أعلم سلفاً بأن عنوان هذا المقال وحده يكفي كي تثور ثائرة بعض الكرد الخارجين المتخرجين لتوهم من كرنفالات الزعيق الإيديولوجي، والذين يحسبون رجال السياسة ويقرأونهم بإعتبارهم quot;كائنات فوق بشريةquot;، أو quot;نصف إلهيةquot;، يعيشون حياة quot;فوق عاديةquot;، فوق الطبيعة، وفوق البشر، وفوق الموجودات، في فضاءاتٍ مقدسة، لكأنهم quot;أيات مقدساتquot; نزلت أو سقطت لتوها من فم الله.

في المنطق الغربي، لا حياء في السياسة، وفي الإجتماع، وفي الثقافة، مثلما لا حياء في الدين، فكل شيء، على مستوى سلطة أهله الرابعة، قابل للبوح الشفاف، والنشر الشفاف، والحوار الشفاف، والأخذ والرد الشفافين، والكتابة الشفافة.
أما في شرقنا المسلم، المتخلف بتفوق، المقفل على ذاته وعلى الآخر، والمحكوم بتابوهاتٍ لا أول لها ولا آخر، والتي حوّلت الأوطان وما عليها من كتلٍ بشرية تتدحرج نحو اللامعلوم الأكيد، إلى سجنٍ كبيرٍ، كتب على مداخله: quot;لا تعش ولاتدع الآخرين يعيشونquot;، فالأمر مختلفٌ تماماً، حيث العالم موزعٌ، بحسب المفصلين لتاريخه واجتماعه وسياسته، بين quot;حرام وحلالquot;، وquot;مؤمن وكافرquot;، وquot;تائب ومرتدquot;، وquot;أهل كتاب وأهل لاكتابquot;، وquot;سيد وعبيدquot;، وأهل الله وأهل الشيطان...إلخ.

ما أدلى به رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في مقابلة خاصة مع الشرق الأوسط(03.07.08)، بأنه quot;يسمع ويتلقى عبارات غزل من نساء مختلفات، عراقيات وعربيات وكرديات، وغيرهن، ولكن بشكل غير مباشرquot;، هي جرأة غير مسبوقة، على مستوى quot;الأسرار الخاصةquot; بالطبقة السياسية الحاكمة في الشرق بعامة، وفي جهة الكرد من تلك الجغرافيا المقفلة، بخاصة.

وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة الكردية، قد تطرق في مصارحته هذه، لنا و لquot;جميلاتهquot;، إلى نصف المعلومة، إذ وافانا ببعضٍ من أخباره الخاصة عن الغزل الطائر إليه، وحكى لنا عن الغزل ذي الإتجاه الواحد، أي الغزل في طور الإستقبال فقط دون الإرسال، تاركاً للقارئ حرية التفكير في معنى وتأويل النصف الآخر من الغزل وأنبائه الساخنة، إلا أن هذه quot;الطلة الغزليةquot; تبقى، والحق يقال، نقطة جديرة بالذكر، وجرأة سياسية من طرازٍ خاص، تسجل لصالح البارزاني وquot;جميلاتهquot; اللواتي يصنعن الحب اللامباشر، بكلامهن الحلو، وغزلهن اللطيف كجنسهن، مع رئيس مباشر، لحكومةٍ مباشرة.

والحاصل، جميلٌ أن يفتح سيد الحكومة الأول قلبه، هكذا شفافاً، لجمال جميلاته.
جميلٌ أن يأتينا البارزاني، هكذا بكلامٍ جميلٍ نادر، عن جميل كلام جميلاته.
جميلٌ أن يصنع البارزاني، هكذا على غير عادة أكراده، جرأةً نادرةً، يتحدث فيها عن سقوط جميلاتٍ كرديات، عراقيات وعربياتٍ كثيرات، في فخاخ هوى شبابه.
وجميلٌ أن يكسر البارزاني الصورة النمطية الواحدية للسياسي، كردياً، والتي سُبغت بهالة من القداسة والمثالية المفرطة، لفتح الطريق أما صورة أكثر واقعيةً، أقرب إلى الحقيقة، عصرية، جديدة، لسياسي جديد يمشي على الأرض، بدلاً من الصعود الزائف إلى سماءٍ زائفة لا وجود لها إلا في ذهن المريدين السياسيين، والمتدينين بسياسة الزعيم، أكثر من أي دين.

ولكن يبقى السؤال:
متى سيفتح السيد الأول لحكومة كردستان، قلبه، بذات الشفافية المفتوحة على جميل جميلاته، لكردستانه quot;الساقطةquot; والغائرة في فسادٍ مبين؟
هل يمكن لهذا quot;العبور الشفافquot; لنيجيرفان بارزاني إلى جميل جمال جميلاته، أن يؤسس لعبورٍ موازٍ، بذات الشفافية وذات الصراحة وذات الجمال، إلى كردستانه الجميلة، التي ينخر جسدها سرطان الفساد المعلوم، والذي ينبئ أكراده، بمستقبلٍ راكبٍ أو مركوبٍ على أكثر من كف عفريتٍ مجهول؟
هل يعني سلوك الأول من البوح، بأخبار الغزل القادم من الجميلات، على مستوى رئيس الحكومة، رسالةً تبشر بسلوكٍ شفافٍ، نحو المزيد من الإنفتاح على الذات وعلى الآخر، والمزيد من الشفافية بين كردستان الحزب/ الحاكم وكردستان الناس/ المحكومين؟
هل يمكن اعتبار الأول من هذا الذهاب الشفاف إلى تدوين وأرشفة الجميل القادم عبر غزليات الجميلات الشفافات، أول الطريق إلى quot;كردستان شفافة جميلةquot;؟
أم أنها ستكون مجرد quot;مزحةً شفافةquot; تعبر سماءنا وتمرّ علينا مرور الفوق الكريم، لإلهاء الصحافة وأهلها، أو طريقاً معاصرة سلكها أعلى مسؤول في فوق الحكومة، كمطية سياسية نافعة للتنفيس، مازح كردستانه وأهليها عبرها، كي ينسوا بالكلام الجميل لجميلاته، لاجمال وتراجيديا قطيعتهم لا بل قطيعاتهم، كالقطيعة عن المواطنة الحقيقية الجميلة، والحقوق الجميلة، والإنتخابات الجميلة، والأحزاب الجميلة، والتحالفات الجميلة، والإختلاف الجميل، والمعارضة الجميلة، والحكومة الجميلة، والوزراة الجميلة، والمسؤول الجميل، والتوظيف الجميل، والكهرباء الجميلة، ومياه الشرب الجميلة، ولقمة العيش الجميلة...وسوى ذلك من الموجودات الجميلات المفقودات المقطوعات؟

[email protected]