نبني الحياةَ
جسداً، جسداَ
يأتي الموْتُ
فيأخذ الحياةَ
روحـاَ

كمْ درْباَ ستقْضي
ـ أيها الحوذي ـ
قبل أن تستيقظ امرأةُ النّبيذ
كمْ يداً ستأخذُ
ـ أيُّها المُفلسُ ـ
بعد أن تُفرغَ الشَّفَقَ
في سرَّةِ الأَمْشاجْ


أو قولي ـ يا صغيرتي ـ
كمْ عَرَقاً يمسحُ مُضْغَةَ
الأمواجْ

من هنا مرَّ حلاّقُ نعلي
لمْ يكن ثملاً ـ كعادته ـ
لمْ يكن متأبِّطَ الأنهارْ
بل ظلَّ طيلةَ شمسهِ
يتقوزحُ تحت سقيفةٍ
أثريَّةٍ
غمرتْ بجرارها بابَ المدينهْ
هلْ سكبَ الحماقة فوقَ جواربي؟
هلْ مسَحَ النَّهارَ بِدَوْخَةِ
البحَّارْ؟
أمْ يا ترى،
هذي اللّيالي عظاتْ؟


و إذنْ..
سأُسرِجُ للبندقيّةِ كأْسَ الرَّفيقْ
أيّها الموْتُ العشيقْ
كمْ جسداً ستُفرِغُ هذا
المساء؟
كمْ ورقاً سوف يَبْلَى؟
قمرٌ في الطَّريقْ
ويدٌ مُغْمَضَه
أجهشتْ بالحريقْ


لمْ يكن فجرُ الذُّبابةِ غائماً،
أو مُبحراً في الهباءْ
غير أن المساءَ هوَى
فانثنَى موْقفُ البحرِ
مالَ قليلاً نحوَ اليسارْ
يسارِ الأنينْ
ثمّ قليلاً نحوَ دفينِ طنجهْ
والمركبُ لمَّا يحِنْ
و بِذاتِ العينِ
لوَّح المجدافُ بكأسهِ
الأولَى
بيد أنَّ البحَّارةَ ظلّوا
مراراً
يثقبونَ سلالمَ الماء
والشِّباكُ عارية
إلأّ من هواهاَ
إذ طفقتْ بين الثرى ـ تباعاً ـ
تُمضْمِضُ الأشجارَا


سوف نترك أوتادنا في الأمالي
سوف نغبِطُ جرَّةً هيفاءَ لمْ تكنْ
ونمرُّ بجارٍ طليقْ
أكلَ الشِّباكَ
وأفرغَ الأَوتارَا
طيْفاً بليلاً لمْ يكنْ
أو هكذا شُبِّهَ لريقهمْ
ثمَّ عسعسَ يُروِّضُ المدى
وفي الصباح يرسم النَّدى
يمُدُّهُ قليلاً صوْبَ شاطئِ طنْجَةَ
صوب ليْلٍ صفيقْ
ليْلِ حمَّالةِ الأحداقْ