استكملت اخراج (دائرة العشق البغدادية)
عواطف نعيم: آن الاوان كي يلتفت رجل الدولة والسياسة الى الشريحة المثقفة
- المسرح العراقي ما زال في الطليعة
- سأمثل في العمل دور رجل لاول مرة

عبد الجبار العتابي من بغداد
: منذ اشهر طويلة والفنانة الدكتورة عواطف نعيم منشغلة بعملها المسرحي الجديد، تعمل فيه بهدوء بعيدا عن الاعلام والصحافة، تتنقل ما بين مسرح الرشيد الذي لم يبق منه سوى الهيكل، والمسرح الوطني، على الرغممن المعوقات العديدة التي وقفت في طريقها، تبذل كل جهدها من اجل اكمال العمل، فمر الصيف وجاء الشتاء، وما زالت تتصاعد في اتمام العرض الذي هي الان تستكمله وتقوم بالتحضيرات لعرضه على خشبة المسرح الوطني، فدخلنا وشاهدنا ولا اريد ان اقول وانبهرنا، لاننا سنترك ذلك للجمهور، لكننا انتهزنا الفرصة وحاورنا الدكتورة عواطف المؤلفة والمخرجة للعمل والممثلة فيه.

*حدثينا عن عملك الجديد؟
- عنوانه (دائرة العشق البغدادية)، والمسرحية قراءة جديدة للنص المسرحي الذي كتبه الخالد (بريخت) بأسم (دائرة الطباشير القوقازية)، وقد اعتمد في حكايته على عدل نبي الله سليمان عليه السلام، في حكمه على المرأتين اللتين تتنازعان حول طفل، اذ الاولى انجبته والثانية حفظته وربته، المسرحية من انتاج الفرقة القومية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح، تضم نخبة طيبة من نجوم المسرح العراقي: الاستاذ عزيز خيون والفنانة القديرة سمر محمد والرائد عدنان شلاش والشباب المبدعين محمد هاشم وماجد فريد وفرح طه وبهاء خيون الذي يعتلي خشبة المسرح لاول مرة مع محترفين ويتولى الادارة المسرحية في العمل، اما سينوغرافيا العرضفللفنان سهيل البياتي مع علي السوداني، والازياء والمكياج لعماد غفوري والكتابة والاخراج لعواطف نعيم.

* لماذا اخترت نصا لبريخت وليس نصا عراقيا؟
- لابد من الانفتاح على المسرح العالمي، انه جانب معرفي غني لابد من العمل على قراءته معاصرا وفق رؤى جمالية وفكرية تجد لها متنفسا فيما يحمله ذاك النص من افكارومن تاريخ وحضور في الذاكرة العالمية للمسرح، وهو ليس عيبا ان تعيد قراءة الترتث، وبريخت جزء من التراث الانساني، وتعيد قراءته وفق رؤية معاصرة متجددة متناغمة مع واقع الحال وتصب في اهداف فكرية وفنية يحتاج اليها زمننا الحالي.

* اين هي من واقعنا الحالي؟
- المسرحية تتحدث عن الاحقية في حماية الاوطان، ان تكون مواطنا يعني ان تكون متيما، محبا، صادقا وقادرا على ان تحمي وتضحي من اجل من تحب، وهي تتناسب الان معواقع العراق المضطرب، من يحب العراق فليحفظ العراق موحدا ومستقلا وقويا، تحبه.. احفظه، هذه هي الثيمة الاساسية في العمل، وهذه مهمة جدا في العمل، هذه نحتاجها الان، نختبر محبتنا للعراق اذا كنا نحبه حقيقة ونبذل ما نستطيع لحفظه.

* ما الالية التي اتبعتيها في الاخراج؟
- اعتمدت آلية حديثة في الاخراج، مزجت ما بين معاصرة وقديمة، استفدت كثيرا من وسائل الاتصال الحديثة، آلية اشتغال على الاداء، مستعينة بكوميديا (الفارس)، مستعينة بالتراث العراقي وفلكلوره، في قدرات ادائية جديدة تفجر وتظهر طاقات المسرحيين على خشبة المسرح، سترى عزيز خيون غير عزيز الذب نعرفه، ماجد سيكون مفاجأة، سمر.. طاقة جديدة، فرح.. في لون جديد، اشتغلت على الطاقات الكامنة لدى الممثل وكيف اقدمها بحلة جديدة ومختلفة لما شاهدتم الممثلين عليه، اشتغلت على فضاء المسرح ايضا.

