مركزية القصة في التعلم، الفن، والحياة من خلال استخدام quot;الحكايةquot;

سعاد نوفل من عمان: بمشاركة العديد من الفنانين والحكائين من مختلف الدول العربية والأوروبية تنطلق مساء اليوم على مسرح البلد وسط في العاصمة الأردنية عمان فعاليات ملتقى حكايا السنوي الذي ينظمه الملتقى التربوي العربي بالتعاون مع مسرح البلد. ويأتي تنظيم الملتقى تحت مظلة مشروع quot;حكاياquot; الذي يقوم على شراكات عديدة تقودها خمس مؤسسات وهي الملتقى التربوي العربي، مسرح البلد، المركز العربي للتدريب المسرحي، L'Echangeur/ France، و MS/ Denmark، بدعم من مؤسسة آنا ليند للحوار المتوسطي ومكتب اليونيسكو/ الأردن ومؤسسة فورد.
ويتمحور مشروع حكايا حول مركزية القصة في التعلم، الفن، والحياة من خلال استخدام quot;الحكايةquot; وquot;الحكيquot; كآداة رئيسية ومحركة في مجال تشجيع القراءة والتعبير ومحو الأمية في العالم العربي ضمن إطار ثقافي تربوي مفتوح ومحاولة الوصول إلى أدوات مشتركة للتعامل مع هذا التحدي الهام والحيوي للتعليم والتعلم في العالم العربي، وذلك داخل وخارج الأطر التعليمية الرسمية.
وتشتمل فعاليات المهرجان والتي تستمر على مدار خمسة أيام وبمشاركة من فلسطين، مصر، لبنان، سوريا، الدنمارك، وفرنسا، على العديد من العروض المسرحية تتمحور حول quot;القصة الشخصيةquot; وقصص الناس على رأسها مسرحية quot;الجرصةquot; للفنان رفيق على أحمد من لبنان، وعروض حكي، ولقاءات متنوعة حول فن الحكي ورواية الحكاية بين الحكائين والفنانين، عروض أفلام أهمها فيلم quot;سلطة بلديquot; للفنانة ناديا كامل من مصر، هذا وسيتضمن حفل الإفتتاحالعرض الأول للحكواتي رمضان خاطر من مصر يقدم خلاله حواديته quot;حكي مصاطبquot; التي يستمدها من الحضارة المصرية والحياة اليومية ومن السيرة الهلالية وهو ممثل وحكواتي شعبي من مصر يندرج تحت رواة الحكايات التقليدية، أما العرض الثاني فسيكون بعنوان quot;حكايات من الأقطار التسعةquot; لبرالين غيبارا وهي حكواتية فرنسية من أصل لبناني، كما ستيخلل المهرجان إقامة ورشة عمل حول المرأة والحكي لدينس أسعد من فلسطين.
ولقد صرحت سيرين حليلية مديرة الملتقى التربوي العربي في عمان مقتسبة عبارة فتاة من بيروت في السادسة عشرة من العمر : quot;أنا مكوّنة من قصص وحكايات وليس من ذرات.quot; هذه العبارة تعكس وتجسد روح ما ننوي عمله في المهرجان، فالقصة أو الحكاية هي المكون الرئيسي للحياة والإنسان والثقافة والمجتمع، وهي المكون الرئيسي للفكر والتواصل. وبالنسبة لنا كعرب، تشكل الحكاية إحدى الأدوات الرئيسية في تحرير خيالنا وفكرنا وإدراكنا وتعبيرنا، وهذا التحرير ضروري لتحررنا على الأصعدة الأخرى. في مقابل الحكاية فإن الدراسات العلمية والأكاديمية والتحليلية والإحصائية تضع الإنسان في صناديق فكرية وإدراكية مشوِّهة، والتي ربما يكون لها حاجة في بعض الأحيان.
