السفارة العراقية في أستراليا بين الالتزامات الأخلاقية والإمكانيات المادية

لا يمر يوم إلا و يتصل أو يزور مكتب الفرات عدد من الأخوة والأخوات من أبناء الجالية العراقية في سيدني قاصدين المكتب للاستفسار عن أرقام هواتف وعنوان السفارة العراقية في كانبيرا أو موعد قدوم القائم بالأعمال أو القنصل إلى سيدني ومكان وعنوان ومواعيد عمله لاستلام معاملات أبناء الجالية.


جل هؤلاء من المتقاعدين وكبار السن والبعض منهم مواطنين عاديين يودون مراجعة السفارة لغرض معاملات خاصة كـ الكفالة وشهادة قيد الحياة و مسائل وأمور قانونية أخرى تتطلب مراجعة السفارة العراقية ولقد قمنا بتسجيل ملاحظات و شكاوى العديد من أبناء الجالية وسوف نقوم بنشرها قريبا مع استفتاء حول أداء السفارة العراقية وممثليه حكومة إقليم كوردستان و أراء أبناء الجالية. حولهما.

كما هو معروف أن مدينة سيدني تبعد عن مدينة كانبيرا العاصمة الفدرالية مسافة 300 كيلومتر وهذا يتطلب من المراجع عناء السفر والجهد بالإضافة إلى تكاليف الطريق و قضاء ليلة في كانبيرا أو أكثر بسبب انتهاء الدوام في القنصلية العراقية في كانبيرا عند الثانية ظهرا ً، والعديد من أبناء الجالية يشكون من خدمات الهواتف في السفارة حيث لا يوجد في السفارة غير خط واحد و في اكثر الأحيان يعاني المتصل صعوبة في التحدث مع موظف في السفارة وأكثر المرات لايجد المتصل سوى الإجابة من قبل جهاز إلكتروني لا يفقه ضرورات المتصلين العاجلة..... وقد سبق لنا و للأخوة من أبناء الجالية العراقية مناقشة وشرح هذه المشاكل مع الأستاذ غانم الشبلي سفير العراق لدى أستراليا وقدمنا بعض المقترحات لحل هذه المشكلة ولكن و للأسف وبعد مرور عدة سنوات لم نلاحظ أي تقدم حول هذا الموضوع!.


وعند زيارة وزير خارجية العراق الأستاذ هوشيار زيباري إلى أستراليا تم طرح هذه المشاكل والمعاناة واحتياجات أبناء الجالية في أستراليا وقد تعهد الأستاذ هوشيار زيباري مشكورا بفتح مكتب القنصلية في سيدني لسد و تسهيل معاملات أبناء الجالية.
وماذا بعد.... سمعنا والعهدة على الراوي أن السفارة ألان بصدد فتح القنصلية في سيدني منذ أكثر من 5 أشهر وهم الآن يبحثون عن مكان مناسب معتمدين على البعض لفتح مكتب القنصلية، وهناك روايات بان مكتب القنصلية سيكون في مدينة سيدني ( المركز التجاري) وأخرى تتحدث عن فتحها في منطقة (باراماتا) الحيوية، وأخرى تتحدث على أن بعض الأخوة في السفارة يودون فتحها على شاطئ البحر!! (مرفأ سياحي) أم ماذا...!!.

بغض النظر عن مكان افتتاح المكتب وهو من المفيد أن يكون في مكان أكبر تجمع للجالية ألا أن وكما هو معلوم للضرورة أحكام وان مطالبة أبناء الجالية في أستراليا وكل بلدان العالم بفتح مكتب للقنصلية هي حق شرعي لهم وعلى الحكومة العراقية تنفيذها ودعم هذا المكتب بكل مستلزمات و الإمكانيات في سبيل خدمة أبناء الجالية الذين هم أولا وأخيرا أبناء العراق ولهم حقوق على الحكومات التي تحكم وطنهم.

