أحكام بالجلد في حقهما بدعوى عدم رعايتهما للشؤون الدينية وحرمة المدينة المقدسة. وهذه الإجراءات كثيرا ما تساعد على خلق انحباس نفسي وكبت حقيقي للنساء والرجال على حدا سواء. وهذا الكبت يتسبب يوميا في وقوع العديد من جرائم الاختطاف والاغتصاب وكثيرا ما يقوم الخطافون بقتل ضحاياهم خشية من انكشاف أمرهم و التعرض إلى المسائلة والعقاب.كما أن بعض النساء والفتيات يتعرضن لعمليات الاغتصاب يقومن بالانتحار إما خشية افتضاح أمرهن أو لعدم وجود من يأخذ بحقهن.


وفي الواقع أن المرأة في مدينة قم دائمة التعرض للاهانات والتحرش الجنسي وخصوص من قبل طلاب الحوازات الدينية. فهؤلاء ما إن رأوا امرأة أو فتات تسير في الشارع حتى سارعوا إلى مفاتحتها بموضوع الصيغة (زوج المتعة) و لا يتعرضون للمسائلة إذا ما شكتهم امرأة ما والسبب في ذلك أن ما يطلبونه يعد أمرا مشروعا ومصرح به من قبل الحكومة وهو عمل محمود وموصى به من قبل أئمة المذهب بحسب ما جاء في كتب العقائدية الشيعية.

ولهذا فان على المرأة في قم أن تتحمل الاهانات و التحرشات الجنسية من قبل هؤلاء الملالي وغيرهم من الشباب والرجال وهي إمام خيارين lsquo; إما أن تخضع وإما أن تعيش مرارة الكبت النفسي الذي يؤدي بها إلى الانتحار. كما أن اغلب حالات الزواج في المدينة أصبحت تنتهي بالفشل وذلك لان اغلبها مازال يجري وفق العادات والأعراف التقليدية السادة في المدينة وهذه الأعراف تتعارض في أحيانا كثيرة مع المستوى الثقافي والاجتماعي للزوجين الأمر الذي يدفع بالكثير من الرجال باللجوء إلى ما يسمى بزواج quot; المتعة quot; محتذين في ذلك اثر الأخوة القدوة وهم الملالي. وبالمقابل أيضا تقوم أغلب الزوجات و للانتقام من أزواجهن بتكوين علاقات صداقة غير مشروعة مع رجال آخرين مما يؤدي إلى فشل الحياة بين الزواجين ومن ثم حدوث الطلاق. وبحسب إحصائية دائرة الأحوال المدنية فان مدينة قم تحتل المرتبة الثانية في نسبة حالات الطلاق في إيران.


