عبدالله ناصر الفوزان
ما الذي يجعل شركة الأسمدة (سافكو) تحقق تلك النجاحات الكبيرة المتوالية في حين تواصل شركات مثل شركة أنعام (المواشي سابقاً) وشركة الباحة وغيرهما إخفاقاتها...؟؟
ما الذي جعل شركة أرامكو وشركة سابك تحققان النجاح تلو النجاح وتساهمان مساهمة كبرى في توفير فرص العمل للمواطنين برواتب مجزية في حين تواصل تلك الشركات الصناعية الكثيرة الموجودة بكثرة في المناطق الصناعية في المملكة كبواتها مع أنها لا تعطي للعاملين فيها إلا رواتب متدنية تجعل فرص العمل فيها مقصورة على غير المواطنين...؟؟
لماذا تقف شركات مثل شركات (المجموعة السعودية وسبكيم) على قدميها منذ الأشهر الأولى لولادتها وتبدأ المشي بل والركض في السنوات الأولى في حين تظل شركات أخرى عشرات السنين مصابة بالكساح لا تسير إلا بعربات متحركة...؟؟
سؤال أخير هام... لماذا ظلت شركة مثل شركة التصنيع متعثرة سنوات وسنوات ثم حصلت لها النقلة الكبرى بمجرد أن دخلت عالم صناعة البتروكيماويات...؟؟
الإجابة في رأيي على تلك الأسئلة واضحة، ولا يستطيع الإخوة في شركة سابك تجاهلها ولا أقصد أبدا تجاهل مكامن القوة في الإنسان لدينا ولا تجاهل ما للإدارة الجيدة من أثر، فكل ذلك له اعتباره، ولكني اضطررت للإتيان بتلك الأمثلة وتلك الأسئلة لأوضح مكامن قوتنا ومكامن ضعفنا.
مصدر قوتنا الذي حقق النجاح لشركات مثل سابك وسافكو والمجموعة وسبكيم وغيرها هو تلك الميزة النسبية عندنا أي ذلك الغاز الرخيص الذي يوفر ميزة هائلة لشركات البتروكيماويات لدينا على شركات البتروكيماويات الأخرى في مختلف أنحاء العالم التي تعتمد على لقيم باهظ التكلفة يجعلها لا تستطيع منافسة شركاتنا، والأمر مماثل بالنسبة لبنوكنا الناجحة التي يتوفر لها ميزة كبرى وهي تلك الودائع المجانية بعشرات المليارات وفرض القروض الشخصية التي توفر لها عوائد أكبر بكثير من مستوى الفوائد العالمية، وهذه المزايا العظيمة المتوفرة لشركات البتروكيماويات وللبنوك عندنا هي التي توفر في الواقع لتلك الشركات ولتلك البنوك تلك الملابس الجميلة التي تستر كل مظاهر الضعف وتجعل تلك الشركات والبنوك تبدو في مظهر جميل ناجح.
هذا في رأيي واضح تمام الوضوح، ولكن يبدو أن الإخوة في شركة سابك لا يسلمون به ويقولون (إنما أوتيته على علم عندي) ولذلك أرادوا أن يستثمروا هذا العلم ليس حتى في مشاريع داخل المملكة لا تتوفر فيها الميزة النسبية التي حققت لها النجاح، وإنما في مشاريع خارجية لا تتوفر فيها تلك المزية فاشتروا قطاع الصناعات البلاستيكية بشركة (جنرال إلكتريك) الذي تعثر بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام التي يستخدمها وفضلت شركة (جنرال إلكتريك) بيعه بعد أن وجدت أن البيع هو أفضل خيارات الحلول بعد أن تأكد لها عدم قدرته على منافسة شركات البتروكيماويات التي تعتمد على الغاز الرخيص، وقد اشتراه الإخوة في سابك ليقينهم أنهم يستطيعون التغلب على المصاعب التي تواجهه وجعله يحقق الأرباح المجزية.
حسنا... قلت في مقالات سابقة إنهم أهل لذلك وإننا نحسن الظن ونثق بهم... ولكن العبرة تكون بالنتائج... ولذلك رجوت منهم نشر نتائج قطاع صناعات البلاستيك لنتابع معهم خطوات النجاح. ولكنهم قالوا بالفم المليان... لا... وحجتهم في ذلك أن نشر النتائج تستفيد منه الشركات المنافسة.
