من المؤسف أن نقرأ ونسمع من السيناتور الامريكى الافريقى الاصل من أب مسلم وأم بيضاء أمريكية مسيحية بأن يميل الى المعجزات أكثر بكثير من أن يميل الى الحق والعدالة التى هى مسلوبة من أهل البلاد الاصليين، وتشردهم فى جميع أصقاع الارض.
وهنا أريد أن أذكر السيد أوباما أننا تعلمنا من تجارب التاريخ، وهى تجارب نقية وصادقة ndash; أن الثورات لا تخطىء لا فى الهدف، ولا فى إختيار الثائرين. وقد كانت الثورات الفلسطينية ومازالت أنبل ثورة عبر التاريخ، وأعظم ثورة، ولكنها كانت أيضا وماتزال أكثر ثورات التاريخ تعقيدا وصعوبة، ولكنها حبلت وولدت الابطال الحقيقيون، والذين نذروا أنفسهم وحياتهم لشعبهم، وحريتهم ووطنهم، وليس خلق معجزة أتت على أنقاض شعب بطل يكافح لاسترجاع ما تبقى من أرضه ووطنه.


على حد علمنا أن السيد أوباما يصلى ويعرف الله تعالى.... وينادى الى إحترام التعاليم المسيحية ndash; والاسلامية واليهودية وفى الوقت نفسه نراه لا يعير قيد أنملة عن الارهاب الاسرائيلى على الشعب الفلسطينى المحاصر، والذى يزيد فى قتل الاطفال، والنساء، والشيوخ والشباب، وهدم البيوت على أصحابها بمبررات تافه، كأمن إسرائيل مبررا ذلك ردا على صوراريخ القسام، وقذف مستعمرة سيدروت والتى ليس لها أى مفعول حقيقى على أمن الدولة المعجزة.


أننا نريد أن نقول للسيناتور الذى يطمح أن يدخل البيت الابيض بدعم اللوبى اليهودى أن الفلسطينى هو أكثر شعوب الارض متمسكا بالدين والتعاليم الدينية السمحاء. وكان حريا بالسيد أوباما أن يرحم هذا الشعب ويقر له بالعدالة التى يستحقها ويرفع عنه الطغيان الاسرائيلى ويرى بأم العين حال المخيمات، والجدار العنصرى الفاصل بدلا من أن يرتدى القبعة الدينية اليهودية، وصلى وتراجع حسب الطقوس اليهودية، أمام حائط البراق quot; حائط المبكى quot; وكأن إسرائيل من طينة بيضاء، والفلسطينيون من طينة سوداء.
إنك يا سيناتور تذكرنى بماقاله من قبلك يوما الرئيس بوش فى أكتوبر 2..5 م إذ قال quot; أننى أشعر الان أن كلمات الله تأتينى وتقول لى أذهب وإنشأ للفلسطينيين دولة، وللاسرائيليين الامن وحقق السلام quot; وأضاف قائلا : quot; أننى أقسم بالله أن أفعل ذلك quot; ولكنه مع الاسف لم يفعل شيئا.


على كل حال الان نحن لا نصدقك بالرغم من تأكيداتك للرئيس محمود عباس بأنك سوف تجلب السلام من أول دقيقة تدخل فيها البيت الابيض، لان عندكم يا أهل الطمع بالكراسى شىء، والفعل شىء أخر. ولو أراد السيد أوباما أن يكون صادقا للسلام لما قال أن إسرائيل معجزة.


