حاوره عبد الجبار العتابي من بغداد:يعد المخرج السينمائي العراقي عبد الهادي مبارك من الجيل الذي خاض تجربة السينما وما زال يشعر بحماس لها ، ما زال يحمل طموحاته على عاتقه ويتأمل في أن تتحرك عجلة السينما العراقية ، ما زال لديه الحل لاعادة الانتاج ، فهو ينظر الى شركة بابل للانتاج السينمائي والتلفزيوني على انها المنقذ الوحيد للنهوض الواقع السينمائي ، فهي قادرة على ان تنهض اذا ما اخذ الفنانون بيدها واعدوا لها هيبتها ، عبد الهادي مبارك .. ها هو الان يقف حاملاً سيناريو فيلم جديد ويجوب به الامكنة بحثًا عن تمويل ، يطرق الابواب ولا مبستم له ، فالعبوس يرتسم على محيا كل من يطرح عليه الفكرة ، والسبب هو ان السينما العراقية ليست لها من يحميها ، مع مبارك .. كان لنا هذا الحزار الذي قال فيه كل ما غب نفسه.
* لنسألك اولا : ما جديدك ؟
- فيلم روائي يحمل عنوان (العراقي) مقتبس من الواقع والحقيقة ، انا كتبت له السيناريو عن احداث حقيقية قام شابان عراقيان لانقاذ حالة معينة ، يمنعان تهريبمايخص تراث الوطن وتاريخه ، تدور احداثه في بغداد عن عصابة مؤلفة من شخصيات تنتمي لدول عربية واجنبية ، وتتمكن هذه العصابة من تحقيق النجاح الذي كانت تسعى اليه وهو في حالة خروج هذا الشيء من العراق تكون العصابة قد حصلت على ملايين الدولارات ، وقام شابان عراقيان مؤمنان بوطنهما بالانضمام الى العصابة على اساس انهم تجار ممنوعات ايضا ، القصة حقيقية وقد إلتقيت هذين الشابين شخصيًا ، الفيلم فيه حب واثارة وغناء ورقص وهو من نوع (الاكشن) والمغامرات .

