كامل الشيرازي من الجزائر: آثرت الدورة الثالثة لمهرجان quot;السينما المغاربيةquot; المنظمة حاليًا بضاحية سان دوني الباريسية، رصد أسئلة المنفى والهجرة والذاكرة، وشهدت التظاهرة المختصة بـquot;سينما الضواحيquot; عرض تسعة أفلام من الجزائر وتونس والمغرب، على غرار فيلم quot;الحطابquot; للمخرج الجزائري الراحل محمد بوعماري، وفيلم quot;نفاياتquot; للتونسي لطفي عاشور وquot;مانكانquot; وquot;آخر الشهرquot; وquot;سارةquot; للمغاربة quot;بوسلهام ضعيفquot; وquot;محمد مفتكرquot; وquot;خديجة ليكليرquot; على التوالي.

وتركزت عموم المواضيع الفيلمية على وقائعية المنافي وأحلام الأوطان البعيدة، بجانب محاولة مخرجين تتبع تحولات المجتمعات المغاربية أثناء فترات احتلالها من طرف فرنسا وبعد استقلالها، بهذا الشأن، افتتح المهرجان بعرض فيلم quot;الحطابquot; لـquot;محمد بوعماريquot; الذي رحل قبل سنتين، ورأى المنظمون أنّ الفيلم المذكور يمثل قيمة موضوعاتية بارزة في سماء السينما الجزائرية، من حيث أنّ انتاجه مطلع سبعينيات القرن الماضي، شكّل في حينه مؤشرًا على ولادة ما عُرف لاحقًا بـquot;سينما الضواحيquot;، من خلال تطرق quot;الحطابquot; إلى نسقية العالم الريفي وموجة التصنيع الذي صنع طبقية اجتماعية أسهمت في تكريس الفروق والدفع بالمعذبين في الأرض إلى الهجرة بكثافة إلى عاصمة الجن والملائكة منذ أربعة عقود.

ويُرتقب أن يتمتع متتبعو مهرجان quot;السينما المغاربيةquot; بجديد خاص من خلال فيلم quot;سفر نادياquot; لكارمين غارسيا وناديا زاوي، quot;طنجة حلم الحراقةquot; لليلى كيلاني، فضلاً عن quot;أمينة أو اختلاط المشاعرquot; لـquot;لوريت أرزقيquot; وquot;الجانب الآخرquot; لـquot;فلورنس نعيمة بينواquot;، ناهيك عن فيلم quot;أرزقي المتمردquot; للمخرج الجزائري جمال بن ددوش، الذي يتناول مرحلة غير معروفة في منطقة القبائل الجزائرية بحر القرن التاسع عشر، وهو ما يُعنى أيضًا بإظهاره المخرج quot;بوعلام غيرجوquot; في quot;العيش في الجنةquot; وquot;ميمزانquot; لعلي موسوي، حيث يصور الأول سيرة أحد المغتربين الجزائريين العاملين في قطاع البناء، ومعاناته المزمنة من بعبع الوحدة ، بينما ارتضى الثاني رواية إحدى الحكايا الأمازيغية في قالب نوستالجي، في حين فضّل التونسي quot;المنصف ذويبquot; نمطا كوميديا في quot;التلفزة جايةquot;.

وسيتوالى عرض أفلام quot;الآن الأحدquot; للمخرجة الجزائرية المغتربة يمينة بن قيقي، وquot;شاشة الخريفquot; لعلاء الدين سليم، وquot;3 سويتاتquot; لخالد بن غريب، إضافة إلى أفلام وثائقية على غرار quot;بجانب بيتناquot; لـquot;رحمة بن حمو مدنيquot; التي تقترح مقاربة لأوضاع مواطنيها في فرنسا وتسعى لاستطلاع بقايا ذاكرة بلادها، تمامًا مثل فيلم المغربية فريدة بليزيد quot;كازانايداquot; الذي ينطرح فيه الهاجس الثقافي، والسعي الشبابي لتحريكه وتخليصه من الشوائب والطابوهات، وعلى المنوال ذاته نسجت quot;دليلة النادرquot; في فيلمها quot;أريد أن أحكي لكمquot; الذي يعالج المسكوت عنه في مسألة الحقوق النسائية في المغرب، وارتهانها بسطوة التقاليد.

وصار مهرجان quot;السينما المغاربيةquot; بسان دوني، محطة سنوية مهمة في عيون عشاق الفن السابع، من حيث نهوضه بتعريف المهاجرين وأبنائهم من الجيل الرابع، وكذا الفرنسيين بسينما الضواحي، ويواكب محفل هذا العام نحو خمسة آلاف شخص، ولا تقتصر التظاهرة على العروض فحسب، بل تعنى أيضًا بإقامة ورش وندوات حول السينما والمجتمع في المنطقة المغاربية، بجانب تسليطها الضوء على مسارات وأشخاص مخرجين وممثلين مغاربيين بارزين، كما يهتم المهرجان في طبعته الحالية بصناعة الفيلم القصير التي تنامت على نحو لافت في المغرب العربي في السنوات الخمس الأخيرة.