* ذكرت (كوميديا الفارس) ما هذه؟
- هي قمة الكوميديا المتفجرة لكنها ليستالمبتذلة، التي تحمل دلالاتها وتحمل تأثيراتها على المتلقي، تؤكد على الجانب الاستفزازي التحريضي الذي يوعي ويدفع الى السؤال.

* كم نسبة الكوميديا في العمل؟
- كبيرة، واغلبها سيشتغل على الحس الكوميدي، هذه هي الكوميديا السوداء المرة التي تضحكك وتملأ فمك بالمرارة.

* هل العمل باللغة الفصحى ام باللهجة العامية؟
- استخدمت الفصحى والعامية، العمل قائم اصلا على الفصحى ولكنني طعمته باللهجة المحلية في مواضع كثيرة، استعنت بالصوت الغنائي العراقي، المقام والـ (ابوذية) وألوان الغناء العراقي من اجل تقريب العمل الى اجواء عراقية لها وقعها في وجدان وذاكرة العراقي، روح العمل كلها عراقية وهذه هي القراءة الجديدة للعمل.

* اي دور سبكون لك فيها؟
- دور المحامي الثاني، والذي كان من المفروض ان يمثله الفنان (عز الدين طابو)، انا احل محل زميلي لكي يتواصل العمل، مساحة الدور جميلة وفيه كوميديا عالية،انا احب الكوميديا وهذا المكان الجميل، ولكن للاسف (عزي) حالت ظروف دون تواصله.

* تقولين ان الدور (محامي ثاني) وانه لعز الدين طابو، ما يعني هذا؟
- يعني انني سأؤدي دور رجل، وهذا جزء من اللعبة المسرحية،شخصية محامي متملق متزلف، تحت التدريب، لدينا لعبة في ادائية العملية، حيث ستكون الملابس رجالية والشعر ضفيرة والنظارات رجالية، وقد فكرت كيف اشتغل هذه الشخصية الكوميدية وكيف امنحها حضورا وحيوية على الخشبة وهي تقف امام طاقات رائعة في المسرح.

* لماذا لم تحاولي اعطاء الدور لفنان اخر؟
- اولا.. اضطرنا الوقت الى ذلك، وثانيا اعتزازا بأستاذ (عزي) عسى ان يعيد التفكير ويعود الى العمل، وانني حين أأتي بغيره فسوف تكون لهذا الفنان حقوق، ولايمكن ان اعود من جديد لأعطي الدور لعزي، لذلك احتراما وحبا بعزي اخذت الشخصية ومن الممكن ان اتنازل انا عنها بسهولة.

* ما اخر مشاركاتك المسرحية؟
- كانت في مهرجان قرطاج المسرحي في دورته الاخيرة بمسرحية (نساء لوركا) التي قدمناها على مسرح الحمراء على مدى يومين باقبال جماهيري كبير مما اضطر البوليس التونسي للتدخل لفض الزحام من المسرح، وحقق العرض نجاحا كبيرا كأفكار ورؤى جمالية وكحضور نسوي متميز جدا، وقال الاساتذة الكبار في تونس: لو كانت هناك جوائز لأخذ هذا العرض المسرحي افضل الجوائز، وهذه الشهادات موثقة، وعلي ان اذكر ان العرض لم يكن ايصاله الى تونس سهلا و لم تكن هناك عقول عراقية متفتحة ساندت (محترف بغداد المسرحي) كي يصل ويمثل المسرح العراقي في هذه التظاهرة الدولية المسرحية، اذ وفرت له تذاكر السفر وما يحتاجه للوصول الى هذا المحفل، واوجه شكري للدكتور برهم صالح نائب رئيس الوزراء والسيد جابر الجابري وكيل وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح.

* بصراحة.. كيف وجدت المسرح العراقي قياسا لغيره؟
- لازال في الطليعة، قالوا لنا هناك: كنا نظن ان العراق دمر نهائيا بعد الاحتلال،، وهاهو الابداع العراقي متوهج الان، وانه تأكيد على ارادة الشعب العراقيوارادة مبدعيه، وهذا ليس غريبا على بلد صاحب حضارة عريقة وسليل حضارة تمتد الى ما يزيد عن سبعة آلاف سنة في العمق التاريخي البشري.

* ما الكلمة التي تودين قولها من خلال عملك كفنانة؟
- آن الاوان كي يلتفت الينا، الى هذه الشريحة المثقفة، رجل الدولة والسياسة، وان يضع في اعتباره ان بلدا لاثقافة فيه لن تقوم فيه للسياسي قائمة، لذلك عليه ان يرعى هذه الشرائح والفئات وان يمنحها حقها في التكريم ودورها في القيادة، وتفعيل واقع الحياة الثقافية والفنية في العراق.