محمود عبد الرحيم من القاهرة:ربما يكون فيلم quot; لحظات انوثة quot; واحدا من احدث الافلام المصرية الموجودة في دور العرض، لكن اقل ما يقال عنه انه تجربة فاشلة لا تستحق الالتفات واضاعة الوقت في مشاهدتها، لاكثر من سبب موضوعي اهمها انه يعيدنا الى حقبة quot;افلام المقاولات quot; التي يجري انتاجها، من قبل من لا علاقة لهم بمهنة الانتاج السينمائي، بميزانية محدودة من اجل تصديرها في الاساس للفضائيات لملء ساعات البث الطويلة مقابل الملايين، بصرف النظر عن الجودة الفنية، والاهم من ذلك غياب ابسط القواعد الفنية سواء على مستوى السيناريو او الاخراج او حتى التمثيل، فالسيناريو يبدو مهلهلا وممطوطا والربط بين احداثه وابطالها متعسف وغير مقنع، والاخراج يبدو بلا رؤية وبلا وعي بتقنيات صناعة فيلم ذي قيمة حقيقية ولو كانت قيمة الترفيه بينما الاداء التمثيلي يبدو باردا ومفتعلا وخاليا من الاقناع من قبل جميع الممثلين سواء الوجوه الجديدة او حتى من لهم خبرات سابقة كجومانا مراد وعلا غانم وحسين الامام وابراهيم يسري.

من فيلم لحظات انوثة

ولا يجب ان ننسي المونتاج السيئ الذي اشعرنا بالملل من طول المشاهد وعدم القدرة على الانتقال السلس من حالة لحالة، مع عدم القدرة، كذلك،على التقطيع الجيد اللهم الا باسلوب quot; الفيديو كليب quot; حيث جري بكثرة استهلاك الوقت باكثر من اغنية على خلفية من المشاهد المكررة التي لا تحوي اي معني، ولا غرض منها الا المط والتطويل.
وعندما تبحث عن الازمة او الصراع الذي يخلق الحالة الدرامية لا تجد صراعا حقيقيا، ما اوجد بناء دراميا هشا يجعلك تتساءل أي فيلم هذا واي سيناريست واي مخرج اللذين اقدما على هذه التجربة غير المأسوف عليها.
فالبطلة جومانا مراد او منى حسب اسمها في الفيلم، أزمتها مع زوجها اقل ما توصف به انها تافهة.. او بالاحري لا ازمة، فقد رزقها الله بزوج محب ومخلص لكنها تشك فيه بلا سبب وتشعر بالملل من حياتها الزوجية بلا سبب، وتقرر ان تأخذ اجازة زوجية بلا سبب، ثم تبدأ في التنكيد على زوجها الي درجة طلب الخلع بلا سبب، وفي المقابل نجد الزوج ابراهيم يسري مستسلما، ولا يبدي أي رد فعل تجاه حماقاتها الا مرة واحدة حين يقرر، عقب تركها المنزل، اتخاذ اجراء قانوني ضدها quot; طلب الطاعة quot;، ثم فجأة تتلاشى لحظة الصراع غير المقنعة بلا سبب كذلك بعودته الي استرضائها بكافة الوسائل، الي جانب استعادتها اصدقاء الجامعة كلهم بسهولة بعد سنوات من التخرج، بما في ذلك حبيب الماضي الذي تتعامل معه بعادية، وتشجع صديقتها على الزواج به، على النحو الذي اضاع حالة درامية رائعة كانت يمكن ان تضيف للفيلم كأن يظهر حبيب الماضي فجأة فينشأ الصراع بينها وبين زوجها وبينها وبين صديقتها لهذا السبب، لكن ذلك، بالطبع، لم يحدث.
وصديقة البطلة علا غانم او سلمي الموظفة بشركة دعاية مشكلتها تبدو quot; عويصة جدا quot; فهي تحب رجلا متزوجا ولديه عائلة وتتقبله هكذا وتوافق على الزواج السري به، ثم فجأة تكتشف انه مازال مهتما بشؤون اسرته ولا يرغب في هدم بيته فتطلب الطلاق، وتركز في استغلال انوثتها مع زملائها ومديرها للوصول الى منصب رفيع بالشركة.
اما صديقة البطلة الثالثة اجفان quot; اميرة quot; صاحبة استديو تصوير، فارملة شابة يحبها جار لها في العمل وبعد ان تسمح لنفسها بالخروج معه لمجرد ان طلب منها ذلك في اول لقاء، فجأة هذه المرأة المتحررة تنقلب الي تقليدية تطالبه بالارتباط الرسمي خوفا من quot; كلام الناس quot;، الادهى من ذلك انها تناصبه العداء حين تكتشف انه كان يراهن عليها شلته على غرار الافلام المصرية القديمة، تحديدا فيلم صباح وعبد الحليم حافظ، ولا تقبل منه أي عذر او تبرير بل توافق على الارتباط باخي الزوج الذي تكرهه،ومن دون مقدمات ينقلب الحال مرة اخرى وتعود الي حبيبها الذي لحق بها قبل ان تستقل الطائرة وتغادر مع ابنها.
المضحك، انها ارملة وتستعد للزواج الثاني بينما هي في الواقع حامل، الامر الذي يبدو ان المخرج لم يتعرف إليه.
اما صديقة البطلة الثالثة ميرا quot; ليال quot; المطربة،فتكتشف فجأة وهي تقلب في مذكرات صديقتها انها كانت على علاقة اثناء الجامعة بخطيبها فتقرر انهاء الزواج قبل ساعات من حفل الزفاف.
وبدل من أن تنهار، رغم ان الامر لايستدعي ذلك، لان ما حدث كان في الماضي، تقوم صديقتها منى بالانهيار بدلا منها وتصاب بانهيار عصبي، ثم تسعى وهي على سرير المرض ان تعيد الخطيب الي خطيبته، فاي سذاجة تلك التي حواها هذا الفيلم.
فالافتعال هو سيد الموقف بدءا من اول مشهد الى اخر مشهد ولم يضف للعمل أو حتي ينقذه من عثراته اللجوء الى الغناء وإقحامه على مشاهد الفيلم بما في ذلك الاغنية التي قدمها المطرب ايهاب توفيق في نهاية الفيلم دون ان يكون ثمة صلة لظهوره وغنائه بسياق الفيلم، ان كان، اصلا، يوجد سياق.