سبحان الله... فهذا أغرب ما سمعته... فكل الشركات في العالم تنشر نتائجها... بل إن كل الشركات في كل أنحاء الدنيا تفتخر بالنجاحات وتعلنها... بل أكثر من هذا إن الشفافية تحتم بصرف النظر عن كل شيء الإعلان عن النجاح وعن الإخفاق أيضاً... ولكن في دول العالم الثالث ونحن منها اعتدنا الإعلان عن النجاحات والاحتفاء بها أكثر من اللازم وحجب الإخفاقات بحجج غير مقنعة، واللافت أن تلك الشركة كانت تعلن نتائجها عندما كانت تابعة لجنرال إلكتريك قبل شراء سابك لها.
أول ربع أعلنت عنه شركة سابك بعد شرائها قطاع الصناعات البلاستيكية لشركة جنرال إلكتريك كان الربع الرابع من العام الماضي وقد حققت فيه أرباحا تقل بكثير عن التوقعات والسبب كما يبدو من التحليلات المالية المتواترة آنذاك أن خسائر شركة قطاع الصناعات البلاستيكية أخذت بعض الأرباح ويوم أول من أمس السبت أعلنت مركزها المالي للربع الأول من العام الجديد 2008، وكما حصل في الربع الرابع السابق حصل في هذا الربع فقد كانت أرباحها أقل من المتوقع أيضاً، ولا بد أن السبب هو نفسه تفاقم الخسائر في شركة قطاع الصناعات البلاستيكية، وشركة سابك تعلل ما حصل بالركود في الاقتصاد الأمريكي، وكعادة سابك في عدم دعم أقوالها بالأرقام فلم تذكر لنا الأرقام التي تؤكد أن تراجع أرقام مركزها عن التوقعات راجع للركود الاقتصادي... وطالما أنها لم تذكر ذلك فمن حقي أن أبدي رأيي وأقول إن الركود يؤدي لتراجع الطلب وتراجع الطلب يترتب عليه تراجع حجم المبيعات وتراجع الأسعار، وبالنسبة للأسعار فلم تتراجع، أما المبيعات فلم تعلنها سابك بعد، وسنرى ذلك على أية حال إذا نشرت سابك أرقام مركزها في الأيام المقبلة، ولكن هناك برهاناً ناصعاً لا يؤيد ما ذكرته إدارة سابك وهو أن شركة خليجية مماثلة لسابك قد أعلنت نتائجها قبل سابك وقد حققت قفزة كبيرة في أرباحها في الربع الأول، مما يعني أن العلة ليست في الركود وتراجع الطلب وإنما في ذلك البلاستيك المر الذي أصبح يذوب في عسل كل مركز جديد لشركة سابك.
لماذا لم تقتنع إدارة سابك بأن ما حققته وتحققه ونحققه من نجاحات في الصناعات البتروكيماوية إنما كان بسبب المزايا النسبية المتوفرة لتلك الصناعات في الداخل، وأنه يفترض أن يكون التوسع في هذا المجال وفي نفس المكان الذي سيوفر تلك المزية أي في الداخل وليس في الخارج، حيث تواجه الآن صناعة البتروكيماويات هناك مصاعب وإخفاقات كبرى الأمر الذي جعل أحد المسؤولين في شركة بتروكيماويات كبرى في المملكة يؤكد أن صناعة البتروكيماويات في أوروبا الآن بسبب ارتفاع كلفة المواد الخام لا تستطيع المنافسة وأن إبقاءها بأوضاعها الحالية إنما هو فقط لغرض تنمية المناطق التي هي فيها، وطبعا هذا ينطبق على ما هو موجود في الولايات المتحدة وأي مكان آخر تستخدم فيه تلك الصناعات اللقيم المرتفع القيمة مثل سابك الأوروبية وقطاع الصناعات البلاستيكية (سابك الأمريكية) فهل نحن نريد تنمية مناطق الآخرين...؟؟ ولماذا...؟؟ قد نعود للحديث عن هذا عندما تنشر شركة سابك أرقامها.