قبل أن يكتب أي كاتب عن إيران لا بد من أن ينظر إلى منطقه الشرق الأوسط كلها.. أن يعيش صراعات المنطقة كلها.. أن يشعر بألم المواطنين.. وفقرهم وعجزهم عن عقلنة انظمتهم.. أن يشعر بالتعاطف مع ألم الإنسان في كل مكان.. أن يشعر بغليان الشارع وطوفان المتطرفين الأعمى في كل الأديان الذي سيجر العالم كله إلى الجحيم.. وإختلاط المفاهيم.. بقواسم مشتركه بحيث تضيع وضوح الرؤيا. وتبقى الغيوم المتلبدة في سماء المنطقه. وفي قلب الكاتب.. وتنهمر دموع القلب مع العقل.. لأنه لا مخرج.. ولا بديل يلوح في الأفق..
فإنعدام الوضوح يعني إنعدام التوازن.. لأن التوازن والعقلنة في العقليه العربيه يعتبر خذولا وإستسلاما..

يكثر الجدل هذه الأيام حول ما يحدث خلف الكواليس مابين سوريا وإسرائيل.. وهل حقا ستثمر هذه المفاوضات بالسلام بين الطرفين.. وبتنازل سوريا عن العلاقه الإيرانيه.. وعن إيواء قيادي حماس في دمشق.. هل ستثمر أيضا بإسقاط أو تمويه مداولات المحكمه الدوليه حول من هو المتورط الحقيقي في إغتيال رئيس الوزراء اللبناني.. المرحوم رفيق الحريري..


مما لا شك فيه بان الوضع الإقتصادي تبقى له الأولويه.. وبالتالي فإن أي دولة ملزمه بحماية مصالح مواطنها الإنسان من منطلق حماية إستمراريتها.. والخروج من المآزق الدولية التي أوقعت نفسها بها.. وبالتالي فإنه سيكون للحصار الدولي الخانق الذي تفرضة الولايات المتحدة و اوروبا الأولوية في بحث المصالح السورية خاصة إذا ما تجاوبت إسرائيل للمطالب السورية بالإنسحاب الكامل من الجولان.. وبالإتفاق على كيفية تقاسم مياه الجولان بين الطرفين.. ومن هنا إيجاد سند دولي لسوريا أقوى من النظام الإيراني ستكون له الأولوية....


بنفس الوتيره وبنفس الأهمية يكثر الجدل حول من سيضرب إيران.. أميركا أم إسرائيل.. هل ستعطي الولايات المتحدة الضوء الاخضر للقوات الجوية الإسرائيلية للمرور فوق الأرض العراقية المحتله.. كيف سيكون الرد الإيراني لهذه الحرب فيما لو وقعت.. أين ومن ستضرب إيران.. وماهي النتائج الكارثيه المتوقعه من هذه الحرب..


مما لا شك فيه بأنني من معسكر السلام في المنطقه.. وأتمنى أن تثمر مفاوضات سوريا بالنجاح.. أتمنى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي كله.. لسوريا.. وللأرض الفلسطينيه.. وأتمنى في المقابل بل وأدعو أن تكبح إيران جماح رغبتها في الحصول على أسلحه نوويه.. وأيضا في حلمها الوصول إلى أن تكون لا عب أساسي على الساحه الدولية بإسم الإسلام.. ليس لأنني ضد الدين.. بل أنا ضد كل من يريد الحكم بإسم أي دين.. فلا مجال ولا مكان له في المستقبل العولمي..


ولكن ومرة أخرى ما كل ما يتمناه المرء يدركه.. فالباحث الموضوعي في هذا الموضوع الشائك.. والمتعدد الأطراف.. يرى بأن لهجة التصعيد والتخويف.. والإبتزاز التي تستعملها إيران ليست في مصلحة أي من الأطراف.. وأن النظام الإيراني كارثه.. ليس فقط على المنطقه كلها.. بل على الشعب الإيراني نفسه الذي يسعى ويريد السلام مع الجميع.. وأن إسرائيل تقف بالمرصاد لكل هفوة سواء اتت من إيران أم من أي من الدول الإسلامية..


التصعيد الإيراني بالأمس في إستعراض القوه العسكريه وإطلاق صاروخ شهاب الطويل المدى.. لا يخدم المصالح الإيرانيه ولا الإسلاميه التي تتشدق إيران بانها حاميتها.. بل يؤكد ويدعم حالة التصعيد المقابله التي تشنها إسرائيل تخويفا لأوروبا وللغرب باكمله من الطموحات الإيرانيه.. وفيما إذا كانت هذه الطموحات ستتوقف على إستعراض القوه العسكريه ام انها ستتعداها إلى هدف وأمل صعود الإسلام.. وهداية البشر في الشرق والغرب..


هل يصل الجنون الإيراني إلى هذا الحد.. هذا ما تسوق له إسرائيل حاليا.. فهل إطلاق صاروخ شهاب يؤكد هذه النظريه.. ؟؟؟؟
تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز إن هي تعرضت للضربة وقطع ثلثي الإمدادات النفطية العالمية.. لن يستطيع الصمود أمام قوة الولايات المتحدة العسكرية.. ولا قدرتها التأثير على بقية الدول المستهلكه للنفط وإستخراج قرار أممي يخول لها إحتلال هذا المضيق..


في حال ضربت إسرائيل إيران.. سيفشل النظام في حماية مواطنيه.. وسيخرج مهزوما.. ومجروحا بجرح غائر.. لأن خسائره ستفوق أي مكاسب تعاطف من الشعوب المجاورة.. لن تترجم بأكثر من مجرد شعارات..
سيدي القارىء.. أنا لست ضد إيران.. ولا الشعب الإيراني.. ولا اي شعب في العالم.. ولن أنكر حقيقة إحتكار إسرائيل للقوة النووية في الشرق الأوسط كله.. ورفضها أي مراقبة أو تفتيش على صلاحية منشآتها النوويه.. ورفضها الدخول بإتفاقية لجعل منطقة الشرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل..


من هنا فإن نقطة القوة الوحيده التي تستطيع إيران كسبها مع جميع دول المنطقه.. هو ليس تطوير منشآتها النووية أسوة بإسرائيل.. ولكن الحوار العقلاني حول أهمية وضرورة جعل المنطقة بل العالم كله خاليا من أسلحة الدمار الشامل.....


احلام أكرم

باحثه وناشطة في حقوق الإنسان