محنة يهود العراق بين الأسر الجائر والتهجير القسري الغادر
لا شك أنّ أمامنا بحث شامل وحياديّ قلما نجد نظيراً له عند الباحثين أو المؤلفين العرب في هذا الموضوع. وكثيراً ما تََمْنعُ هؤلاء الكُتّاب والباحثين ميولهم ومواقفهم السياسيّة وأحياناً القوميّة والدينيّة من النطق بالحقائق كما هي. فمنهم من يتجاهل الأحداث ويمتنع عن ذكرها ومنهم من يشوّه الحقائق. فها هو توفيق السويدي، الذي شغل منصب رئيس الحكومة العراقيّة إبّان النظام الملكي، ذكر في كتابه مذكراتي، الذي يقع في 640 صفحة، سيرته الذاتيّة والأحداث والمواقف السياسيّة التي كان له ضلع فيها على مدى نصف قرن من الزمن ولكنّه تغاضى أو تجاهل ما قامت به وزارته التي أصدرت قانون إسقاط الجنسيّة العراقيّة عن المواطنين اليهود في العراق والذي نزح بموجبه إلى إسرائيل ما يقارب ربع أهالي العاصمة العراقيّة بغداد، ولم ينطق ببنت شفة عن أثر هذا الإجراء الخطير الذي خسر العراق من جرّائه قوة بشريّة فعّالة كانت في مقدّمة المثقّفين والتجّار في العراق والذي عزّز إسرائيل بقوّة بشريّة كانت بأمسِّ الحاجة إليها عسكريّاً واقتصادياً.
وها هو حنّا بطاطو في كتابه The Old Social Classes and The Revolutionary Movements of Iraq يرمي الشك في إخلاص الذين انتسبوا إلى الحزب الشيوعي العراقي من اليهود الذين عُلِّقوا على أعواد المشانق. ففي صفحة رقم 543 من كتابه هذا يتساءل: هل كانت دوافع يهودا صدّيق الذي اُعدم مع زعماء الحزب الشيوعي في شهر فبراير من عام 1949، صهيونية؟. وعندما يأْتي إلى ذكر أسماء هؤلاء الزعماء في الصحيفة رقم 568، يقول إنّ زعيم الحزب يوسف سلمان فهد عُلِّق في الكرخ في ساحةٍ تقع أمام المتحف اليوم وزكي محمّد باسم عُلِّق في الباب الشرقي ومحمّد حسين الشبيبي في باب المعظّم ولكنّه يتناسى أن مع هؤلاء أُعدم رفيقهم يهودا صدّيق وعُلِّقت جثّتهه في باب الشيخ.
ومن الجدير بالذكر هنا أنّ الأربعة انتسبوا إلى ديانات ومذاهب مختلفة، فكان المسيحيِّ فهد والمسلم السنيّ باسم والشيعي الشبيبي واليهودي صديق. وبهذا أرادت الحكومة أن يكون إرهابها للشيوعيين كاملاًً ويشمل جميع فئات السكان من كلِّ الأديان والطوائف؟
ثم يعود بطاطو ويتساءل في الصحيفة رقم 571 حول دوافع ساسون شلومو دلاّل الذي أعدم هو الآخر عام 1949 ويقول: ربما كانت دوافعه صهيونيّة، ويربط هذا التساؤل بحجّة سخيفة وهي كون فترة زعامة دلاّل للحزب تزامنت مع الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي في 22 من ديسمبر عام 1949 على الجيش المصري في النقب.
وهنا أيضاً لم يذكر بطاطو أن ساسون شلومو دلاّل كان قد اُعدِم ويكتفي في ذكر إعدامه وإعدام يهودا في ملاحظات هامشيّة ضمن جداول تقع بعيدة عن الصفحات التي سرد لنا فيها صلب الأحداث المتعلِّقة بهما.
أمّا مؤلِّف الكتاب، ألأُستاذ كاظم حبيب، فيذكر إعدام كلٍّ من يهودا صدّيق وساسون شلومو دلاّل (ص 58) ولكنه في صفحة رقم 62 يشير إلى إعدام الرفاق فهد وحازم وصارم (أسماء حزبيّة للشبيبي وباسم) ولم يذكر اسم يهودا صدّيق الذي اُعدم معهم. ولا شك عندي أن هذا الخطأ وقع سهواً.
وفي الكتاب الذي نحن بصدده نجد أمامنا بحثاً واسعاً وشاملاً حول الأقليّة اليهوديّة في العراق الحديث تناول فيه المؤلف مختلف الأوضاع التي مرّت بهذه الطائفة إبّان الحكم الملكي للعراق والأنظمة التي تلته.
وقبل الولوج في صلب الموضوع قدّم لنا المؤلف استعراضاً سريعاً يحتوي على 20 صفحة سرد فيه الوقائع التاريخيّة والمراحل التي مرّ بها يهود العراق منذ وصول جمهرة واسعة منهم كأسرى بيد الآشوريين في القرن الثامن ق.م. والموجة التي تلتها حيث أتى الكلدانيون بما يقارب ال-40.000 ألفاً منهم كأسرى أيضاً إلى بابل في أوائل القرن السادس ق.م.، ذاكراً أنّ لهؤلاء استتبَّ الأمر وأفادوا واستفادوا في موطنهم الجديد. ثم تقلبت بهم الأحوال إبّان حكم السلوقيين الإغريق للعراق حتّى سقوط بابل بيد الپارثيين الفرس عام 140 ق.م. واستمرّ حكم هؤلاء أربعة قرون تعزّز أثناءه مركز الجالية اليهوديّة في العراق وقويت شوكتهم اقتصاديّاً واجتماعيّا وأسّسوا عدداً من الكليّات الدينيّة ووضع أحبار هذه المؤسسات quot;التلمود البابليquot; الذي يمكن اعتباره دائرة معارف للديانة اليهوديّة.
ثم تناولت المقدّمة أوضاع يهود العراق منذ الفتح الإسلامي للعراق وحتّى إقامة الدولة العراقية الملكيّة ماراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولتين الأُمويّة والعباسيّة فحكم المغول والهيمنة العثمانيّة.
وفي جميع هذه العهود تعرّض اليهود تارةً للاضطهاد الديني والتمييز السياسي والاجتماعي وللاستبداد والقسوة وتارةً تمتّعوا بالحريّة الدينيّة والوضع الاجتماعي العادي والتسامح، باعتبارهم من أهل الذمّة يدفعون الجزية السنويّة والخراج. وكان الموقف من أهل الذمّة متبايناً وخاصةً أثناء الحكم العباسي وفق فترات الحكم وسلوك الخلفاء حيث أُلزموا أحياناً بارتداء ثياباً خاصة بهم ووضع رقعتين عسليتين على الأقبية والدراريع وأن يضع النساء مقانعهن عسليات وأن يقتصروا على ركوب البغال والحمير دون الخيل والبراذين وأن يضعوا على أبواب دورهم صور شياطين مسمّرة.
وفي نهاية المقدّمة يشير المؤلف إلى إحدى عمليّات الاضطهاد الفظيع التي مارسها الحكّام الأتراك قبل أُسبوع واحد من سقوط بغداد بيد الجيش البريطاني حيث قبض ليلاً على عدد من الصيارفة اليهود بحجة أنهم سبّبوا هبوط سعر الأوراق الماليّة التركية إثر امتناعهم من تبديل الليرة الورقيّة التركيّة بليرة الذهب. فنُكّل بهم تنكيلاُ شنيعاُ وجدعت أنوفهم وقطعت آذانهم وسُمِّّلت عيونهم ثم وضعوا في أكياس وألقيت جثثهم في دجلة.
وفي الفصول التي تلي المقدّمة عرض لنا الباحث عرضاً مفصّلاً لإحصائيات عن السكّان اليهود قي العراق في مختلف المدن والألوية منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي وحتّى أواخر العقد الرابع من القرن العشرين حيث أُجريَ عام 1947 إحصاء سكانيّ رسميّ.
أما الفصل الثاني فتناول البحث المدارس اليهوديّة ألتي تخرّج منها سنويّاً المئات من التلاميذ الذين واصلوا الدراسة، فمنهم من التحق في العديد من الكليّات والمعاهد الحكوميّة العليا ومنهم من توجّه للدراسة الأكاديمية في البلدان الأُوروبيّة والولايات المتّحدة الأمريكيّة.
