أتيتَـني من بابِ الهزائمِ الأولى عَريضاً تمتدُّ حتى لا نهائيةِ الامتدادِ، مفخخاً بالفجائعِ، تتلاطمُ جدراناً للقفصِ الطويل......
أتيتَـني هُويّةً موشـومةً بانكسَـاريَ الدائمِ في الوجوهِ الباهتةِ/ سـيدةَ الوقتِ والمدنية
تأكلُ من لحمي وتبيحُ دمي فوقَ كلِّ ما تبَقَّى لي من الأرصِفة
تسـتبيحُ عنُقي الطويلةَ وتؤثثُ للقبرِ الذي لا أملكُ ترابَه/
القبرُ الذي جعلتَهُ رفيقَ دربيَ النَّـزيف.....
ترافقُني طينةً وماءً غير طينتي وغير مائي/ كأنكَ الجِلدُ وما خبَّأ الجِلدُ من تـُهَمٍ أو إدانة......
حتى أنا، أُدينُني وأرفضُ هذا الإرثَ العريض
أيها الفقرُ تذبحُني - منبوذاً - في الهواءِ الطلقِ وتسـتريح
أشـتهي ماءَ الفراغ ولونَ الفراغ وبعضَ السَّـكينة
ما عرفتُ بياضاً - قطُّ - غيرَ بياضِ الرّوح
ما عرفتُ السَّـكينةَ، لكنْ قيلَ لي: ربَّما، بعدَ أن يرجعَ الطينُ إلى الطين......
أيها الفقرُ/ يا سُـوسَ الجسـد،
طالَ فيَّ مداك..... واصْفرارُكَ يمتدُّ حتى الوَلَد
أما آن لهذا الجسـدِ أنْ يَتنحَّى عن هامتي
أما آنَ أنْ يتفسّـخَ ماءُ الرّوح
لم يحمِني ملحُ الرّوحِ/ فسـدَ الملحُ قبلَ الرّوحِ رغماً عنّي
أيها الفقرُ، منبوذٌ برغمِ عزلتي واعتكافي خارجَ كلِّ ما تبقَّى لي منَ الأرصِفة
كنتَ معي في رحمِ أمّي/ وما كرِهْتُكَ لكنْ كرِهتُني، وأعياني الوَطن
وطني يقتلُني بسِـكينكَ الطويلةِ أيها الفقرُ الأحَد/ وما كرهتُ - قطُّ - الوطن
ولا كرهتُكَ لكنْ أكرَهتَني العيشَ كلَّما طَلعتْ شـمسٌ واسْـتفاقَ من حوليَ الولد.....؟
ما همَّني مطرٌ يوماً ولا حَزِنتُ لجَدْبٍ/ فهذا وذاكَ لي جدبٌ مَدَد
إنما أعشـقُ الماءَ فالماءُ يدملُ تشـققَ الطينِ
يحرِّرُ الأحلامَ/
يُخرجُها من أقفاصِها
تهيمُ في الفراغِ بيضاءَ/ فتَشـعرَ أنكَ طائرٌ من طيورِ الوطن
تتخلّصُ من الإدانةِ...... ترفضُ الإرثَ ولا تكرهُ الوطن
قلتُ: قبري.....
عاجزٌ عن شِـرائهِ
قيلَ: قبرُك بالمجَّانِ فاطمئنّ......!
قلتُ: لن يَكتبَ على قبري أحد/
والقولُ بالمجّان، فقولوا:
عاشِـقٌ، لم يكرهِ الشَّـمسَ/ إنما كرِهَتْـهُ الشَّـمسُ والبلد.......