أما سبب تأخير فتح القنصلية وعدم وجود إمكانيات للسفارة لتطوير خدماتها من الهواتف والفاكس والبريد الإلكتروني هي حجج واهية لا أساس لها تكمن من ورائها إغراض ونيات غير معروفة لدينا في الوقت الحالي،ونحن هنا نؤكد لا نود إطلاقا التدخل في الشأن الدبلوماسي للسفارة ولكننا نمارس حقنا الشرعي أولاً كمواطنين عراقيين لدينا حقوق على الحكومة العراقية وعلى كافة مؤسساتها وثانيا نحن كأكبر مؤسسة صحافية وإعلامية عراقية في أستراليا نمارس حقنا الشرعي في مراقبة الوضع العام والنقد والتحليل وتقديم المشورة والاقتراحات والدفاع عن الحق العام ونشر الرأي الحر المغاير ونقل وجهات النظر المختلفة.

وهذا ربما لا يروق لبعض الأخوة في الحكومة و السفارات العراقية إلا إن الوضع الحالي للسفارة والحكومة العراقية والتي في أروقتها المئات أن لم يكن آلاف من اللصوص و الانتهازيين لا يروق لنا أيضا، وبما أن الحكام والقيادات أو من يمثلونهم يجب أن يكونوا خدم لأبناء الشعب شاؤا أم أبوا كونهم موظفين عموميين يستلمون رواتبهم من المال العام، فالأبناء جاليتنا الحق بمطالبة فتح القنصلية في مكان وموقع يرونه مناسبا لهم ويجب الأخذ برأيهم قبل فتح القنصلية وبما أن للمواطن المغترب نفس حقوق المواطنين فلأبناء جاليتنا أيضا الحق في مطالبة الحكومة العراقية بفتح مؤسسات خدمية أخرى مثل المدارس والقاعات و النوادي الثقافية والاجتماعية والدينية وتغطية كافة تكاليفها المادية... الخ، في سبيل خدمة أبناء الجالية أسوة بباقي الجاليات الأخرى بالإضافة إلى تقديم المعونات المادية للمحتاجين، فمن حق أي مواطن عراقي أن يطالب بنقل جثمانه أو جثمان ذويه إلى ارض الوطن وعلى نفقة الحكومة العراقية أو إذا كان يود أن يرجع للعراق ليستقر هناك أو حتى إذا كان يعاني من مرض ولا يستطيع توفير العلاج بسب الإمكانيات المادية له الحق في أن يطلب المساعدة من السفارة مباشرة فالسفارة هي الممثل الشرعي للحكومة، وللمواطن العراقي أيضا الحق في مطالبة السفارة العراقية بتوفير الحماية القانونية له أن كانت هناك ضرورة،ومن حق المواطن العراقي غير العربي أن يطالب السفارة أو القنصلية أو ممثلياتهم بوثائق و معلومات مطبوعة بالغة الكوردية أو الآشورية أو التركمانية، إضافة إلى ذلك أن من واجب السفارة و ممثلياتها الدفاع عن حقوق أبناء الجالية دون تفرقة وبغض النظر عن الانتماء السياسي والقومي والديني للسفير أو القنصل و من يمثلهم وهذا (مالم نراها حتى الآن في أستراليا).

عندما يهان المواطن في وطنه قد يكون ذلك تعدي على حقوقه كمواطن أو لنا أن نسميه بأي تسمية اخرى، ولكنه داخل وطنه يستطيع بالقنوات الشرعية القضائية ومنظمات المجتمع المدني وجماعات الضغط والنقابات أن يصل إلى حقه بأي طريقة يشاء، حتى لو كان النظام يشوبه الفساد.


ولكن، عندما يُهان المواطن في وطن آخر وفي بلد آخر فبذلك تهانُ الدولة بأكملها بداية من رئيسها ونهاية بكل ما عليها من حضارات وبشر وثقافات أليس كذلك أيها السادة والسيدات.

و هنالك مسائل أخرى تتعلق بأمور وكفاءات دبلوماسية لدى الكادر العامل في السفارات التي تتسم بتدني أدائها وضعف الكفاءات المزمن لفريق عملها الدبلوماسي، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، لا يوجد موظف في السفارة العراقية في أستراليا يجيد حقاً لغة أخرى غير العربية أما اللغة الكوردية والآشورية والتركمانية لاوجود لها في سفارتنا ولعل هذه اللغات في حسابات الحكومة العراقية الحالية وسفارتها تبدو لغات غير عراقية!! وهؤلاء ليس مواطنين عراقيين لانهم ليسوا من خلفيات إيرانية وهذا ما هو يناقض الدستور الذي ضحكوا به على العراقيين فأين هي الفدرالية وأين هي الوثائق والكتب الرسمية بغير اللغة العربية و أين هي حقوق المواطنين وأين هي ممثلية حكومة إقليم كوردستان داخل السفارة العراقية وما هي علاقة التجارة الشخصية بالسفارة أو الممثلية ؟؟؟.

