عبد الجبار العتابي من بغداد: اقامت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين بالتعاون مع الاتحاد العراقي النسائي العراقي المستقل معرض (تشكيليات عراقيات) على قاعة الجمعية الكائنة في المنصور وسط بغداد، بمشاركة فيه (87) فنانة من مختلف الاعمار باللوحات والمنحوتات، من بينهن لوحات للفنانات الكبيرات مثل نزيهة سليم وبهيجة الحكيم وحياة جميل حافظ وسميرة عبد الوهاب وعشتار جميل حمودي وليلى العطار وليلى سليم ووداد الاورفلي وهناء مال الله، كان المعرض بستانا ملونا من ابداع الانامل الناعمة، تقرأ فيه الشعور بالحب طافحا لكل شيء في العراق او الحياة، وترى الامل يشرق من بين (ضربات) الفرشاة او الازميل، تشعر انك تتجول في عالم فيه الروعة علامة فارقة، تشم عطور التفاؤل وتقتبس اشياءك الجمالية منه، ولا اخفي ان عدد المشاركات في المعرض كان اكثر ما يثير الدهشة، وعليك ان تتصوره في ظل ظروف غاية في القسوة على المرأة ذاتها، لكنها تحدت وتغلبت وكانت وسط الضوضاء تبعث من روحها موسيقى السكينة، ووسط القتامة ترفع الوانها لتزين بها الاجواء.
قال قاسم السبتي نائب رئيس الجمعية: ان هذا المعرض هو خطوة تقوم بها الجمعية للفنانات العراقيات لابراز طاقاتهن الابداعية حيث امتازت الاعمال بقوتها وموضوعاتها الجديدة في حوالي مئة لوحة وعمل نحتي وخزفي، واضاف: وقد تم على هامش المعرض تكريم الفنانانت المشاركات بالاضافة الى تكريم الناقد التشكيلي عادل كامل والنحات باسم التكريتي، وكذلك تكريم الانسة ميسون الدملوجي لدعمها للمعرض من خلال اتحادها، وكان من المقرر ان يقام المعرض في عيد المرأة في اذار الماضي ولكن الظروف الامنية جعلتنا نؤجله الى هذا الوقت، واضاف السبتي: يكفينا فخرا ان نقول ان هذا المعرض هو الاكبر في تاريخ العراق الذي شاركت فيه نحو تسعين فنانة من مختلف الاجيال وبمستوى يمكنني ان اقول عنه جيد، لان اكثر من نصف الفنانات المشاركات جديرات بالعرض خاج العراق وهناك افكار لنقل المعرض الى كندا لاقامته هناك، واستطرد: في هذا الزمن غير التقليدي الذي اسميه (السوريالي) يجب المجابهة بطرق غير تقليدية، فالهجمة التي اصابت الذاكرة العراقية ودمرت الارشيف العراقي، والتي قدمت طروحات دينية مقيتة لا علاثة لها بالدين الحقيقيوسياسية هدامة ومن (ثقافة الحواسم)، فكان يجب ان يكون الرد راقيا ونبيلا وقوي ليثبت هذا الشعب للعالم انه شعب حي ويستحق ام يكون شعب الحضارات، والمرأة العراقية يجب ان تؤشر على تجربتها الابداعية وقد عاشت عهودا طويلة من التهميش، انها هنا تؤكد انها انسانة مبدعة ومن الممكن ان تحقق انجازات حضارية، ومن الممكن ان يدخل هذا المعرض للفنانات التشكيليات كتاب (غينيس) للارقام القياسية، لانه لم يسبق ان اقيم معرض للفنانات التشكيليات بمشاركة ضخمة وبهذا العدد لا للعربيات ولا الفرنسيات ولا الهنديات.
وقالت الفنانة هديل النجار: ان الاعمال المعروضة هي نتاج سنوات من العمل المتواصلة ففي هذا المعرض هناك تاثيرات من الفنانين الرواد طغت على معظم الاعمال.
وقالت الخزافة زينب الركابي: ان المزج بين اعمال الرواد والشباب هي تجربة فريدة وبادرة جميلة ان تقوم الجمعية بهذا المعرض.. ان بروز بعض الاعمال للفنانين الشباب يضاهي اعمال الرواد.
وقالت الرسامة فردوس اسماعيل: اعتقد ان وجود لوحات للفنانات مثل نزيهة سليم وبهيجة الحكيم وليلى العطار مع فنانات شابات اعطى مقارنة في الاعمال الحديثة ومستوى التجريب الذي وصلت اليه الفنانة لكي تبقى الخبرة عاملا مهما في تحديد المنجز الفني لهذا تجد تفاوت بين الرواد والشباب بسبب الخبرة.. لكن المواضيع كانت محدثة.
اما الناقد التشكيلي حسن عبد الحميد فقال عن المعرض: هنا.. هيأت زنابق من تشكيليات عراقيات فرصة حرث الارض ثانية وزرعها بأنفاس وبذور تجاوز المألوف بالتحدي تواصلا مع الحياة وبكل ما يعمد ارواحنا بالنور من اجل ان تبقى اجنحة الفراشات طرية لامعة وان يبقى النهر هرولة الانوثة على جسد الطبيعة، وان نفاتح قلوبنا وعقولنا بفائق حبنا لها، اي الحياة، ونضادد فكرة الخوف، فهو من يجعل الناس اشرارا / كما يتباهى في صنع الطغاة دائما، وان نبارك خطواتنا بالحب في عالم يضيق بنا ذرعا ان فارقنا لغة التعبير به،فالجحيم يعني بشكل او بآخر عدم القدرة على الحب، واضاف حسن: هنا.. يتجسد وعيا وثقة وقدرة تتفوه باللون، بالضوء والظل وفضاءات ما اراد البوح هذا المعرض الخاني من نتاج المرأة، المرأة التي يرى فيها البعض انها اكثر قوة وحكمة من الرجل اوقات المحن.
ان المعرض.. صورة معبرة عما يكمن في داخل الابداع العراقي الذي يؤكد تواصله مع الحياة بمواكبة حثيثة لن تثنيها عنه الظروف، وبالاخص منه النسوي الذي اشار هذا المعرض بوضوح ان الفن التشكيلي العراقي متطور ومتحفز وراق.