ومن الملاحظ أن المحاكم المختصة في قضايا الأحوال الشخصية تدار بواسطة قضاة يشجعون النساء الشابات على الطلاق من أزواجهن حيث و بعد الطلاق تحال المطلقة على احد الجمعيات الخيرية بحجة مساعدته في الحصول على العمل ولكن سرعان ما تقع في فخ احد الملالي لتصبح جارية عنده بحجة زواج المتعة.و تعد جمعية quot; الزهراءquot; ومن أشهر الجمعيات التي أصبحت مقراً للمطلقات ومرتعا للملالي وطلاب الحوزات الدينية الراغبين بالمعاشرة غير المشروعة تحت مسمى quot; زواج المتعة quot;. وقد يكون الأمر غير قابلا للتصديق إذا ما قلنا أن الأرقام الغير رسمية تؤكد بان مدينة قم سجلت أعلى رقما في نسبة إسقاط الأجنة بطريقة غير قانونية. وبحسب تقارير وزارة الصحة فان أعلى نسبة مراجعين لتلقي العلاج من الإصابات الناجمة عن ضربات بالسكاكين والأدوات الحادة الأخرى سجلت في مستشفى quot; نكوئي quot; في مدينة قم. وهذه الإصابات جاءت جراء النزاعات الجماعية والفردية التي تشهدها المدينة يوميا. ويعد شارع quot; باجك quot; في مدينة قم من أشهر الشوارع التي تشهد حوادث إجرامية دامية.
واستنادا إلى إحصائيات مديرية الشرطة فان ثاني أعلى نسبة للمصابين بمرض الايدز في إيران سجلت في مدينة قم. وهكذا الأمر بالنسبة للمدمنين على مادة quot; الكراك quot; المخدرة. فقد أشارت ذات الإحصائية أن واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في قم يتعاطى الأفيون. كما أن مدينة قم تعد من أكثر المدن استعمالا للمشروبات الروحية المصنعة يدويا و التي تستخدم فيها مادة كيماوية ضد تجمد المياه وهي كثيرا ما تتسبب في إصابة متعاطيها بالموت أو فقدان البصر شبيه بما حدث في quot; عيد النيروزquot; العام الماضي حيث توفي أربعون شخصا و اصبب أربعمائة آخرون أكثرهم فقد بصره نتيجة تعاطيهم لمشروبات روحية مصنعة يدويا.
أما عن الأوضاع المعيشية وأحوال الفقراء في مدينة قم فان التقرير المذكور ينقل صورا مأساوية عن المناطق والمحال الأكثر فقرا في المدينة وهي مناطق lsquo; القائم lsquo;نيروكاه lsquo; زند آباد lsquo; و جهل اختران وغيرها.مؤكدا أن الفقر والمجاعة في هذه المناطق امر لا يصدق حيث أن الكثير من سكان هذه المناطق حماية انفسهم من برودة الشتاء القارص وحرارة الصيف الشديدة وغذاءهم الوحيد الخبز والماء أو الخبز وماء الحمص وفي أحسن الأحوال عجينة المعكرونة. وفي الكثير من الأحيان يقف هؤلاء الفقراء وهم يشاهدون أبناءهم المرضى يموتون أمام أعينهم لأنهم لا يملكون ألف تومان قيمة الدواء الذي يحتاجونه وان المستشفيات لا تقبل معالجتهم لأنه لا يوجد من يدفع عنهم.
كما أن الكثير من هذه العوائل الفقيرة تدفع بأطفالها للعمل من الليل إلى النهار في معامل الطابوق الواقعة في أطراف المدينة من اجل تأمين لقمة عيش لها وكل هذا يجري فيما الكثير من ملالي المدينة الكبار يعيشون مع أبناءهم حياة الترف والبذخ الأسطورية من خلال هيمنتهم على المشاريع الاقتصادية وامتلاكهم أسهم في اغلب المصانع الكبرى وتغاضيهم ما يسمى بالوجوه الشرعية من أموال الخمسة التي تجبى إليهم من مقلديهم والتي تبلغ سنويا مليارات التومانات. وهذا ما ساعدهم على جني ثروات خيالية فأصبحوا يمتلكون اكبر القصور في أرقى مناطق مدينة قم كمناطق lsquo; سالارية lsquo; بلوار امين وغيرها. هذا إلى جانب امتلاكهم بيوت و فلل فخمة في مناطق نياوران وتجريش في شمال طهران.
ويأتي هذه فيما تفرض السلطات الحكومية اشد الإجراءات البوليسية و القمعية وفرض أجواء من الاختناق ونشر حذر على الأنباء و المعلومات التي تتحدث عما يجري في مدينة قم خشية من انكشاف حقيقة ما تعانيه هذه المدينة من فساد بعد ترويج أكذبة quot; المدينة الفاضلة quot; التي أطلقها الملالي على قم التي تعد عاصمتهم و مركز حوزتهم الدينية.
ولكن هل بقي معنا لقدسية هذه المدينة بعد أن وصل بها الفساد إلى ما وصل؟. ربما في عرف الملالي نعم !.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي