عبد القادر الجنابي: عندما علمت بمرض صديقي أمير الدراجي، لم أعرف كيف أعبر له عن شعوري الذي أصيب بألم من جراء هذا النبأ.. ناهيك انه لا يستطيع الرد على التلفون. وفجأة أقع على قصيدة انتونان أرتو، من ترجمة الشاعر الصديق أنسي الحاج (1).. قرأتها مرتين، ثلاث، وفي كل مرة أشعر كأنني احتفظت بها، لسنوات (2)، لهذه المناسبة فحسب. ففيها وجدت كل المشاعر التي جاشت فيّ، تلك اللحظة، إزاء إنسان نقي النيّة وواضح البصيرة كأمير الدراجي. فأرسلتها فورا إليه كجرعة شفاء. والآن، بعد أن مر وقت كاف على هذه الصميمية بيننا، أودّ أن اشاطر مشاعري هذه مع قراء إيلاف:

قصيدة انتونان آرتو
ترجمها عن الفرنسية أنسي الحاج

كنت حيا
وكنت هنا دائما

هل كنت آكل؟
كلا
لكن عندما كنت أجوع كنت أتراجع مع جسدي ولا يأكل بعضي بعضا.
لكن ذلك كلّه تفكّك
حدثت عملية غريبة
لم أكن مريضا
سوف أعود فأغزو العافية
دائما بارجاع الجسد إلى الوراء
جسدي يخونني
لم يكن بعد يعرفني جيدا
أن نأكل هو أن نحمل إلى الأمام ما يجب أن يبقى في الخلف.

هل كنت أنام؟
كلا لم أكن أنام
يجب أن يكون الواحد طاهرا ليعرف ألا يأكل
أن نفتحَ فمنا يعني أن نهب أنفسنا الأبخرة الوبائية.
إذاً لا فم!
لا فم
لا لسان
لا حنجرة
لا بلعوم
لا معِدة
لا بطن
لا إست

سوف أعيد بناء الإنسان الذي هو أنا.

1- نشرت في مجلة quot;شعرquot; اللبنانية خريف 1960.
2- قبل اكثر من عشر سنوات، كان لدي مشروع اصدار انطولوجيا شعرية عالمية تحت عنوان: quot;ديوان المصيرquot;، جمعت فيه أفضل الترجمات العربية لمئتي قصيدة عالمية. الأسبوع المقبل، سانشر قصيدة ثانية من هذا الديوان.