وأضافت يشّكل مشروع حكايا خلاصة سنوات عدة من التعاون والحوار ما بين أفراد ومجموعات مختلفة في العالم العربي بخصوص مركزية quot;القصةquot; في نمو الفرد والمجتمع. يجمع هذا المشروع ما بين فنانين، مؤرخين شفويين، حكائين، وتربويين في شبكة، مجاورات، ورشات عمل، ومهرجان متنقل بحيث نتصدى للقصة بأشكالها المختلفة ونعرض كيف تغني المسرح والفنون ومحو الأمية وتكوين الهوية والحوار عبر الثقافات. الشركاء في المرحلة الأولى من هذا المشروع هم: الملتقى التربوي العربي، مسرح البلد (الأردن)، المركز العربي للتدريب المسرحي (لبنان)، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي (فلسطين)، فرقة الورشة (مصر)، بالإضافة إلى L'echangeur (France), MS (Denmark). ، ففي شهر كانون أول من عام 2004 اجتمع ثلاثون شخصا من 14 دولة عربية ممن يعملون في مجال تشجيع القراءة والكتابة ومحو الأمية في لقاء استغرق ثلاثة ايام في عمان-الأردن بدعوة من المكتب الإقليمي لليونيسكو/بيروت والملتقى التربوي العربي. كان الهدف من اللقاء الإطلاع عن كثب على التجارب المختلفة والملهمة في مجال تشجيع القراءة والتعبير ومحو الأمية في العالم العربي ومحاولة الوصول إلى أداة/أدوات مشتركة للتعامل مع هذا التحدي الهام والحيوي للتعليم والتعلم في العالم العربي.
كما أفادت حليلة بأن الرؤيا التي جمعت ما بين المشاركين تجسدت في النظر إلى القراءة، الكتابة، والمعرفة الأبجدية كأدوات تنمي quot;العالم الداخليquot; للإنسان وتشكل quot;الخيوطquot; التي تحيك الشبكة الاجتماعية والثقافية ما بين الناس في العالم العربي ومع آخرين في العالم ككل. فبدلا من النظر إلى القراءة والكتابة والمعرفة الأبجدية كأدوات تربط ما بين العقل والنص، يمكن النظر إليها كوسائل تربط ما بين العقل والحياة. quot;قراءة الحياةquot;، بدلا من قراءة أحرف وكلمات، هو ما نطرحه هنا كرؤيا شمولية للمشروع: أي النظر إلى القراءة والكتابة والمعرفة الأبجدية ضمن سياق واسع. هذا التوجه يمكن أن يساعدنا في التعامل مع إشكالية حقيقية تواجهنا وهي أن القراءة والمعرفة الأبجدية لم تتحسن أو تزيد في عالمنا العربي رغم المبادرات المختلفة.
و أضافت ربما يكون التحدي الأكبر هو كيف نتعامل مع الحكاية والقصة بطريقة لا يمكن تجييرها لتخدم القيم المسيطرة والمنطق السائد، أو على الأقل يكون من الصعب جدا القيام بذلك. فنحن نلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد التركيز على القصص وعلى أهمية التعبير عن الخبرات في مختلف الأوساط، وبشكل خاص ضمن فلك المنطق السائد والعلاقات والإدراكات القائمة. فالمكون الرئيسي في برامج التلفزيون، مثلا، هو القصة. وتمثل هيمنة التلفزيون على الفكر والإدراك الخ حاليا أكبر خطر على الثقافات والمجتمعات والناسhellip;. كذلك الحال بالنسبة لكثير من البرامج الحالية للشباب وغيرهم، فهناك تشديد على التعبير عن الخبرات ووضعها على شكل قصص. لذا، يصبح السؤال الجوهري لدينا: عندما نتكلم عن القصة في مجموعتنا، هل نتكلم عن نفس الشيء أم عن مخلوق آخر؟ وإذا كنا نتكلم عن مخلوق آخر، كيف نضمن أن لا يُجيَّر هذا المخلوق لمصلحة المنطق السائد والعلاقات والإدراكات القائمة، والذي يشكل نمط الاستهلاك والهدر في العيش والفكر جزءا هاما منها؟ بماذا يتميز تعاملنا مع القصة بحيث تُخرجنا من الأطر الجاهزة.
ومن الجدير بالذكر فأن مشروع حكايا يتضمن أنشطة متعددة إلى جانب إقامة المهرجان أهمها تطوير موقع إلكتروني للمشروع
www.hakaya.org، تكوين شبكة quot;حكائين بلا حدودquot;، وعقد ورشات عمل وإقامة مفتوحة للحكائين.