منى سلطان من الظهران: أكد متخصص في التأمين أن المشاكل التي يعاني منها قطاع التأمين في السعودية بدأت عند تسجيل ضخ عدد كبير من الشركات دون النظر في حاجة السوق الفعلية، وطالب الخبير السعودي رجاء الله الرفاعي من خلال حديثه لـquot;إيلافquot; مؤسسة النقد السعودية، مرجع شركات التأمين، بسرعة تنظيم لجنة خاصة تتكون من العاملين في شركات التأمين والخبراء في هذا القطاع لتنيظم وضع السوق، وتتطلع إلى السوق التأمينية لضمان عدم المضاربة فيه والإضرار بمصالح العامة، ليكون التنافس على الخدمة وليس على الأسعار كما هو حاصل الآن.

وقال الرفاعي إن الأسعار لا تخضع لتعرفة موحدة لأن السوق التأمينية في السعودية حرة تخضع لمعاير إعادة التأمين وتعتمد على خبرة الشركات ومدى ملاءتها المالية، ما عدا في ما يختص بتأمين السيارات. وحول عدد الشركات المدرجة في السوق المالية ومدى جاهزيتها للعمل، قال: quot;من المفترض أن تتساوى هذه الشركات في الملاءة المالية، لا سيما قد خضعت لشروط مؤسسة النقد السعودية، لكن أداء هذه الشركات يختلف بحسب القيادات العاملة فيها، وقدرة الأجهزة الفنية فيهاquot;

وشدد على أن السوق التأمينية في السعودية ليست بحاجة إلى العدد الكبير من الشركات المدرجة في السوق المالية، مقدرًا العدد الكافي بنحو 10-15 شركة، وذلك قياسًا على حجم الأقساط التأمينية. وطالب الرفاعي شركات التأمين بنشر ثقافة التأمين وتكثيف البرامج التوعية على مستوى الشركات أو الأفراد، واصفًا الوعي التأميني للفرد السعودي بالأقل مقارنة بمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

وكانت غرفة تجارة وصناعة الرياض قد كشفت في دراسة تحليلة عنquot;ضعف وفوضىquot; تعاني منها سوق التأمين في السعودية نتيجة عدم التنظيم المبكر لها الأمر الذي نجم عنه خروج وانسحاب عدد من الشركات التأمينية وضياع كثير من حقوق ومستحقات الأفراد والشركات. ورصدت الدراسة عددًا من الصعوبات التي تواجه شركات التأمين والتي تمثلت في الازدواجية بين الجهات الحكومية وعدم إقبال شرائح كبيرة من الأفراد في المجتمع لعملية التأمين، وعدم الشفافية لدى الجهات الحكومية إلى جانب عدم كفاية المهلة المعطاة من مؤسسة النقد لشركات التأمين للمواءمة مع النظام الجديد وعدم المصداقية وتحايل الإفراد المؤمن لهم .


كما حددت الدراسة بعض الإشكاليات في سوق التأمين بعدم وجود ترخيص نهائي للشركات، وعدم وجود سياسة واضحة لصياغة الأسعار مما يؤدي إلى ظهور شركات ليس لها مصداقية، عدم تأقلم الجهات المنظمة مع معطيات الصناعة وعدم استقرار البيئة القانونية التي يعمل في ظلها القطاع التأميني، وغياب الشفافية في المعلومات، إلى جانب هواجس شركات التأمين ومخاوفهم من التعرض للخسارة، وعدم فهم الأفراد والشركات المؤمن لصالحها لطبيعة وماهية العملية التأمينية وتعثر تطبيق التأمين الطبي الإلزامي .


وقالت إن حجم التغطية التأمينية في السوق المحلي لا تزال دون المستوى المتوقع والموازي لحجم النشاط الاقتصادي بالمملكة . وأضافت أن حالة من الضعف والفوضى قد أصابت القطاع التأميني الذي لم يتجاوز حجم سوقه الإنتاجي حتى الآن حوالى 2.5 مليار ريال، في حين يبلغ الحجم الافتراضي للسوق نحو 10 مليار ريال، مما يعني أن هناك جزءًا كبيرًا مهدر أو ضائع في هذا السوق .

وعزت الدراسة ضعف التغطيات التأمينية في السوق المحلي إلى عزوف فئة رئيسة عن التأمين تتمثل في فئة الأفراد المؤمن لصالحهم بسبب عدم التقدير لمدى أهمية العملية التأمينية ودورها الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب الرفض لفكرة التأمين بسبب الدين والتشكيك في مدى شريعة التأمين والذي أدى الدور الرئيس في تردد الأفراد والشركات في الإقبال على التأمين .

