كامل الشيرازي من الجزائر: أصدرت الباحثة الاجتماعية الجزائرية quot;مغنية لزرقquot;، آخر أعمالها quot;التعذيب وأفول الإمبراطورية الاستعمارية: من الجزائر العاصمة إلى بغدادquot;، وهو كتاب تناولت فيه تطور ظاهرة التعذيب في 4 دول هي: الجزائر أيام الاستعمار الفرنسي قبل نصف قرن- العراق- أفغانستان والولايات المتحدة، ويستوقف الكتاب المنشور حديثا، قراءه حول الأحداث التي وقعت خلال الست سنوات الأخيرة، منذ إعلان الحرب في أفغانستان، ثمّ في العراق، ويستجمع معطيات حول عوامل مثيرة للانشغال، خصوصا تلك المتعلقة بما يسمى (الحرب على الإرهاب) التي تقودها أمريكا، ويندرج فيها عالم اليوم مرغما.
وقدمت الباحثة وهي أخصائية في القضايا الخاصة بالمرأة، حقائق جديدة حول هذه الممارسة اللاإنسانية، كما تطرقت إلى الأبعاد السيكولوجية والثقافية والسياسية للظاهرة، وركّزت على الأساليب المستخدمة من طرف الجيش الأمريكي في تعذيب معتقليه في العراق وأفغانستان خصوصا، وأنتج الكتاب مساجلات في الجزائر، حيث تضاربت الآراء بشأن ما اقترحته الكاتبة، واعتبر قراء ونقاد أنّ هذا الكتاب ليس إلا quot;وصفا للتعذيبquot; وتحليل لطرائقه ومبرراته ووظائفه المحتملة أو الحقيقية ونتائجه، في وقت تجد واشنطن نفسها غارقة في فضيحة تحطيم أشرطة الفيديو التي تزيح النقاب عن التحقيقات العنيفة التي أجرتها مصالح الوكالة المركزية للمخابرات مع إرهابيين مشتبهين.
quot;مغنية لزرقquot;، هي أستاذة علم الاجتماع بمؤسسة هنتر ومركز التدرج لجامعة نيويورك بالولايات المتحدة، سلطت الضوء في مؤلفها على ما تخلل ثورة التحرير الجزائرية (1954 ndash; 1962 م) حول التعذيب الذي مارسه الجيش الفرنسي خلال تلك الفترة، فضلا عن ممارسات حاول جزء من الرأي العام الفرنسي حجبها أو إنكارها كالمحارق والمجازر الجماعية والتجارب النووية المسكوت عنها، واستشهدت quot; مغنية لزرقquot; بحالة المجاهدة الجزائرية الشهيرةquot;لويزة إيغيل أحريزquot; كإمرأة وقفت ضد التعذيب، واعتمدت الباحثة على شهادات ضحايا التعذيب واعترافات جلادين ولقاءات مع جنود سابقين وشهادات حرب وروبورتاجات وتحقيقات صحفيين وجامعيين وكذا كتابات لبعض المفكرين والأدباء الفرنسيين على غرار quot;جان بول سارترquot; وquot;ألبير كاموquot;، مستدلة على أنّ التعذيب ممارسة شنيعة كانت له صلة وثيقة بنظام الهيمنة الاستعمارية والممارسات القمعية للكولونيالية الفرنسية على مدار 132 سنة.
كما كشفت الباحثة حقائق مؤلمة عن الاحتلال الأمريكي للعراق، ورأت إنّ الولايات المتحدة كما بقية الدول ذات النزعة الاستعمارية، تبرر اللجوء التلقائي للتعذيب كوسيلة تراها quot;مؤسفة ولكن ضرورية للحفاظ على الحضارة الغربية في وجه أولئك الذين يتحدون هيمنتهاquot;.
وحاولت الكاتبة أيضا فهم أثر التعذيب على الشعوب التي تعرضت له، خاصة على النساء، وكذا على الجلادين الذين كانوا يمارسونه، ولاحظت إنّ التعذيب صار محوريا في أي حرب، ونظريته تقوم على حرب شاملة تقوم على تقنيات سيكولوجية همجية مستوحاة من الأنظمة الاستبدادية.
وانتهت الباحثة الجزائرية إلى دراسة دور الدين في عقلنة هذه الأعمال والطرق التي أصبح من خلالها الجلادون ومن يقف ورائهم يصورون التعذيب على أنّه quot;ظاهرة عاديةquot; بل ويمنحونه مفاهيمية quot;الممارسة المقبولةquot;.