هذا الأمر ينطبق أيضاً على بقية السفارات و الدبلوماسيين العراقيين في بلدان العالم الذين يفتقرون إلى المستوى المطلوب الذي يؤهلهم لممارسة النشاط الدبلوماسي ويخولهم من مزاولة معترك النشاط الثقافي الذي يتماشى وما هو مناسب لدبلوماسي يفترض أنه يمثل بلاده أفضل تمثيل أمام العالم، ومن نافل القول هنا أن السبب في هذا التضاد بين ما هو مطلوب من الدبلوماسي افتراضياً وبين ما يقوم به في عمله الدبلوماسي العراقي فعلياً يعود بالتحديد إلى افتقار الخارجية العراقية إلى المؤهلات المناسبة لهذه المهام و الطريقة التي ارتأوها صناع القرار في بغداد وهنا ليس القصد بها السيد هوشيار زيباري الذي اثبت نجاحه في مهامه كوزير للخارجية بل القصد من هذا هي الطريقة التي عينهم فيها الحاكم المدني بول بريمر و اياد علاوي وابراهيم الجعفري و المالكي على طريقة المحسوبية (عمك خالك وزوج أمك!!.

إن إسناد المهام واختيار رسل الممثليات يجب أن يكون من قبل مختصين لهم خبرة و اطلاع في هذا المجال وإذا كانوا يريدون أن يعينوا أقربائهم وذويهم فليقوموا بتعيينهم في أحزابهم أو بيوتهم أو شركاتهم أو فنادقهم التي قاموا بشرائها في دول العالم من أموالنا نحن أبناء العراق المنهوب.


بعيدا عن مؤسسات الدولة خصوصا الخارجية و من باب المفارقة أن نجد من يحمل عنوان منصب ملحق ثقافي أن وجد في السفارة وبالمناسبة ( هل يوجد ملحق ثقافي في السفارة العراقية في أستراليا و من هو وهل يعرف معنى النواصب والروافض وما بينهما من التفخيخ والتفخيذ والتسيار والمتعة!! )؟ إضافة قلما وجدنا ملحقاً ثقافياً يلم بعض الشيء بثقافة البلد المضيف ـ ولغته، مكررين أخطاء نظام العفالقة المباد.


وقد تراودنا الدهشة إذ نقرأ في الصحف ومواقع الانترنيت أن هناك سفراء لبلدان أخرى قاموا بتأليف كتبا وبحوثا ودراسات عن البلدان والشعوب وعاداتها وتقالديها فمثلاً لا يوجد سفير أميركي أو بريطاني أو روسي أو فرنسي أو أي سفير غربي واحد لم يترك كتباً في الأسواق الأوربية والعربية عن دولته وجسور العلاقات مع البلدان التي خدم فيها.
فأين هم سفراء وممثلي العراق وما هي مواقع إعرابهم في هذا المجال ؟

ما يميز دبلوماسيينا عن غيرهم من الدبلوماسيين هو ضعف المؤهلات الفعلية وأميتهم في المجال الدبلوماسي وبنفس الوقت هم من حملة الشهادات العلمية العالية مثل الدكتوراه وقد حصل البعض منهم عليها من الدول الاشتراكية السابقة بطرق ملتوية ومنهم من معهد التزوير الشهير ( سوق مريدي )ومنهم من أسواق طهران وقم ومنهم من قدم أطروحة الدكتوراه عن الحوزات فما علاقة الحوزة بالدبلوماسية أيها الشرفاء والمظلومين.

يندر أن تقرأ مقابلة لسفير عراقي في الغرب مع صحيفة بريطانية أو ألمانية أو فرنسية أو أسترالية مرموقة كانت أم من صحف متدنية في الانتشار، ومن شبه المستحيل أن تقرأ مقالا كتبه سفير أو قنصل في صحيفة أو مجلة اختصاص.
بينما ينشر الكثيرون من الأجانب لهم مساهمات علمية و اختصاصية وصحفية في الصحف والمجلات تعجز عنها وزارة الخارجية بمجملها بالرغم من الإمكانيات المادية الكبيرة المسخرة للخارجية وطواقمها.
أليس هذا عمل طبيعي وعادي جداً وواجب مهني؟

هل هذا إنجاز صحفي بارز في الخارج يستحق التطبيل والتزمير والتهليل له؟
ألا يشير مديح ذلك العمل إلى قبول ضمني بالعجز عن تحقيق ما ينجزه الآخرون يومياً بصمت وسهولة؟

كما يقال، فاقد الشيء لا يعطيه، وإذا كان السفير العراقي أو القنصل لا يتمتع بالمعرفة فمن أين له أن يعطيها!؟
وهنا سوف يطرح سؤال آخر نفسه لنا نحن في استراليا وهو من سوف يتم تعينه سفيرا للعراق في استراليا ؟
خصوصا لم يبقى لسفير العراق الأستاذ غانم طه الشبلي وحسب معلوماتنا غير الرسمية إلا اقل من سنة وسيحال على التقاعد.
كيف يرسم البعض صورة السفير الجديدquot; كصانع العجائب في بلاد الغرائبquot;؟
وماذا لو كان معمماَ من خريجي الحوزات وأصحاب الشهادات المزورة أو من أقارب المالكي أو علاوي!.

فإذا حاول أحد الأستراليين مثلا ً الحصول على معلومات عن العراق وعن التجارة والثقافة و السياحة الخ.. من السفارة العراقية في كانبيرا فلن يجد في أحسن الحالات غير أن عليه والبحث والتنقيب عن المعلومات عبر شبكة الانترنيت العنكبوتية، وإذا كان صحفيا ً أو مهتما ً سوف يقولون له حضر وصيتك قبل السفر لانك تعرض نفسك للخطر وبمجرد وصولك إلى بغداد سوف يقوم جماعة إرهابية بخطفك ومن ثم بيعك لجماعة أخرى ومن ثم تنتهي الأمور بك في أيدي جماعة إرهابية من آكلي لحوم البشر ويذبحونك كالخروف من الوريد إلى الوريد.


أما إذا دخل أحد الطلبة الأستراليين إلى الملحق الثقافي سائلا عن مراجع ثقافية وتراثية أو اقتصادية عراقية لرسالة جامعية،فلن يجد هذا الطالب أي ملحق الثقافي ولا أية مواد أو معلومات أو عناوين مفيدة وسيكتفون بالإشارة إلى أن السائل يستطيع البحث في الموضوع في داخل العراق أو دول الجوار!!.


ويتركز اهتمام الكثير من الدبلوماسيين وحتى هذه الساعة على شراء بضائع و ممتلكات وفنادق وشركات ومصالح تجارية للقيادات العراقية الجديدة.

إذ يفشل موظفو السفارات العراقية في الخارج في أداء مهامهم الثقافية والدبلوماسية يصبح لزاماً هنا التذكير أن مبررات عدم وجود إمكانيات مادية هي أكذوبة باتت مكشوفة لدى الجميع وعلى الحكومة العراقية وممثلياتها وسفاراتها وسفرائها الالتزام بمسئولياتهم الأخلاقية و الوطنية.


لقد سئمنا من أكاذيب و وعود واهية لا أساس لها من الحكومة العراقية ونحن نرى ونسمع ونقرا كل يوم عن حجم الفساد والنهب والسرقات ونعلم جيدا ماهي حقوقنا و واجباتنا، و قد ولى زمن الصمت و السكوت، فإذا كنا صامتين.. ساكتين... مقموعين بالأمس... لن نكون هكذا بعد ألان.... سوف نصرخ ونفضح و نلعن وننشر الغسيل أمام الصديق والعدو وليفعل كل من يشاء ما يروق له ودوام الحال من المحال أيها الوطنيين ولكل من يشاء فل يدلو بدلوه، وبالله المستعان.

حسين خوشناو
[email protected]