إنَّ المسرحي العراقي صوت ضد التخلف والارهاب لابد له أنْ يبقى هادراَ َ

نعمة السوداني: يحتفل المسرحيون في كل بقاع العالم في هذه المناسبة الجميلة وهم يحملون معهم أحلاماً وآمالا ً جديدة لصياغة مستقبل زاهر لخدمة البشرية وان يدفعوا عجلة تطور المسرح نحو الأمام. الفنان المسرحي العراقي هو جزء من هذه الحالة الاحتفاليه الكبيرة مع اختلاف الظروف التي يمر فيها العراق من أحتلال وانفجارات وقتل وتدمير للثقافة والى كل شئ له صله بالتطور الانساني قياسا ً مع ظروف البلدان وشعوبها في العالم...
لابد للفنان المسرحي الذي يعي ذاته وضميره أن يعي ضمير الشعب من خلال تلمس احاسيسه وادراكه بقدراته على متغيرات الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي محاولاً تفسير الظواهر وتغييرها حسب مواقفه الفكرية لما فيه من بؤس بالواقع اليومي وتخلفه منطلقا من اجل تجاوزها في المستقبل حسب قانون التغييرات الحتمية التاريخية لاي مجتمع في الكون... و برغم كل الظروف التي يمر فيها مجتمعنا العراقي الان من تخلف وجهل وعودة الى الخلف, الا انه يبحث في افق الحرية والديمقراطية المنفذان المهمان للابداع ومن دونهما لا قيمة له ويتطلع الى عالم جديد.
وكماهو معروف سابقا كان الفنان محددا في خيارين.. أما مع السلطة و عليه ان ينفذ كل برامجها ليضمن عيشته وسلامة حياته.. واما ان يكون معارضا وخارج اطار السلطة مطارداً بعيداً عن واقعه و يعيش حالات من الاغتراب الكاملة.. وهذا ينطبق على من يكون داخل العراق او خارجه...
أن الفنان( المسرحي ) مطالب اليوم ان يكون اكثر صدقا مع نفسه ويحمل قيم انسانية عالية تصل الى حد التضحية متلمساً لدوره التاريخي والريادي في بناء عراق جديد لآن -الأمم تقاس في حضارتها على أساس تطور مسارحها وتطور الحركة الثقافية فيها - مستوى تطور فنون الشعوب - ويقع على عاتقه تحديث وتطوير المجتمع وبالاخص في هذه الفترة العصيبة المظلمة التي يمر فيها - المجتمع العراقي وحركة المسرح - في آن واحد والتي تتعارض فيها كل امال الفنانين مع ( السلطات المسلحة ) التي تحاول منع كل ما يتعلق في تطوير الحياة الانسانيه مع غياب دور الدولة في ( غض النظر ) عن حماية الفنانين,فالقمع والارهاب يتستران خلف مفردات الحرية والديمقراطية... وان ما تعنيه موضوعة الحرية في المسرح وما تشكله من خطر على سلطة الاخر .. هناك ( فئات ) الان في العراق غير معنية بالثقافة بقدر ما هي معنية بتجيير ثقافتها لمصلحتها فقط , وبالتالي فهي لا تريد فتح المجال امام الفنان للتعبير عما يدور ... فليس هناك فسحة للعمل ... اليوم هناك مازق صعب يعيشه الفنان العراقي في ( المسرح ) لعدم وجود احترام للفن والثقافة..من هذا كله لابد من ان يكون هناك التغيير الحقيقي والتجديد في الواقع العراقي ومحاربة بؤر التخلف والفساد والجهل ...وقد نتلمس من هذا قيمة الخسارة والانتهاكات التي تمرفيها الفنون والثقافة وبالتالي الابداع الفكري ....
إن المسرحي العراقي صوت ضد التخلف والارهاب لابد له ان يبقى هادرا ً ..لانه الصوت النقيض الذي يصرخ دون تردد عما يحدث.. وهوالعين التي تشاهد ما لاتراه العيون الاخرى..
ان من تداعيات الثقافة العراقيه الحالية وأسقاطاتها أن مسرحيين عراقيين ليسوا بالعدد القليل... تركوا العراق يبحثون عن مناخ آمن بعيدا ً عن التخلف والارهاب والقتل الذي يطاردهم والذي لايسمح لهم بالعمل من اجل تنوير مايمكن تنويره ... لقد لحق بالمسرح العراقي الكثير من الضرر وأصاب العديد من مبدعيه بالتشتت والابتعاد مما ادى ذلك في انعكاساته على واقع المسرح العراقي محليا من جمود وانغلاق على العالم....
امنياتنا اليوم ان يكون المسرح العراقي بكل رواده الشرفاء أضاءة مشرقة نراها في كل مهرجانان المسرح العربي والعالمي وليؤكد حضوره الدائم بالرغم من هذه الاجواء المليئة بالتعسف ازاء الفنان .. وأن نرى مسرحنا مسرحاً كونياً ..ملي بالاحداث .. يقدم تجليات الواقع العراقي وما يحمل من تناقضات ...
--- هنا أطلق دعوة الى - كتاب المسرح - بمشاركتهم لهموم الشعب ومعايشته و لتقديم أعمال جيدة يستحق أن يشاهدها لغرض الترفيه عنه لما اصابه من كوارث وأحداث مرعبة خلال العقود الماضية... أن للكتاب العراقيين أهمية بالغة في أستحضار كل ما لديهم من امكانات لرفد المسرح العراقي بكل ماهو حقيقي شريف وصادق...
ولابد ان نقول في التجارب الانسانية العظيمة التي تنعكس على وجدان وضمير الكتاب والفنانين هي تجارب مليئة بالدمار والحروب تقدم ملامح- المعاناة والقلق والتوتر -التي دمرت الواقع الاجتماعي وأدت الى افساده ... العراق لازال يعاني من الجروح لحد الان ....
ومن نبض الحياة اليومي المستمر وبحيوية الفنانين والمثقفين والادباء المنتجين يتحدد حق كل انسان لسبيل الاختيار لثقافته وحريته بالتعبير وان يتمتع برأيه على ان لايخدش ضمير المجتمع.. أن لثقافة ألمسرح بعداً مؤثرا ً عميقا يرتبط بالتنمية فلابد ان تكون هناك عمليات متكامله بين هذا الارتباط لانعاش ديمقراطية الثقافة والفنون باعتبارها مجالا ً مفتوحا ً وبابا ً واسعا ً..
أن الامر الأهم في ذلك هو نبذ الارهاب الفكري... لكي يرتقي المسرح بالثقافة الى مجالات انسانية عالمية ولتتقارب وتتلاقح مع حضارات وثقافات الشعوب من أجل الوصول الى نقاط التقدم في عالم الحضارة الانسانية ...
العراق كان مهدا ً للحضارة ومنبعا ً للفكر والعلم والعدالة.....
دعوة اخرى بأن لا ننسى أن الثقافة والتطور مبنيان على الكلمة الصادقة المعبرة عن الحقيقة.. أن المشروع المسرحي يتقدم ويتطور ويصل الى بوصلته من خلال منطلقاته التي تعبر عن سعادة الناس ..