مثل سوري ذات معنى عميق وجميل يقول quot; العرس بالشام والطبل بحرستا quot; و هذا المثل يشبه تعامل إيران مع أولئك الذين نراهم يهتفون بالتضحية دفاعا عن نظام طهران بدعوى أن هذا النظام يتعرض للتهديد بهجوم محتمل من قبل أمريكا وأعوانها و أنهم (المدافعين عن نظام طهران ) سيكونون اليد الإيرانية التي سوف ترد على أمريكا في المنطقة والعالم إذا ما هاجمت إيران. وقد قام النظام الإيراني بالنفخ في هذا الجراب المخروق لإغراض سياسية هدد فيها دول المنطقة قبل غيرها حيث صرح العديد من المسؤولين الإيرانيين quot; أن لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكثير من الأنصار الذين سوف يتحركون داخل الدول العربية إذا ما تعرضت إيران إلى إي هجوم quot;. وقد ذهب بعض هؤلاء المسؤولين الإيرانيين إلى ابعد من ذلك حيث صرحوا علانية بضرب دول الخليج العربي في حال شنت أمريكا هجوما على إيران. ويمكن هنا التذكير بما قاله وزير الدفاع الإيراني السابق و كبير المستشارين العسكريين الحالي للمرشد الأعلى علي خامنئي، الأدميرال علي شمخاني، الذي وجه في 10 يونيو/حزيران العام الماضي تهديدات مباشرة بضرب المنشآت النفطية لدول الخليج العربي، إذا ما هاجمت الولايات المتحدة بلاده،. و كان، غلام رضا حداد عادل، رئيس البرلمان الإيراني السابق قد هدد هو الآخر أثناء زيارته الكويت في10/6/2007 بضرب مناطق في دول الخليج إذا تعرضت إيران إلى ضربة أمريكية. هذا بالإضافة إلى العديد من التهديدات المشابهة التي صدرت عن قادة عسكريين وسياسيين إيرانيين ولكنها مع الأسف لم تلقى أي اعتراض او تنديد من دعاة المدافعين عن الأمة والحقوق العربية وغيرهم من المتسمين بقادة حركات المقاومة الإسلامية الذين تناسوا عروبتهم وانسلخوا عن إسلاميتهم يوم غزت أمريكا وأعوانها العراق واحتلته ولكن ضمائرهم القومية و الدينية صحت فجأة فقد بمجرد أن قالت إيران أنها تتعرض لخطر هجوم أمريكي محتمل فصاروا يعقدون المؤتمرات و يصدرون البيانات ويعلنون التطوع للدفاع عن نظام الملالي. فإيران على عكس ما يتصوره هؤلاء المغفلين فهي يوم بعد آخر تطور من علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية وقد بلغت العلاقات بين البلدين في ظل رئاسة جورج بوش الابن من التطور ما لم تبلغه في المراحل السابقة. فالنظام الإيراني، الذي قطعت واشنطن علاقتها الرسمية معه عام 1980م عقب احتلال السفارة الأمريكية في طهران من قبل جماعة اللجان الثورية واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكان رهائن لمدة 444، بقي محافظا على اتصاله بواشنطن عبر مكتب رعاية المصالح الإيرانية الذي يقوم بمهام السفارة وقد تحاش نظام الملالي طوال هذه السنين التطرق لهذا الموضوع ولم ترد في إعلامه او تصريحات مسؤولية أي إشارة إلى هذا المكتب الذي يجهل الكثير من أنصار الملالي وجوده.
لقد أبدت إيران كامل تأييدها ودعمها للحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق و ما كانت واشنطن تستطيع أن تحقق ما وصلت إليه لولا الدعم الإيراني الذي لم يكتمه ملالي طهران وكثيرا ما تباهوا به علانية. فقد أعقب احتلال أفغانستان وسقوط حكومة طالبان تصرح لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي ومن على منبر صلاة الجمعة في جامعة طهران قال فيه quot; أن الفضل يعود لإيران في إنجاح مؤتمر برلين الذي عقدته أمريكا لقوات تحالف الشمال التي كانت تقاتل حركة طالبان حيث كان عقد هذا المؤتمر مقدمة لشن الحرب والإطاحة بطالبانquot;.