ونتج عن هذا التشكيك عدم إقبال رجال الأعمال السعوديين على الأخذ بالعملية التأمينية، ولكن أيضًا في عزوفهم عن تأسيس وإقامة المؤسسات التي تقوم بالتأمين أو إعادة التأمين. وأشارت الدراسة إلى أن المنشآت تمثل الفئة الرئيسة في سوق التغطية التأمينية بالمملكة حيث تزايد عدد الشركات من نحو 65 شركة في عام 2000م، إلى حوالي 75 شركة في عام 20003م، quot;منها 74 شركة أجنبية وشركة واحدة محليةquot; ثم تقلص هذا العدد بشكل كبير حتى بلغ 15 شركة فقط في أكتوبر 2007م .

وتوقعت الدراسة أن يصل عدد الشركات في قطاع التأمين إلى 45 شركة مع منتصف العام الجاري . وبينت أن عدد شركات التأمين العاملة بشكل رسمي لا تزال أقل من العدد المطلوب والمتوقع في سوق يمتلك طاقات تأمينية هائلة، وأنه قد تأخر كثيرًا عن مسايرة التطورات الاقتصادية في المملكة .

وأكدت الدراسة أن سوق التأمين السعودي يحتل المرتبة الثانية في العالم العربي، حيث وصل إجمالي الأقساط التي حصلها سوق التأمين 994 مليون دولار في عام 2003م، حسب إحصاءات المجموعة العربية للتأمين مشيرة أن هذا الرقم لا يزال صغيرًا نسبيًا بالمقارنة بالمعايير الدولية .

ورصدت الدراسة مقترحات شركات التأمين لتحسين صناعة التأمين المحلية، وتمثلت في ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية في ضبط المنافسة بين الشركات، وإنشاء قواعد معلومات خاصة بالصناعة التأمينية وربطها ببيانات الجهات المعنية وتفعيل دور المحاكم ولجان فض المنازعات فضلاً عن اقتراح إنشاء أجهزة متخصصة لتسوية قضايا التأمين وتنفيذ برامج وخطط فعالة لرفع الوعي التأميني في المجتمع وتطوير البيئة التشريعية لقطاع التأمين وإنشاء معاهد تدريب متخصصة للحصول على كوادر بشرية مؤهلة، فرض التأمين الإلزامي في أنشطة أخرى تشكل أهمية في المجتمع مثل التأمين على الحريق وأخطار المهن وغيرها وتوحيد الأسعار والأقساط بين شركات التأمين وتأسيس قنوات رسمية للتعاون بين شركات التأمين للحد من عمليات ا لاحتيال والتلاعب بوثائق التأمين .

ودعت مقترحات شركات التأمين إلى ضرورة تسهيل الحصول على تأشيرات عمل وعدم التسرع في طرح نسب مرتفعة من السعودة في التأمين وزيادة حدود الشفافية من قبل جميع الأطراف في الصناعة وتوحيد الإجراءات ووضوحها وسهولتها والعمل على إعادة تفعيل دور التحاكم ووضع قوانين وأنظمة لمعاقبة المتحايلين والمزورين في تعويضات التأمين .

وأوصت الدراسة بالإسراع من الانتهاء من كافة خطوات ترخيص الشركات الجديدة حتى يأخذ السوق مساره الإستقراري الطبيعي خلال فترة وجيزة وتعزيز سبل الترويج للتأمين التعاوني كنشاط تأميني يتسق مع الشريعة الإسلامية واستمرار النظر في بنود النظام الجديد للتأمين وإتاحة الفرص لمراجعته أو تعديله بشكل دائم ومستقر لتحسين أدائه وجودته في البيئة المحلية، إضافة إلى البحث عن السبل المناسبة لتعزيز مساهمة بعض أنواع التأمين كوسيلة رئيسة لتشجيع الادخار المحلي للأفراد والشركات .


وقالت الدراسة إن سوق صناعة التأمين قد مرت بمرحلتين رئيستين هما مرحلة المسار العشوائي للصناعة أو مرحلة التأمين بدون تنظيمات واضحة ثم مرحلة التنظيم القانوني للصناعة واعتبرت الدراسة عام424هـ هو التاريخ الفيصل بين هاتين المرحلتين، حيث أنه يمثل نقطة التحول الرئيسة في تنظيم الصناعة عقب صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني والذي يعد النظام القانوني الأول الذي أعطى الصناعة بعدًا تنظيميًا واضحًا وصريحًا.