عبدالرحمن مصطفى : داخل الجامعات المصرية تصل إلى مسامعك قصص عن علاقات عاطفية بين شباب وفتيات، تشاهد بأم عينك شبابا لديهم الجرأة أن يمارسوا الابتذال علنا دون خشية أو خوف، لكن تبقى أغرب القصص وأطرفها أن تعلم أن طالبا تزوج طالبة بعقد quot;عرفيquot;، ورغم القصص والحكايات الصحفية، ومشاهد الدراما المصرية التي قدمت هذه القضية على أنها فاجعة قومية وكارثة إنسانية، إلا أنك لن تستطيع منع إحساسك بالحيرة كلما سألت طالبا عن حالة زواج عرفي عرفها فلا تجد إجابة وكأنك تتحدث عن ظاهرة متعلقة بالشيوخ والعجائز، في الوقت الذي تأتيك من نفس الطلاب عشرات القصص عن علاقات جنسية أو عاطفية وتحرشات وابتذال بين الشباب والفتيات .

في عام 2003 نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية خبرا عن دراسة أجراها المجلس القومي للسكان وجامعة القاهرة والجامعة الأميركية في مصر تكشف عن وجود 400 ألف حالة زواج عرفي بين الشباب المصري في السن من 18 إلى 30 عاما، الأهم هو ما ذكرته الدراسة أن نسبة الزواج العرفي بين طلاب الجامعات هي 6 % من مجموع طلاب وطالبات الجامعات المصرية.
نفس الصحيفة نشرت عام 2005 تقريرا عن الظاهرة استندت فيه إلى نفس الدراسة مضيفة كلمة quot;سنوياquot;جانب عبارةquot;400 ألف حالة زواج عرفيquot;، ورجح التقرير أن الأعداد قد تصل إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم استنادا إلى أن الظاهرة quot;سريةquot;، إلا أننا نستبعدما ذكره التقرير عن وجود 400 ألف حالة زواج عرفي quot;سنوياquot;بين الشباب ونكتفي بما ذكر في الخبر .

في عام 2004 راجتعلى شبكة الانترنتمادة صحفية منقولة عن إحدى الصحف المصرية ذكرت أن دراسة قدمت للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر تشير إلى أن هناك 30 ألف حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم.. نفس الدراسة أشارت إليها الزميلة أمينة خيري في تقرير كتبته عام 2005 على صفحات الحياة اللندنية مضيفة أن نسبة الزواج العرفي بين طلاب الجامعات المصرية حسب نفس الدراسة هي 17% بواقع 255 ألف حالة. أي انها ارتفعتبعد أن كانت 6% في 2003 في خبر الشرق الأوسط، مع العلم أن الأرقام تنتمي إلى جهات بحثية مختلفة .

بالأمس نشرت صحيفة القبس الكويتية خبرا تحت عنوان quot; 130 ألف زواج عرفي في الجامعات المصريةquot; عن إحصائية رسمية أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعي تؤكد أن 17% من طلاب وطالبات الجامعات المصرية متزوجون عرفيا، بواقع 255 ألف حالة تماما مثلما ذكر تقرير الحياة اللندنية عام 2005، إلا أن الإضافة الجديدة كانت رقم130 ألف طالب وطالبة أمكن حصر أعدادهم بواسطة الوزارة المصرية، نفس الخبر نشر بتاريخ 15 ابريل /نيسان في صحيفة الوطن السعودية .
الأرقام لم تأت بجديد سوى رقم 130 ألف الذي يستند إلى جهود الوزارة المصرية في حصر هذه الفئات من الشباب.

بعض الخبثاء يتساءلون عن كيفية حصر الجهات المذكورة تلكالأعداد الألفية؟ والأكثر جهلا بقواعد الدراسات الإحصائية ربما يتساءل عن كيفية إعداد إحصائية عن علاقات زواج quot;سريةquot; بين الطلاب؟ وهل تنجح تلك الجهات يوما ما في إحصاء أعداد الشباب الذين يقيمون علاقات غير شرعية مع الفتيات؟ أم أن الإحصائيات السابقة قدمت العلاقات غير الشرعية في قالب quot;الزواج العرفيquot; ؟!.

ربما تبدو الأسئلة ساذجة وتنم عن جهل، لكن إن امتزجتبرأي آخر يفسر تلك القصص والأرقام بأنها محاولة للالهاءبقصص مثيرة، ربما يبدو الأمرفي صورة أكثر جدية، وربما إن امتزجت تلك التساؤلات بتساؤلات أخرى حول توجهات المراكز البحثية وهل تقومبتسويق عملها إعلاميا عن طريق هذه الدراسات في ظل تردي أوضاع البحث العلمي في مصر، ربما يدفعنا ذلك إلى محاولة طرح القضية بصورة أخرى .

فعندما نفكر أن بين كل خمسة من شباب الجامعات المصريةواحد يحتفظ بورقة عرفية يمارس بها حياته الزوجية مع طرف آخر فنحن أمام أرقام مخيفة، والأكثر غموضا ألا نشعر بهذا الواحد بيننا في الجامعة، بقدر ما نشعر بكثيرين يبتذلون سويا دون عقود عرفية أو رسمية ولا يشار إليهم في الإحصائيات البحثية.