أمّا الفصل الثالث فيأتي بمعلومات قيّمة قلّ من أشار إليها قبله حول البيئة الإجتماعيّة ليهود العراق وصورة توزيعهم على الطبقات والفئات الإِجتماعيّة بما قي ذلك الغنيّ منهم والفقير، المالي والصناعي، الفلاّح والعامل والحرفي والمهني والموسيقي والمغني والفنّان عموماً والكاتب والقاص والشاعر والصحفي والموظف والمستخدم والعاطل من العمل والعتّال والبائع والجوّال والشحّاذ إلى آخره، ذاكراً مركزهم البارز في التجارة إبّان الحكم الملكي ونسبة عضويّتهم المرتفعة في غرفة تجارة بغداد حتّى هجرتهم الجماعيّة من العراق في مستهل الخمسينات من القرن المنصرم مبيّنا ذلك في جداول وإحصائيّات. ثم يعرّج على فئة الفلاّحين وصغار المزارعين في ريف كردستان العراق ويوضّح لنا أوضاعهم الإِجتماعيّة والإقتصاديّة المتباينة وبعدها يتجه جنوباً إلى منطقة الفرات الأوسط إلى الحلّة وإلى الشاميّة والديوانيّة حيث كانت هناك أراض واسعة تمتلكها اُسر يهوديّة كان لها القدح المعلّى في ازدهار الزراعة في تلك المنطقة. وقد صودرت تلك الممتلكات عام 1964 بما في ذلك معمل لطحن الحبوب في الديوانيّة.
وأشار أنّ العلاقة قي فترة الحكم الملكي بين جميع السكان كانت على العموم اعتياديّة وليس فيها ما يمكن أن يكون دليلاً على العنصريّة أو الكراهيّة المتحكمة لأتباع الديانات الأُخرى مستثنياً ما حصل في مذبحة quot;الفرهودquot; عام 1941.
وفي باقي الفصول يفصل لنا بصورة يشكر عليها مجالس يهود العراق ودورهم في الحياة الثقافيّة العراقيّة ونشاطهم الأدبي ونشر نتاجاتهم الفكريّة والأدبيّة والقصّة والشعر والنثر وإصدارهم مجلتي المصباح والحاصد في العشرينات والثلاثينات من القرن المنصرم مبيّناً حبهم وإخلاصهم للوطن رغم معاناتهم من سوء المعاملة التي مارستها السلطات الحكوميّة ضدّهم سواء أكان ذلك في العهد الملكي أم في الحقبات التي تلت الإطاحة بعبد الكريم قاسم. كما ويكرس لهم بحثاً عن دورهم في الحياة السياسّة والتحاقهم في الأحزاب الوطنيّة والذي كان محدوداّ نوعاّ ما باستثناء نشاطهم في الحزب الشيوعي العراقي حيث شكّلوا شريحةً فعّالة وهو الحزب الوحيد الذي شغل فيه اليهود مناصب قياديّة حين اُعدم اثنان منهم كانا قد ترأّسا قيادة الحزب، أحدهما تولّى قيادة الحزب بعد اعتقال زعيمه فهد ثم أُعدم معه والثاني ترأس القيادة عام 1949 وأُعدم هو الآخر.
وفي هذا الكتاب بحثٌ مستفيض حول المواقف السياسيّة للحزب الشيوعي العراقي من القضيّة الفلسطينيّة ويهود العراق ومواقف اليهود وعصبة مكافحة الصهيونية والتقسيم ثم موقف الحكومة العراقية من هذه العصبة ومسخرة محكمة جزاء بغداد في الدعوة المقامة على سكرتيرها والمغالطات الواضحة في تفسير هذه المحكمة لمفهوم ومضمون كلمة quot;مكافحة الصهيونيّةquot;.
ثم يتناول البحث التيّار المضاد للعصبة وأعني به النشاط الصهيوني في العراق الذي يمكن تقسيمه إلى حقبتين: الأُولى استمرّت ما يقارب عقداُ من الزمن، من بداية العشرينات وحتّى الثلاثينات من القرن المنصرم، حيث أُجيز في مارس من عام 1921 إقامة جمعيّة صهيونيّة داخل العراق كانت في بادئ الأمر تنشط علانيّة وكانت الحكومات العراقيّة المتتالية تغض النظر عن فعاليّاتها إلى أن تصاعد النزاع الصهيوني العربي في فلسطين وحينذاك أخذت السلطات العراقيّة تلاحق رؤساء الجمعيّة وأسرت زعيمها ثم أرغمته على مغادرة العراق.
لقد كان زعماء الطائفة الإسرائيلية (كما كانت تدعى آنذاك) في خشية من هذه النشاطات الصهيونيّة وتوّجهوا عام 1922 برسالة إلى الجمعيّة الصهيونيّة العالميّة يحّذرونها من مغبّة نشر الدعاية الصهيونيّة في بغداد. وأبدوا رفضهم للنشاط الصهيوني في العراق.
ولابدّ لي أن أُنوِّه هنا بخطاب نوري السعيد أمام مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن عام 1939 (آملاً أن تضاف هذه الفقرة في الطبعة الثانية) والذي قال فيه:
quot;إن السر هنري دوبس حينما كان المعتمد السامي في العراق قد استدعى أقطاب اليهود في بغداد وطلب إليهم قبول إنشاء وكالة يهوديّة في بغداد بناءَ على التعليمات التي وردت إليه من إنكلترا....فقد رفض اليهود الانتساب إلى هذا الفرع رفضاُ باتاُ حتى أنّهم قد أقنعوا السر هنري دوبس بعدم إمكان السماح لتأسيس هذه الوكالة في بغداد. وهذه الجهود التي كانت رسميّة في بابها لإرغام يهود العراق على أن يصبحوا من الكتل الصهيونيّة لم تنجل حقيقتها للسلطات العراقيّة إلاّ بعد سنين. ومما تجدر ملاحظته هو أنّ يهود العراق لا يرغبون في الإنتساب إلى الصهيونيّةquot;.
أما الفترة الثانية من النشاط الصهيوني فبدأت بعد حوادث quot;الفرهودquot; التي ذهب ضحيّتها بين عشية وضحاياها 180 يهوديّاً بينهم رجال نساء وأطفال ونُهبت دورهم ومملكاتهم وكان هذا الحدث قد أزاد طين التذمّر بلّةً عند أبناء هذه الطائفة فأخذ الكثير منهم يفتّش عن طريق للخلاص خشية وقوع quot;فرهودquot; آخر وانتموا للحركة الصهيونيّة التي جددت فعاليّاتها في العراق عام 1942. وبعكس ما كانت عليه هذه الحركة في العشرينات كانت نشاطاتها في هذه المرّة سريّة، ووضعت نصب أعينها نشر الفكر الصهيوني في الأوساط اليهوديّة وبخاصّةً بين الشباب وطلاب المدارس وتعليمهم اللغة العبريّة وإقناعهم بأهميّة الهجرة إلى الديار المقدسة والعيش في بلد الأجداد (ص 100). ويتناول البحث المنظمّات المختلفة للحركة كالحالوتص (الطليعة)، ألهاغانا (الدفاع)، منظمّة شباب الإنقاذ، ألتنوعا (ألحركة) والشورا (ألصف).
وفي نهاية المطاف نجد أنّ جهود الحركة الصهيونيّة في العراق تكللت بالنجاح بسبب الإضطهاد وأفلحت في تهجير اليهود من العراق. ففي البداية تمّ تهجير الآلاف بصورة غير شرعيّة تهريباً عبر الحدود العراقيّة ثمّ أتت الهجرة الجماعيّة التي لم يكن لها أن تتم لولا المضايقات والملاحقات التي عانى منها أبناء هذه الطائفة وخاصّةً بعد اندلاع الحرب في فلسطين عام 1948 ولولا قانون التسقيط الذي سنّ عام 1950.
وهنا أيضاً غاب عن ذاكرة المؤلف أمرين هامَين كان لهما تأثير مصيريّ على يهود العراق: الأوّل هو نشاطهم البارز أثناء مظاهرات الوثبة التي أدّت إلى الإطاحة بحكومة صالح جبر عام 1948 وأسفرت عن تغيير جذري في معاملة السلطات لهم وخاصّة نظرة نوري السعيد إليهم الذي قالها صراحةً لوفد من زعمائهم quot;إنّكم لا تستحقون الحمايةquot; ملمّحاً أنهم لم يحافظوا على شروط الذمة بانضمامهم إلى خصوم الحكومة. والثاني هو إعدام الثري شفيق عدس باتهامات ملفّقة وواهية. وكان هذا الحدث بمثابة نقطة تحوُّل عند الكثير من اليهود الذين أخذوا يشعرون بانعدام الأمن والطمأنينة مما حدا بالكثير منهم إلى ترك العراق.
وتحت عنوان quot;مواقف القوى القوميّة العربيّة في العراق من يهود العراقquot; يتناول البحث تطوّر الحركة القوميّة في العراق والصراعات التي كانت تدور بين أقطاب النخبة الحاكمة في الثلاثينات وانقلاب بكر صدقي عام 1936، ثمّ حركة شباط - مايس الإنقلابيّة والأحداث التي أدّت إلى تبلور تيّار قومي عربي الذي برز تدريجيّاً من خلال quot;نادي المثنّىquot; الذي أُسّس سنة 1935 والذي كان قاعدةً للمنادين بالقوميّة العربيّة والداعين إلى محاكاة الحركة النازيّة ومعاداة البريطانييّن. ويحتوي هذا الفصل على 53 صفحة (من ص 120 حتّى 173) وهو بحث مهمً حول تطوُّر التيّار القومي العربي المنحاز للنازيّة والمضاد للإنكليز وسياسيتهم. وكان من الحريِّ بالباحث أن يوضِّح لنا تداعيات هذا التطوُّر وتأثيره على الجالية اليهوديّة في العراق وهم عنوان البحث الرئيسي. فهو يسرد لنا بصورة علميّة واضحة تداعيات الأحداث السياسيّة والإجتماعيّة التي أدت إلى حركة مايس 1941 دون أن يشير إلى تأثيرها على يهود العراق بالرغم من أنّه خصّص أحد بحوث هذا الفصل لquot;أحداث الإعتداء الإجرامي على يهود العراق [فاجعة الفرهود]quot; ص 151-159، حدد فيه المسؤولين عن تلك الأحداث، عبر تقرير لجنة التحقيق الحكوميّة الخاصّة التي شُكلت لبحث هذه المذبحة، وهم كما جاء بالتقربر:
- مفتي القدس الحاج أمين الحسيني وحاشيته ودور المعلمين السوريين والفلسطينيين الذين مارسوا تحريض طلاّب المدارس ضدّ اليهود.
-ألإذاعة الألمانيّة وتسميمها الرأي العام خلال شهري نيسان ومايس 1941.
-الفتوّة وكتائب الشباب.
أمّا الفصل الأخير فهو بعنوان quot;المواقف السياسيّة للحزب الشيوعي العراقي إزاء القضيّة الفلسطينيّة ويهود العراقquot;. وهنا يبحر الأستاذ كاظم حبيب في قضايا وشؤون الحزب الشيوعي العراقي الذي كان من المنتمين إليه ويستعرض مواقف يهود العراق وعصبة مكافحة الصهيونيّة من قضيّة فلسطين وقرار التقسيم ثمّ قانون إسقاط الجنسيّة العراقيّة من اليهود ومواقف القوى السياسيّة العراقيّة إزاء هذا القانون، ويختتم الكتاب بما حلّ بيهود العراق في إسرائيل.
ويحتوي البحث على ملاحق رسميّة مهمّة أذكر منها:
-نص قانون إسقاط الجنسيّة العراقيّة عن المواطنات والمواطنين اليهود الصادر قي عام 1950.
-نص قانون تجميد أموال اليهود المسقّطة عنهم الجنسيّة العراقيّة الصادر في عام 1950.
-نص تقرير اللجنة الخاصّة التي شُكِّلت بأحداث الفرهود ضدّ اليهود في عام 1941.
وقبل الإنتهاء من هذه المراجعة أُُشير إلى ملاحظات لا تحطّ من أهمية هذا البحث القيِّم:
-في ص 62 جاء أنّ الحاخام ساسون خضوري كان ماليّاً وعيناً في مجلس الأعيان، والحقيقة أنه لم يكن كذالك بل كان شخصيّةً دينيّةً ترأّس الطائفة سنوات طوال كما جاء في كتاب نجله quot;راعٍ ورعيّةquot; الذي أصدرته رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق.
-في ص 158 لقب الحاج أمين الحسيني بمفتي فلسطين ولكن من المعروف أنّه كان مفتياً للقدس.
-في ص 100 ذُُكر خطأً فرع الطلائع للحركة الصهيونيّة باسم hadalutus وهذا نفس الخطأ الذي وقع فيه عباس الشبلاق في كتابه The Lure of Zion الذي أطلق هذه التسمية على هذا الفرع. والصحيح هوquot;هحالوتصquot; Hehaluts.
والخلاصة فإنّي أرى في هذا الكتاب بحثاً شاملاً وحياديّاً مهمّاً للقارئ العربي المعني بتاريخ يهود العراق في العصر الحديث. وليس في وسعي إلاّ تقديم الشكر للأستاذ كاظم حبيب الذي وضع الكثير من الأحداث في نصابها الحقيقي والصحيح. كما أتمنّى أن يضيف فهرساً للأعلام في الطبعات المقبلة.

محاضر في جامعة أبن غوريون في السبع سابقاً.
عضو في إدارة رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق.