نعمة خالد من دمشق: في طريقي إلى المؤتمر الصحفي الذي عقدته الأمانة العامة المشكلة لتنظيم برنامج دمشق عاصمة الثقافة العربية في القاعة الشامية في المتحف الوطني، تاه طريقي، وأخذت الاتجاه المعاكس، لتصل بي السيارة قرب جسر فكتوريا، وأمام مبنى وزارة السياحة، وما أن ترجلت حتى ألفيت الطريق المحفرة، وعمال يروحون ويجيئون، كحال منطقة باب شرقي في دمشق القديمة التي تغرق شوارعها بالتراب والطين، وتساءلت في نفسي: كيف يمكن لطرق عاصمة الثقافة العربية أن تكون بهذا الشكل؟ ألم يكف عام كامل من التحضير لهذه الاحتفالية لتكون شوارع دمشق أشبه بالعروس وهي تستحق ذلك؟ وعلى الرغم من أن حال شوارع دمشق كان أحد الأسئلة التي طرحت في المؤتمر الصحفي، إلا أن المسؤول عن ذلك وبجدارة هم القائمين على إدارة محافظة مدينة دمشق، وكأن هؤلاء بواد، والمنظمين بواد آخر.

لا يهم، فالافتتاح الرسمي للاحتفالية سيكون في التاسع عشر من كانون الثاني باحتفال كرنفالي شعبي في ساحة الأمويين، حيث ستطلق الألعاب النارية، والصور المعلقة في الفراغ، والألعاب البهلوانية، وينظم كل ذلك شركة إيطالية مختصة في هذا المجال. وقد تكون محافظة مدينة دمشق إلى حينها قد أنهت مشاريع الطرق وترميمها اللذين لا ينتهيان.

وقد أعلنت الدكتورة حنان قصاب حسن، بصفتها رئيساً للجنة الأمانة العامة التطلعات والأهداف التي رسمت للاحتفالية، والمعايير التي اتبعتها خلال البرمجة، وقالت الدكتورة قصاب حسن: quot; الطريق إلى دمشق 2008 كانت مليئة بالتساؤل حول أي عاصمة ثقافية نريد؟ أهي تلك التي لأبنائها وحسب،.... بمعنى هل ينبغي أن تعكس الاحتفالية ثقافة محلية فقط، وأن تحتفل بمنجزها هي لا بمنجزات أخرى على أرضها، وكان الجواب غير بعيد. كان الجواب يأتي من تاريخ دمشق. وأن تعيش دمشق في قلب العالم يعني أن نضع منجزاتها على ضفافه، ولكن ينبغي لقطار الثقافة العالمية أن يضع أحماله هنا ولو لبعض الوقت.

وقدمت الدكتورة حنان قصاب حسن البرنامج التفصيلي للفصل الأول من السنة، والذي تضمن:الافتتاح الكنفالي كما سبق وأشرت في ساحة الأمويين، يليه الافتتاح الرسمي في دار الأسد للثقافة، بكلمات رسمية وحفل موسيقي للفرقة السيمفونية السورية. فيروز ستكون ضيفة الاحتفالية بعرض صح النوم من 28 ك2 إلى 2 شباط في دار الأسد للثقافة والفنون. وقبل الحفل الرسمي سيقدم عابد عيزرية حفلاً موسيقياً يجمع ما بين الموسيقا العربية والأندلسية، تحت عنوان نصيب، يشارك فيه عازفين من فرنسا وأسبانيا وسوريا.

سيكون هناك افتتاح آخر لدمشق عاصمة ثقافية في قصر الحمراء في غرناطة في 31 من كانون الثاني يقدم فيه عرض موسيقي سوري أسباني مشترك، وتشارك فيه العازفة وعد بو حسون، وستغني فيه أشعار ابن عربي بمرافقة فرقة عزف أسبانية، وذلك بهدف التأكيد على البعد الدمشقي في الأندلس. في الثاني من شباط سيتم افتتاح معرض استعادي في المتحف الوطني، يضم مقتنيات المتخف من لوحات الفن التشكيلي من البدايات.

في الرابع من شباط حفل موسيقي يحمل عنوان بساط الريح في سينما الزهراء بدمشق، وهو خاص بالشباب، ومن بلاد متنوعة: سورية ودول عربية وأوروبية. كما سيتضمن الفصل الأول من الاحتفالية محاضرة وعرض للرسوم المتحركة للمخرج الياباني شينكيا في سينما الكندي.