كما أن محمد علي ابطحي quot; نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي quot; قد تفاخر هو الآخر ومن خلال قناة الجزيرة بمشاركة بلاده للولايات المتحدة الأمريكية في إسقاط حكومة طالبان.
وقد ازداد هذا التعاون بين الطرفين أثناء غزو العراق حيث كانت إيران منذ البداية شريك رئيسي في الغزو الأمريكية وإزاحة حكم البعث عن السلطة. وقد تجلا هذا التعاون واضحا في أيام الحرب وبعدها حيث تعتبر التنظيمات الطائفية في العراق والموالية لإيران هي اليوم أداة أمريكا وحليفتها الرئيسية والحكومة العراقية الحالية تعد من أكثر الأطراف السياسية العراقية موالاة لأمريكا وإيران على حد سواء. وعلى الرغم من تبعيتها المطلقة للإدارة الأمريكية فقد وصف قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء جعفري يوم السبت الماضي هذه الحكومة بالقول quot; إن مجيء الحكومة العراقية الحالية كان أشبه إلي المعجزة لأنه لا سابق لها في التاريخ quot;. وهذا الكلام فيه رضا إيرانيا واضحا على تبعية الحكومة العراقية للإدارة الأمريكية. فماذا يقول المتحمسين لمحاربة أمريكا نيابة عن إيران بذلك؟.
وعلى صعيد التقارب الإيراني الأمريكي فقد شهدت الصادرات التجارية الأمريكية لإيران في السنوات الثمانية الأخيرة طفرة هائلة لم يسبق لها مثيل خلال المرحلة التي أعقبة الثورة الإيرانية. فقد تضاعف حجم الصادرات الأمريكية لإيران عشرة مرات عما كان عليه قبل مجيء إدارة بوش الابن. وذلك بحسب تقرير صحيفة quot; واشنطن تايمز quot; الذي أكد أن هذه الزيادة في الصادرات بلغت 158 مليون دولار سنويا. رافعة حجم مجمل الصادرات الأمريكية لإيران إلى 5 مليارات و546مليون دولار.
ولمزيد من التقارب بين البلدين فقد وجهت وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية مؤخرا دعوة لفرقة موسيقية أمريكية للعزف في إيران. وقالت الوزرة أن فرقة quot; دبو quot; الموسيقية متخصصة في عزف الألحان والأناشيد الإسلامية وأنها دعيت للعزف بمناسبة ذكرى المبعث النبوي الشريف وهي المرة الأولى التي تدعى فيها فرقة موسيقية أمريكية لإيران.
وفي مقابل هذه الخطوة فقد أعلنت الخارجية الأمريكية عن رعايتها لمباريات يلعبها فريق كرة سلة إيراني في عدد من الولايات الأمريكية.
وفي خطوة تعد الأهم من ذلك كله ما أعلنته وكالة انترفاكس الروسية قبل أيام والتي أكدت مشاركة إيران وأمريكا في مناورات عسكرية في قرقزيسستان وهذه المرة الأولى التي تجري فيها مناورات مشتركة بين البلدين.
فبحسب وكالة انترفاكس الروسية أن المناورات ابتدأت يوم 18 الشهر الجاري وانتهت في 24 منه. ويشارك في هذه المناورات إلى جانب أمريكا و إيران كل من باكستان وأفغانستان و طاجيكستان و قرقزيسستان.
هذا ناهيك عن تصريحات المجاملة التي أطلقها الرئيس الإيراني والتي كال فيها المدح والثناء على وكيل وزارة الخارجية الأمريكية quot; وليام برنزquot; الذي شارك في محادثات جنيف التي جرت مؤخرا بين إيران و الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائدا ألمانيا.
أما تصريحات نائب الرئيس الإيراني quot; رحيم مشائيquot; الذي قال فيها quot;إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي quot; فهي واضحة و لا تحتاج إلى تفسير او تأويل و تحمل معنا واضحا وتوقيتها يدل على أنها مقصودة كونها جاءت متناغمة مع تصريحات المسؤولين السوريين الأخيرة بشأن العلاقات مع إسرائيل.
و بعد كل هذا مازال المنخدعين بالشعارات الإيرانية يرقصون على الطبل في حرستا فيما العرس قائم بالشام. ومابين الشام ( مدينة دمشق ) و حرستا مسافة.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي