منير بولعيش من طنجة:ربما يكون من الصدف الجميلة حقا (والغريبة بالضرورة)، أن ينحدر ثلاثة من أهمّ فرسان فن التصويرالفوتوغرافي وأفلام الفيديو في المغرب: (منير الفاطمي، يطو برادة، حمزة الحلوبي) من مدينة طنجة، ثلاثة مبدعين يعتبرون اليوم من أهمّ الأسماء التي استطاعت أن تصل بفضل ابتكاراتها و اقتراحاتها البصرية إلى الصعيد العالمي، رغم السياقات والمنطلقات الفنية الخاصة التي يبدع فيها كل واحد منهم، فإذا ما كانت الفنانة يطو برادة تركز في جل أعمالها على مدينة طنجة كفضاء للإشتغال و الإبداع، فإن اقتراحات حمزة الحلوبي تبدوا مهمومة بأسئلة الهوية والعلاقة بالآخر، أما الفنان الإشكالي منير الفاطمي فإن أغلب أعماله تنحوا نحو مساءلة الطابوهات والمحرمات الدينية والإجتماعية والسياسية.
أعتقد أن هذه المقدمة كانت ضرورية قبل الحديث عن المعرض الذي يشهده حاليا رواق دولا كروا بطنجة و الذي يتم فيه عرض أحدث أعمال التركيب والتصوير الفوتوغرافي وأفلام الفيديو الخاصة بالفنان منير الفاطمي وهي مناسبة للجمهور المغربي لمعرفة الآفاق الجمالية الجديدة التي وصل إليها هذا الفنان الخلافي ذو الرؤية الطليعية والأفكار الجريئة والذي استطاع رغم صغر سنه من عرض أعماله بأهم الأروقة و صالات العرض في العالم: (المغرب، إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، هولندا، سويسرا، اليابان، إنجلترا، إيطاليا، ألمانيا، نيوزيلاندا، إيسلندا، الإمارات، جنوب إفريقيا، بلجيكا، السنغال، لبنان، الدنمارك...) والمعرض الذي يحمل إسم connexion 02 يعد استكمالا للمشروع الجمالي الذي كان منير الفاطمي قد بدأه سنة 1998 والذي يعتمد فيه على توظيف و استثمار السلك الكهربائي و جعله المادة الأساسية الأولى في أعماله، مستفيدا في ذلك من ليونته التي تجعله يوظفه في أشكال و حالات مختلفة و متعددة مشحونة بالضرورة بالأفكار و الرؤى التي يتحرك منير الفاطمي في سياقها والتي يقارب في أغلبها مسألة الإتصال والتواصل بين الجنس البشري وأيضا بين الثقافات والإيديولوجيات والمذاهب الفكرية والدينية المختلفة.
و بخصوص هذا المعرض قال منير الفاطمي لإيلاف، أنه اختار له اسم connexion 02 لأنه حاول أن يناقش من خلال الأعمال المعروضة تلك القضايا التي تتعلق بمسألة صعوبة التواصل بين الثقافات المختلفة التي يعيشها عالم اليوم رغم المظهر الخادع الذي تمنحه لنا العولمة بخصوص هذا الأمر، كما أن هذا المعرض يبقى فرصة لعرض و مناقشة الأزمات التي يتخبط فيها العالم خاصة قضايا الإرهاب و التسلط المفروض على الإنسان من خلال العقائد والأنظمة التوتاليتارية و الأصولية بمختلف تجلياتها و تمظهراتها السلطوية و ذلك من خلال زاوية نظر مختلفة...
و من جهة أخرى أكد الفاطمي أنه ومن خلال ابتكاراته الفنية يحرص دائما على تمويه المتلقي و ذلك بشحن أعماله بمضامين رمزية تنتج عنها تأويلات مختلفة، بالإضافة إلى أنه يهتم بإحداث صدمة عند من يشاهد هذه الأعمال، لأنه يطمح دائما إلى خلخلة بعض القناعات وإثارة التفكير في بعض المسلمات و المساعدة ـ ربما ـ على إلغاء الكثير من الطابوهات.
ولد منير الفاطمي بمدينة طنجة سنة 1970 في وسط عائلي محافظ، سافر و هو في سن السادسة عشرة إلى روما من أجل استكمال دروسه في الرسم حيث قضى هناك ثلاث سنوات، في سن العشرين من عمره تأثر بفلسفة جيل البيت ((beat geacute;neacute;ration التي اتخذها كأسلوب حياة و نمط تفكير في فترة من فترات حياته، له العديد من الأعمال المهمة التي أمنت له صيتا كبيرا على الصعيد العالمي و ذلك في مختلف الفنون التي يبدع فيها، و من بين هذه الأعمال نذكر:(التبادل الحر، الإتصال الهش، الآخر هو الآخر، من أجل مسلم معتدل، تلاعب، ترويج، شاشة سوداء، فليسامحني الله، إنقاذ مانهاتن...) و قد توج مشواره الإبداعي بحائزة ليوبولد سنغور الكبرى للعمل الفني و التي فاز بها سنة 2006.