المخرج العراقي عبد الهادي مبارك

* واين وصلت مراحل الاعداد لاخراجه ؟
- السيناريو جاهز ، وبالامكان البدء بالتصوير على الطريقة السينمائية الجديدة ، نصوره على الفيديو ومن ثم ننقله الى الفيلم السينمائي وهذا يوفر لنا 40 % من الكلف ، وانا الان في حيرة من امري لأنني بحاجة الى ممول ، الى ما لا يقل عن 150 الف دولار .
* ألم تحاول مع دائرة السينما والسرح ؟
- لم اطرق باب الدائرة لانها الى الان تعيش على التمويل الثاني ، وحقيقة انا لا استطيع ان انفرد واعالج العملية الاخراجية والانتاجية وليس لدي اموال .
* ما الذي تفعله حاليا اذن ؟
- اجوب الامكنة التي من الممكن ان تنتج لي آمل ان احصل من احدى المؤسسات على ما يمكنني من تنفيذ هذا الفيلم الذي اعتقد انه سيكسب عطف العراقيين لموضوعيته وعلاقاته الانسانية .
* حاول ان تجد ضالتك في وزارة الثقافة ؟
- سبق لي ان التقيت الاستاذ طاهر وكيل وزارة الثقافة ، وشرحت له حكايتي مع هذا الفيلم فعاضدني وطلب مني ان اكمل المشروع مع دائرة السينما والمسرح ، ولكنني توقفت لان الدائرة ليس لديها امكانات لانها كما قلت تحت نظام التمويل الثاني .
* ان لم تجد ممولاً ما الذي تفعله ؟
- المخرج الوحيد ان يقوم احد المصارف بأقراضنا المبلغ بموافقة وزارة المالية لان هذا النوع من الاعمال السينمائية يلاقي صدى طيبا لا سيما ان الدولة حاليا تحاول ان توفق ما بين الاطياف العراقية عن طريق لفت نظر المواطن العراقي الى بلاده والتعامل بأخوة .
* ما اخر الافلام التي اخرجتها للسينما العراقية ؟
- هو فيلم (الحب كان السبب) اخرجته عام 1989 ، وهو الروائي الثالث لي بعد فيلم (عروس الفرات) عام 1956 ، وفيلم (بديعة) عام 1987 .
* اين يكمن الخلل الحقيقي في السينما العراقية المتوفقة عن الانتاج حاليا ؟
- الخلل يكمن في ان شركة (بابل) حينما تأسست تقرر ان تنشأ لتصنع اعمالا سينمائية وتلفزيونية ، وانا كنت احد المجتمعين في اقرارها مرتين ، ولكن الذي حصل ان شركة بابل تولتها ايادي المدراء المفوضين الذين قامت بنفيهم وزارة الثقافة الى الشركة ، ولذلك انهارت الشركة وهي الان في ايدي مجلس الادارة المكون من ممثلي الشركات المؤسسة لشركة بابل وبعض تجار الاسهم من القطاع الخاص وهم لايفقهون شيئًا في الصناعة السينمائية او التلفزيونية .
* سبق لك ان اصبحت رئيسًا للشركة وماذا فعلت لها ؟
- انتخبتني الهيئة الادارية رئيسا لها ، فإشتريت للشركة دار سينما (غرناطة) ، وكان بإمكاني شراؤها لشركتي المكونة من اخوتي ، ولكنني لن اقدم على ذلك لانني رئيس مجلس شركة بابل للانتاج ، وهذه الدار ما زالت تعطي رزقًا قدره اكثر من (48) مليون دينار سنويًا حاليًا، على الرغم من كونها كسينما قد اغلقت ، ولكننب اقصد المحال التجارية التابعة لها .
* اين تذهب هذه المبالغ ؟
- لا ادري اين تذهب حقيقة حين يتقاضاها المتولون الشرعيون على واردات الشركة وسينما غرناطة ، وليست لهم اعمال او اي انتاج سينمائي او تلفزيوني وليست لديهم اي رغبة ، ولكن اعلم ان لهم رغبة في ان يبيعوا دار سينما غرناطة والاجهزة الموجودة والمعدات ، لانها حين تباع حسب رأيهم سيرتفع سعر السهم الواحد من دينارين و(350) فلسًا او قد يكون اقل ، الى (150) الف دينار ، لان الحوانيت (المحال التجارية) هي المركز المغذي لـ (48) مليون دينار.
* الم تزل مساهما في الشركة؟
- لا زلت مساهما ولكن لما علمت ان المدراء المفوضين يبيعون بمعدات الشركة ويدفعون رواتب الموظفين بعت اسهمي واحتفظت بجزء يسير فقط (64) الف سهم .
* ما الحل برأيك لانقاذ شركة بابل واعادتها الى الانتاج ؟
- الحل الوحيد لانقاذها موجود في قانون الشركة المرقم (34) حيث الفقرة الثانية من المادة(9) اوصت ان تكون الشركة للفنانين واعطت لوزير الثقافة حرية بيع الاسهم بالآجل لغرض نمو الشركة .
* اين المعضلة في السينما العراقية ؟
- في انها ليست لها من يحميها من الركود الا الفنانون الفقراء ، فالشركة الان بأمكانها انتاج فيلمين سنويا ، وبأمكانها ان تسد الكلفة ، ففي ايام توليتي لرئاسة مجلس شركة بابل فعلتها فأنتجنا الكاسيت الصوتي وجلبت لها ارباحا نحو (180) مليون دينار عام 1993 ، الخلل العام والمضلة ينبعان من عدم اهتمام الدولة ومسؤوليها للحركة الفنية سواء السينمائية ام التلفزيونية .
* ما العلاج اذن ؟
- ان تؤلف هيئة من الفنانين المتقاعدين الذين لهم القدرة على اعادة هيكل شركة بابل وادارتها وشراء كل اسهم القطاع الخاص الذي هو الان مثل الخاسر ، حيث اشترى الاسهم ايام كانت الشركة تنمو بـ (12) الف دينار للسهم الواحد ، وحرام ان يخسروا ، لان رغبتهم في شراء الاسهم انما جاءت من الربح عندما وزعنا ارباحًا 100% من رأس النال ولكن فيما بعد ترهلت الشركة وتوقفت عن الانتاج والعمل كما هي الان ؟
* شارك العديد من المخرجين العراقيين الشباب بمهرجانات عربية ومنها مهرجان الخليج وحققوا نتائج جيدة ، ما الذي يمثله برأيك هذا ؟
- هؤلاء شباب متحمسون ويعشقون السينما ويبذلون جهودًا فردية ويعانون الكثير ، ولا اعتقد ان هنالك صدى عند المسؤولين لما يقدمونه ، في الخليج الان سينما وتلفزيون جيدان لان الدول تشتري من المنتجين اعمالهم على عكس ما يحدث عندنا ، حيث الدولة لا تنتج لانها لا تحب الفن ولا ترتاح للعملية الفنية كما يبدو .
* من قال لك هذا ؟
- انا احس ذلك من خلال عمري الذي امضيته ، سواء خلال النظام السابق وخلال هذه المدة ، حيث لم يلتفت احد الى الفنانين ، انا مخرج سينمائي ورائد عربي برعاية جامعة الدول العربية ورائد عراقي برعاية وزارة الثقافة ، اما كان بالامكان ان يتحرك بعض المسؤولين اذا كان هناك جهد للعملية الفنية ، ان يستعان بي وزملائي الفنانين لكي نجد الكيفية التي ننتج فيها الاعمال الفنية لكي تستعيد السينما نشاطها ، السينما العراقية بلا اهتمام .
* ما الذي من الممكن ان تقوله عن السينما بعد هذه التجارب معها؟

- السينما كما اراها انا ، انها عملية الفكر البلاغي ، السينما تريك العالم بساعة ونص وتطلع من خلالها على جوانب ذلك العالم ، السينما صناعة البلاغة متى ما اعتمدت الدولة على العمل السينمائي تكون قد أمسكت خيط الثقافة ورعته .