من الفيلم
و حتى اضافة مواقف ساخرة لم ترق الى المستوى المطلوب لخلق حالة كوميدية، فالسذاجة والبرود في اداء حسين الامام ولجوئه الى تقليد ابو لمعة بحكي حواديت كاذبة مليئة بالمبالغات، لم يقنع الجمهور بان ثمة ما يستدعي الضحك والبهجة.
ولم يكن الامام وحده صاحب الاداء البارد المفتعل بل كانت جومانا مراد المتربعة على عرش برودة الاداء غير مدركة لحساسية الكاميرا السينمائية مقارنة بكاميرات الفيديو
وتلاها علا غانم، بينما لم نشعر لابحرارة ولا برودة أي ممثل او ممثلة اخرى، لانهم لم يكن لهم اثر لا سلبي ولا ايجابي، مجرد تماثيل خشبية تتحرك بلا روح.
وان كانت مسؤولية الاداء يتحملها الممثلون في الاساس، فالمخرج مؤنس الشوربجي شريك اساسي في هذا المستوي الرديء من الاداء، علاوة على مسؤوليته على الايقاع العام للفيلم، وضعف مستوي المونتاج، ولا ابالغ ان قلت عن السيناريو الذي كتبه هاني عيسي واختيار طاقم الفنانين والفنيين، فهو سيد العمل والمايسترو الذي يحمل الفيلم اسمه وعليه ان يتحمل الثناء او طلقات الرصاص ان جاز التعبير. ولا يشفع له التعلل بتدخلات المنتج quot; الماكيير quot; محمد عشوب، لانه لو كان واثقا من نفسه ومدركا للمسؤولية التي على عاتقه، لوقف في وجهه حتي يخرج عملا جديرا بالتقدير، او ينسحب في هدوء دون ان يرتكب جريمة فنية ستظل تلاحقه طوال عمره الفني ان قدر له الاستمرار.

[email protected]