قد يكون أن مصالح أوباما كما هى مصالح الولايات المتحدة فى الشرق الاوسط تستلزم إندفاعها نحو حل المشكلة الفلسطينية بما يرضى الشعب الفلسطينى، والعربى، وقد يكون أن حرب العراق قد فتحت عيون المسئولين الامريكيين على أخطائهم وسقوط بوش المروع فى مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، فقرر السيد أوباما أن يتصالح مع المجتمع الدولى، والعربى . فزار الاردن لمدة ساعات، ثم زار الرئيس محمود عباس لمدة أقل من ساعة بدون إعطاء أى وعود للقيادة الفلسطينية، كما هو الحال فى زيارته للدولة المعجزة، والتى أثنى على تصرفاتها بحجة الامن، وإمتدت زيارته حتى أقصى الجنوب ليزور مستعمرة بنيت على أنقاض القرى الفلسطينية.
إن السيناتور أوباما يظن ndash; وبعض الظن إثم، أن كسر شوكة وأنف كبرياء الشعب الفلسطينى سوف يؤدى الى خضوع أبدى لهذا الشعب. فأنه مخطأ تماما.


فعلى السيناتور أن يدرس التاريخ جيدا لانه عند ذلك سوف يعلم أن اليهود بدعم من قوى الغرب كانوا ومازالوا الاقوى ولو لمائة عام أخرى ndash; لكن هذه القوة لم ولن تخضع الشعب الفلسطينى حتى الان الى أى شروط المنتصر الاسرائيلى، بل أن إسرائيل نفسها ليست شرعية بالمعنى الدولى، إلا عندما يتحقق السلام مع الشعب الفلسطينى والدول العربية.
ومادام هذا السلام لم يحصل. فسوف يبقى الشعب الاسرائيلى مثل شعب طروادة، ساحبا سيفه وهاجما بأستمرار، رغم ذلك فسوف يجد بالمقابل شعبا يريد الموت ويفضله عن حياة الذل والقهر.


ومادام السيد أوباما مثل الذى سبقه من أمثال السيد بوش، لا يريد أن يزعج خاطر إسرائيل ويوقف الاستيلاء على الاراضى وتهويد القدس ويوقف المجازر اليومية، فإن جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها الرئاسة التى أستقبلته، ستبقى ممسكة بسلاحها الى أبد الابدين.
ولابد أن نذكر السيد أوباما وغيرهم كما هو الحال مع بوش الصغير وبوش الكبير، وكلنتون وغيرهم من الرؤساء، بأن سلاح الفلسطينيون ليس الصاروخ، أو الكلاشينكوف فقط بل هذا الزخم المدهش من الايمان بأن الموت والشهادة، هما الطريق الى الحرية.
وليعلم السيد أوباما وغيرهم من الرؤساء أن الايمان لا يوجد عند الاسرائيليين، وهذه نقطة ضعفهم الكبرى التى سوف يدفعون ثمنها غاليا طالما أن الحقوق الفلسطينية لم تسترجع.


كما أن على السيد أوباما وغيرهم ممن يطمعون للرئاسة الامريكية أن يضعوا فى أذهانهم، أن صبر الشعب الفلسطينى والعربى له حدود وأننا نقاوم فى أرضنا، ولن تستبعدوا ان يقف الرئيس محمود عباس ويقول لكم ndash; أين وعودكم الكاذبة، وأين رؤياكم للدولة الفلسطينية التى وعدتما بها، والتى لم توفوا بوعودكم، فليس لى إلا الاستقالة والعودة الى الثورة.
فإذا كان السيد أوباما يعتقد أن وجود إسرائيل هى معجزة فنحن ثمن له هذا التعبير حسب مفهومنا، لان ولادة هذه الدولة معجزة بدعمكم المطلق لها، وبدون أخذ أى أعتبار للشعب الفلسطينى المقهور.


واخيرا نقول لكم أيها السيناتور أوباما، كفى مهاترات وتلاعب بحياة هذا الشعب الفلسطينى البطل وأننا وأياكم أمام محنة، وهى أن نكون أو لا نكون، فياليت القيادة الامريكية الجديدة تأخذ دروس من التاريخ وأن يعيدوا الحق الى أصحابه لانكم واهمون إذا أعتقدتم أنكم وإسرائيل سوف تنتصران على أدارة الشعب الفلسطينى. لان هذا الشعب أخذ دروس من الماضى، ولن يتزحزح قيد أنملة عن أرضه وأرض أجداده ونحن وأيامكم والصهاينة، والزمن طويل.

فيصل أبو خضرا