كامل الشيرازي من الجزائر:بعد طول انتظار وترقب، عُرض الفيلم السينمائي الجزائري quot;الأغنية الأخيرة'' لمخرجه مسعود العايب، على الجمهور المحلي، بيد أنّ الحفاوة الكبيرة التي احتضن بها عشاق الفن السابع الفيلم أثناء فترة إعداده سرعان ما انقلبت إلى كابوس مباشرة بعد انتهاء العرض الشرفي الأول، حيث أجمع أكثر من متتبع وناقد على عدم ارتقاء العمل إلى مستوى التطلعات.
الفيلم يحكي قصة أمير أغنية الراي الجزائري quot;الشاب حسنيquot; (اسمه الحقيقي حسني شقرون) أو كما يحلو لعشاقه تلقيبه بـquot;ملك الأغنية العاطفيةquot; الذي رحل عن هذا العام في 29 سبتمبر/أيلول 1994، عندما اغتاله مسلحون مجهولون في ضواحي مسقط رأسه مدينة وهران (450 كلم غرب العاصمة)، وظلت حياة الشاب حسني المثيرة بالأحداث والمنعطفات والحافلة بأكثر من 850 أغنية، تستقطب اهتمام عموم المنتجين والمخرجين على مدار السنوات المنقضية، إلى أن قام المخرج الجزائري البارز quot;مسعود العايبquot; بتجسيد الفكرة وتصوير الفيلم الذي حاول تسليط الضوء على مسار الشاب حسني الذي مات عن عمر لم يتجاوز الـ26.

من فيلم الأغنية الأخيرة

ارتضى فيلم ''الأغنية الأخيرة'' (90 دقيقة) التعاطي مع قصة الشاب حسني وفق نمط توثيقي على طريقة quot;حكي السيرة الذاتيةquot;، وهو ما جعل العمل يقتصر على مجرد سرد متتابع لمختلف الأشواط التي قطعها المطرب الجزائري الراحل، حيث سعى المخرج جاهدا للتركيز على الجانب الحميمي في شخصية المرحوم ومحيطه الاجتماعي، من خلال التسلل إلى عمق الحي الشعبي quot;قامبيطاquot; الذي نشأ فيه حسني، والظروف المزرية التي واكبت صعوده في عالم الغناء من خلال الحالة المعيشية الصعبة لعائلته وارتجاله الغناء في جيتوهات مدينته الأمّ، وناهيك عن مراهقته حينما لعب لنادي quot;جمعية وهرانquot; لكرة القدم، وصولا إلى بلوغه أوج الشهرة وتعرفه بـquot;فتيحةquot; التي ارتبط بها لاحقا، ليدشنا حياة زوجية مضطربة تبعا للخلافات التي نشأت بين حسني وشريكة حياته، لينتهي الفيلم بحادثة اغتيال حسني في يوم خريفي بارد قبل أربع عشرة سنة.
هذا العرض الذي تضمن 17 أغنية لحسني، أورث خيبة أمل كبيرة لاسيما بين معاصري المرحوم ومقربيه، حيث اتهموا طاقم الفيلم بإنجاز شريط وثائقي خيالي مغاير لما طبع حياة ملك الأغنية العاطفية، بينما لم يستسغ النقاد الخطة العامة للفيلم وسقوط خط الفعل المتصل في كليشيهات جاهزة، تبعا لعدم خروج العمل من مثلث الملهى والأستديو والشاطئ، ما طبع شخصية المرحوم بالهُزال والإمعية، كما أعاب الناقد quot;بوجمعة بن عميروشquot; افتقاد الفيلم إلى منطقية الأفعال، فضلا عن عدم إبداع مسعود العايب إخراجيا، واكتفائه بقوالب شكلانية زادها ضعف السيناريو ضياعا، بما جعل روح الفيلم بعيدة من بلورة ماضي فنان سحر قلوب الملايين من مواطنيه في سنوات قلائل.

ملصق الفيلم
ردا على هذه الملاحظات، صرّح المخرج مسعود العايب أنّ كثيرا من المشاكل الكثيرة والمعقدة واجهته وكادت تدفعه إلى رمي المنشفة، بينها مشكلة التمويل وإيجاد الكادر التمثيلي الملائم، كما أشار المخرج إلى تركيزه على الحياة الفنية والعاطفية للمرحوم، إضافة إلى إبراز إنسانية حسني.
وصاحب انتاج الفيلم quot;حرب كلاميةquot; لم تهدأ بين الجهة المنتجة وأرملة حسني، على خلفية تحفظ الأخيرة على بعض ما ورد في الفيلم، بينما يتحدث المنتج والمخرج على خلاف حول نسبة الأرباح التي ستجنيها عائلة المرحوم واحتمال نشوب معركة قضائية بين الطرفين، مع الإشارة إلى أنّ الفيلم اعتمد على ممثلين شباب على غرار البطل الرئيسquot;فريد رحالquot; الذي يجمعه شبه كبير بالمرحوم حسني، سارة رزيقة، كواكي ميمون، بوشارب فوزية، وقصراوي كريم، علما أنّ المخرج استعان بوالدة وشقيق المرحوم لأداء دورين واقعيين.