نحو برنامج تكميلي ثاني يمتد إلى العام 2025
اهتمام متزايد بتطوير الصناعات التقليدية في الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر
تبدي الحكومة الجزائرية اهتماما متزايدا بقطاع الصناعات التقليدية، هذا الأخير استفاد من 5 مليارات دينار (ما يعادل نحو 63 مليون دولار) منذ العام 2003، ويرتقب أن يستفيد من أغلفة مالية إضافية تبعا لمراهنة السلطات على الأدوار التي يمكن أن تلعبها الصناعات التقليدية ضمن النشاط الاقتصادي العام، احتكاما إلى وزن ونوعية المنتجات اليدوية الصناعية التي تبرع الأنامل الجزائرية في إنجازها، في صورة الحلي والخزف والألبسة والمفروشات.

وشهدت الجزائر، الخميس، إنشاء أول قرية للحرف، حيث ستكون فضاء للصناعة التقليدية و السياحة و التجارة، وفي مقام رئيس ستعنى القرية المستحدثة بترقية منتجات حرف مختلف مناطق الوطن، وصرّح quot;مصطفى بن بادةquot; الوزير الجزائري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية أنّ القرية المذكورة تعد فضاء مستداما يهدف الى تثمين لكفاءات في مختلف ميادين الحرف، كما تعتبر بحسب المسؤول ذاته quot;نافذة مستدامة لجميع الحرفيين ومنتجات الصناعات التقليديةquot;.

وفي سياق سعيها للقضاء على البطالة وخلق ثروات منتجة، تريد الجزائر دعم قطاع الصناعات التقليدية بحكم قدرته على امتصاص العاطلين عن العمل واكتساب يد عاملة معتبرة، علما إنّ مشروع قرية الحرف هو في حقيقته إحياء لهيكل قديم، طالما أنّ القرية بشكل مغاير كانت موجودة، حيث كان هذا الفضاء مخصصا للصناعة التقليدية، لكن محاولات تطويرها ظلت حبرا على ورق منذ سبعينيات القرن الماضي، رغم التطور الذي شهده القطاع وحجم منتجات الصناعات التقليدية الذي شهد ارتفاعا عبر مختلف مناطق البلاد.

وكشف الوزير الجزائري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية انّ بلاده تعمل على تحضير برنامجا ثانيا موجه للقطاع اعتبارا من العام 2010 على أن يمتد إلى آفاق العام 2025، وسيكون البرنامج إياه بحسب المسؤول الأول عن القطاع، تكميليا للخطة التي شُرع في العمل بها سنة 2003، ورافقها استمرار غياب فضاءات لترقية وكذا العراقيل التي واجهها تسويق منتجات القطاع، وهما عاملان ظلا يشكلان quot;نقاط سوداءquot; في سماء محترفي الصناعات التقليدية.

ويدعو خبراء إلى إنشاء 50 ألف مؤسسة مصغرة سنويا على الأقل في هذا القطاع، علما إنّ الأخير يستوعب حاليا 15 ألف مؤسسة فحسب، وهو رقم ضعيف جدا بالمقارنة مع النسب العالمية، استنادا إلى quot;عبد الحق لعميريquot;، وهذا الواقع تسبب في نزيف كبير، حيث فضّل الآلاف من متعاملي الصناعات التقليدية التوجه إلى أعمال أخرى، بسبب غلاء المواد الأولية سيما في صناعة الآواني الفخارية، ومختلف أنواع الخزف.

كما يشتكي كير من الحرفيين من تنامي المنافسة الأجنبية في عقر دارهم، على منوال النموذج الصيني الذي اكتسح مدنا عديدة في الجزائر، واقترح منتجات هائلة وبأشعار أتت عشر مرات أقل مقارنة بالأسعار التي يقترحها الجزائريون ذاتهم، وهي مفارقة فسرها هؤلاء بغلاء المواد الأولية ومعاناتهم المستمرة من الضرائب التي تثقل كواهلهم.

وتفيد بيانات الوزارة الجزائرية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وجود ما لا يقلّ عن 13 ألف حرفي شاب ينتظرون فرصا لإنشاء مؤسساتهم الخاصة، كما أنّ آلاف الطلبات لشبان لهم مؤهلات في مجالات معرفية وأخرى يدوية وبحوزتهم تصورات مجدية اقتصاديا تنتظر الضوء الأخضر من البنوك والإدارات المعنية، مع الإشارة إلى أنّ الفترة القليلة الماضية شهدت ميلاد ثلاثمائة مؤسسة مصغرة نشأت بدعم من الوكالة المحلية لدعم وتشغيل الشباب، ويقود هذه المؤسسات شبان تتراوح أعمارهم بين 22 و35 سنة، وتختص مؤسساتهم بالنشاط الحرفي والصناعات التقليدية من الدباغة والحلي، بينما اختار آخرون الاشتغال بقطاع الصناعات الكهربائية والفنون وكذا الطباعة، وقد مكنت هذه المؤسسات من تشغيل مئات الأشخاص، وقد تستوعب آلاف المستخدمين حال اتساعها لاحقا.