في السابع من شباط حفل موسيقي للفنان نوري اسكندر في دار الأسد كما يتضمن الفصل الأول من الاحتفالية العرض المسرحي quot; النورسquot; للمخرج الهنغاري إرباد شيلنغ.
وفي آخر شباط أوبرا كارمن، بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي. أما في آذار فسيكون هناك عرض مسرحي ما بين الثالث والخامس للمخرجة سوسن دروزة يحمل عنوان الخبز اليومي، ثم يليه أوركسترا سورية بقيادة الفرنسي سيلفان غازنسون، وهذا في الرابع من آذار وبمناسبة يوم المرأة العالمي أي في الثامن من آذار ستقدم أوركسترا ماري بقيادة رعد خلف حفلاً موسيقياً. في التاسع ستغني ريم بنا من فلسطين في كلية الفنون الجميلة، وفي الثالث عشر سيكون حفل موسيقي لأوركسترا دار الحجرة في دار الأسد للفنون. ثم عرض راقص لأكرم خان مع الباليه الوطني الصيني. وسيكون ضمن الفصل الأول للإحتفالية نشاط بيت السيمنا، يقدم فيه أشخاصاً لديهم ذكريات عن مدينة دمشق وهذا النشاط سيتم بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق.
كما أشارت الدكتورة حنان إلى ما سمته يوم القراءة وهو يوم ثابت من كل شهر على مدى العام، يقدم من خلاله نصوص مشوقة للأطفال، وفي كل شهر سيتم إخراج قطعة أثرية يشرحها مختص بالآثار، ويترافق ذلك مع الموسيقا.

كما سيكون ضمن الاحتفالية حصة للمسرح والسينما عبر مهرجانين لهما، بالإضافة إلى الرقص، وإصدار الكتب، وخاصة تلك التي تعنى بالتاريخ والتراث، ومنح إنتاجية للشباب في إطار السينما والرسوم المتحركة، ومؤتمرات وملتقيات فكرية وثقافية، بالإضافة إلى الفعاليات للأطفال. كما سيطلق العديد من معارض الفن التشكيلي، ومعارض الفن الحرفي والعلوم والآثار، ومعارض للشباب ضمن تظاهرة فنانون في المدينة يشارك فيه فنانون تشكيليون شباب يقدمون أعمالهم ضمن أمكنة محددة في المدينة، وسيتم تنظيم هذه المعارض بالاشتراك مع المؤسسات العامة والخاصة، والإقليمية والعالمية والمؤسسات الثقافية في الخارج كمعهد العالم العربي في باريس، ومؤسسة أوبنهايم في برلين، إلى جانب معارض حول فن الخط العربي والفنون التطبيقية.
وفي إطار أنشطة السينما سيكون هناك أسابيع لسينما الشباب، ومهرجان الأفلام التسجيلية من كافة أنحاء العالم، إضافة إلى تظاهرة سينما الهواء الطلق، وورشات عمل للمهتمين بالسينما، وعروض لأفلام سورية روائية طويلة مقتبسة من أعمال أدبية هامة تناولت دمشق والتحولات التاريخية البارزة التي مرت بها، والأفلام من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
وفي مجال الإصدارات ستصدر الأمانة العامة سلاسل مختارة في مختلف حقول الإبداع بطبعات شعبية، وسيتم توثيق الشعر السوري عبر أربعة أجزاء من أنطولوجيا تغطي تجارب كل جيل على حدة.
وكان من أهم ما تم الاعتراض عليه في المؤتمر الصحفي هو كثافة الوجود الأجنبي في فعاليات الفصل الأول. ولعلي أتساءل مع من تساءلوا: هل دمشق عاصمة الثقافة العربية، أم عاصمة للثقافة العالمية؟ لست ضد مد جسور الثقافة مع العالم، ولست ضد التلاقح الثقافي، لكن أن يكون ذلك على حساب الثقافة العربية التي تحتاج إلى تجسير فيما بينها فهذا لعمري كثير.
فالواقع الثقافي العربي بما يعانيه من ركود، وغياب استرتيجية ثقافية عربية هو أحوج ما يكون لفعاليات تفتح آفاق العربي على العربي، خاصة في ظل انغلاق السياسي وانغلاقه في الإقليمي، فهل ستتمكن دمشق من ردم الهوة؟ الفصل الأول من الأنشطة المعلنة، لا شك تقدم قيمة ثقافية ومعرفية ومتعة، لكن ليس هذا ما نريد فقط،
فيوم المرأة العالمي لا يختصر بفرقة أوركسترا نسائية، ولا بعرض مسرحي تونسي، النسوية إشكالية تشغل العالم اليوم، قضايا المرأة العربية عصية على العد، فأين عاصمة الثقافة من ذلك؟

أما شعار الاحتفالية فهو حتى وقت انعقاد المؤتمر الصحفي لم يكن جاهزاً، وهو قيد الدراسة، طبعاً لا أقصد شعار المهرجان رسماً، بل كلاماً، بالنسبة للشعار المرسوم، فهو شعار لا يحمل أي خصوصية لدمشق، ولم يشر إلى أي معلم دمشقي، بل لم يتعد أن يكون شكل إسلامي، يشبه النجمة سباعية الرأس، وهي تصلح لأي مدينة إسلامية.

[email protected]