تقدم التجربة الاسرائيلية للعالم درساً في قوة مشاعر الانتماء الوطني، والنجاح المؤسساتي الجماعي، والتقدم العلمي، وتجربة سياسية في غاية النضج.

واسرائيل دولة مؤسسات حقيقية، فالقضاء حقق للمرة الثالثة مع رئيس الوزراء، علماً انه مواطن مخلص لوطنه وقدم الكثير الى اسرائيل، ولكن القضاء لايرحم ويتساهل حتى مع الهفوات والزلات البسيطة، وكلنا يتذكر كيف ان شارون الذي يعتبر بطل قومي اسرائيلي قد خضع هو الاخر الى تحقيقات القضاء.

وبينما أسمع اخبار تحقيقات القضاء الاسرائيلي.. أتذكر حجم الفساد الاداري والسرقات والقتل... في العراق ولاأحد يحقق فيها، بل ان اللصوص والقتلة هم من يحكمون العراق، ففي العراق اليوم، وسابقاً في زمن نظام صدام المقبور لايوجد شيء اسمه القانون والعدالة، وكل شيء مباح وكأننا في عصر الغابات والكهوف!

وفي لبنان.. البلد المتحضر المصدر للثقافة، نجد امراء الحرب والقتل نفسهم يسيطرون على المجتمع والدولة من دون مساءلة تذكر، بل وتسمعهم يمتشدقون بالشعارات الوطنية والتخوين والنزاهة.

انشغلنا طويلاً في مهاجمة اسرائيل بشعاراتنا العدوانية، من غير ان نكلف انفسنا دراسة اسباب نجاحها وتفوقها الهائل في مختلف الميادين، فقد مارس العقل العربي عملية هروب خطيرة من مواجهة عجزه امام االتفوق الاسرائيلي باللجوء الى الإحتماء خلف الشعارات الديماغوجية الغوغائية.

ان اسرائيل بأعتبارها أحدى دولة المنطقة.. تقدم تجربة سياسية علمية اجتماعية هامة جدا للدول العربية للإستفادة منها، فهي من النماذج الراقية التي يجب دراسة أسباب تقدمها، وطرح سؤال مؤلم على العقل العربي وهو: لماذا دولة اسرائيل الحديثة حققت كل هذا التقدم، بينما دول عريقة مثل مصر والعراق وسوريا ولبنان تمتد اعمار حضاراتها الى آلاف السنين وفيها كل امكانات التقدم ظلت بائسة في كل شيء؟

خضير طاهر

[email protected]